بداية "العصر الذهبي" للهند.. تجربة تستحق أن تعرفها
الهند توافرت لها عدة عوامل لإطلاق العصر الذهبي، تشمل رغبة المستثمرين العالميين في بناء مصانعهم في نيودلهي وانخفاض أسعار النفط
يوشك العصر الذهبي للهند على بدء تكرار تجربة العملاق الصيني، الذي تفوق منذ نهاية القرن الماضي، بفضل حكومته الذكية واستثماره في البنية التحتية، وتركيزه على الصناعات التي شكلت إضافة للاقتصاد والقوى العاملة.
يتوقع الخبراء أن الرياح هبت بما تشتهي الهند في عام 2020، فهناك عدة عوامل توفرت لإطلاق "العصر الذهبي" للبلد الآسيوي مع انعقاد الآمال بهيمنة العلم على الاقتصادات.
وفقا لموقع مجلة "فوربس" الأمريكية، توافرت للهند عدة عوامل تساهم في إطلاق العصر الذهبي، وهي رغبة المستثمرين العالميين في بناء مصانعهم في نيودلهي، لتوافر وجود طلب محلي قوي على الإنتاج، وقوة شرائية متزايدة مع انخفاض أسعار النفط.
الطلب المحلي
ويبقى السؤال هل العالم متحمس بشأن إمكانات الهند الطموحة؟ والإجابة هي يبدو الأمر كذلك.
على سبيل المثال: أولئك الذين يتطلعون إلى نقل مصانعهم العالمية واسعة النطاق إلى الهند، سيكون الشرط الرئيسي الماثل أمامهم، وجود طلب محلي قوي على الإنتاج.
وحيث يبلغ عدد سكان الهند 1.3 مليار نسمة، يبلغ عدد الطبقة الوسطى الطموحة نحو 300 مليون نسمة، لذا من المؤكد أن الهند لديها القدرة على توفير هذا الطلب.
في حين تتمتع أيضًا بقوة شرائية متزايدة، إذ يبلغ الناتج المحلي الإجمالي الاسمي للفرد 2199 دولارا.
ومن المتوقع ارتفاعه إلى 5625 دولارا بحلول عام 2030.
وحتى إذا افترضنا بشكل عام أن النسبة غير التقديرية قد تصل إلى 75%، فمن المتوقع أن يزيد الإنفاق التقديري بنحو 500%.
ونجحت الهند على جبهات عدة، مثل: مجالات تكنولوجيا المعلومات أو تعهيد العمليات، التي تحقق إيرادات تقارب قيمتها قيمة صادرات كبار مصدري النفط الخام.
ومما يعد مدهشًا أيضًا، أنها نجحت على الرغم من الشكوك بشأن ممارسة الأعمال التجارية.
لكنها تظل العوائق أمام هذه الانطلاقة هي شهرتها بإجراءاتها الروتينية وطرقها البيروقراطية المربكة، ولديها عادة التخلي عن المستثمرين الأجانب مثل: "فودافون" و"بوسكو".
أسعار النفط
وتتضمن العوامل الرئيسية الأخرى، انخفاض أسعار النفط؛ فالهند تستورد 220 مليون طن من النفط، أي 80% من احتياجاتها، بما قد يصل إلى 100 مليار دولار.
لهذا سيخفف انخفاض الأسعار وتوجيه الاعتماد على الصخر الزيتي ومصادر الطاقة المتجددة، من حجم الإنفاق.
في حين ظلت أسعار الفائدة والتضخم تحت السيطرة حتى الآن.
شغف عالمي
ويتضح من شغف أبرز الجهات العالمية التي تتسارع للاستثمار في شركة الاتصالات الهندية (Reliance Jio) بما فيها: فيسبوك، وشركة (KKR) لتصبح العديد من الأسماء الشهيرة جزءًا من طموحات موكيش أمباني الرقمية.
ما هو دور الحكومة في إطلاق العصر الذهبي للهند؟، الإجابة هى أنها اتخذت قرارات صعبة، مثل إلغاء العملات بالفئات الكبيرة، وفرض الضرائب الموحدة، إلا أن هذه القرارات كانت ذات طبيعة انكماشية.
وعلى الرغم من الفوز بالأغلبية في انتخابات العام الماضي، غير أن حكومة ناريندرا مودي لم تضع بعد أي سياسات تحويلية، فهي ترغب بطريقة ما تحقيق النمو الرأسمالي إلى جانب العمل بعقلية اشتراكية.
وإذا كان انتشال شعبها من الفقر هو نيتها حقًا، سيكون من الأفضل لها السير على خطى الصين، من خلال تعزيز تيسير الأعمال، والاستفادة من التحولات الجيوسياسية المتغيرة. وهنا يكمن الأمل في الهند.
كيف نجحت الصين؟
الصين كانت سريعة في تطوير المناطق الاقتصادية الخاصة، مع تركيزها على التصنيع والصناعات الموجهة نحو التصدير.
وفيما يعد الاقتصاد الصيني الآن ثاني أكبر اقتصاد في العالم، حيث نما بوتيرة وصفها البنك الدولي بأنها "التوسع الأسرع المستدام لواحد من أكبر الاقتصادات في التاريخ".
ومما سمح للصين بمضاعفة ناتجها المحلي الإجمالي كل 8 أعوام، وأدى إلى إنقاذ نحو 800 مليون شخص من براثن الفقر، إذ يبلغ نصيب الفرد الواحد من الناتج المحلي الإجمالي حوالي 100 ألف دولار، بعد أن كان يقدر بألف دولار في عام 2000.
لكن بينما تنمو الاقتصادات، قد تتباطأ حركتها مع تزايد حجمها.. وفي حالة الصين، أدى ارتفاع الأجور إلى جعلها أقل تنافسية.
لذا تحتاج الصين إلى التفكير في تعزيز أعمالها الصناعية وتنويعها، والتفكير بجوانب أخرى غير تكوين الثروات، مثل: البيئة، وإحاطة المناطق الصناعية بالأراضي المفتوحة للزراعة بكثافة، التي يطلق عليها اسم "الحزام الأخضر".