الهند تملي شروطها.. دبلوماسية تجبر واشنطن على التكيف
في سياق دولي بالغ التعقيد، حافظت الهند على سياسة خارجية تراعي مصالحها وتحترم غيرها من الدول، رافضة الانصياع لتوجيهات أمريكا.
توجه تتبناه حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، تحدثت عنه فى وقت سابق صحيفة "واشنطن إكزامينر" التي قالت إن نيودلهي رفضت إدانة العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا، وتتخذ موقفا مستقلا من مسألة العلاقات مع موسكو، مستنكرة "الاحترام الغريب" الذي تكنه لموسكو.
الهند وروسيا
اتخذت روسيا والهند مزيدا من الخطوات لتعزيز تعاونهما العسكري الاستراتيجي في وقت بالغ الصعوبة على المستوى الدولي.
وقبل أيام قليلة، أعلنت موسكو أنها تريد بناء الجيل القادم من المركبات المدرعة والغواصات بالتعاون مع الهند.
وأوضح رئيس الخدمة الفيدرالية الروسية للتعاون الفني العسكري، دميتري شوغاييف، أنه "يجري العمل لتنظيم إنتاج البنادق الهجومية AK-203 في الهند".
وأضاف أنه "من المتوقع أن يبدأ الإنتاج التسلسلي في أواخر عام 2022 وأوائل 2023. كما يسير تنفيذ عقود بناء 11356 فرقاطة في روسيا والهند كما هو مخطط له".
ولفت إلى أنه رغم الحرب المستمرة مع أوكرانيا والتي أدت إلى فرض عقوبات دولية، إلا أن موسكو احترمت التزاماتها التعاقدية وقامت تسليم جميع الأنظمة، بما في ذلك نظام الدفاع الجوي S-400، وفقًا للجدول الزمني.
وبحسب شوغاييف، فإن موسكو تقدم للهند تقليديًا النماذج المتطورة من الأسلحة والمعدات العسكرية، مشيرا إلى أن "روسيا هي الدولة الوحيدة التي تشارك في تعاون واسع النطاق مع الهند في مجال التقنيات العسكرية المتطورة بما في ذلك نقل المعرفة إلى الشركاء الهنود".
وقال: "خلال أكثر من 60 عامًا من التعاون العسكري التقني، طبقت بلادنا، في الواقع، مبدأ الصنع في الهند".
مشاريع ثنائية
وفي وقت سابق، ذكرت شبكة "روسيا اليوم" الإخبارية، أن البلدين بدآ تنفيذ عدد من المشاريع الثنائية، بينها العمل على مجموعة براهموس (سلسلة من صاروخ جوال جرى تطويره بشراكة الهند وروسيا)، والإنتاج المشترك لمقاتلات من الجيل الخامس، وإنتاج مقاتلات من طراز "سو-30" ودبابات من طراز "تي-90".
وفي مارس/آذار عام 2019، فتحت الدولتان مصنعا في مدينة كورفا الهندية لإنتاج رشاشات كلاشنيكوف.
ونقلت القناة عن خبراء قولهم إن "القوات البحرية الهندية مزودة اليوم بمعدات عسكرية روسية الصنع بمقدار 80%، والقوات الجوية الهندية - بمقدار 70%، حيث إن روسيا قامت في أثناء فترة التعاون العسكري الفني بين البلدين بتوريد معدات عسكرية إلى الهند بقيمة تزيد على 65 مليار دولار".
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2018، وقعت موسكو ونيودلهي عقدا بتوريد 5 مجموعات من أنظمة "إس-400" الصاروخية الروسية، بقيمة أكثر من 5 مليارات دولار، ومن بين العقود العسكرية الأخرى بيع 4 فرقاطات عسكرية روسية ودفعة كبيرة لأنظمة "إيجلا" الصاروخية إلى الهند.
وفضلا عن التعاون العسكرى، تحدت الهند طلبات أمريكية لها بالحد من مشترياتها من النفط الروسي، وضاعفت كمية النفط الروسي لها بنسبة 30 ضعفًا خلال الأشهر الـ3 الماضية، مقارنة بصادرات المدة ذاتها من العام الماضي، وفقا لرويترز.
تكيف أمريكي
تعد سياسة نيودلهي تجاه روسيا مخيبة لآمال الولايات المتحدة التي تعول عليها كثيرا فى "رعاية مصالحها" بآسيا، وفي مقدمتها احتواء الصين ومنافستها.
وفي مقال نشره موقع "أوراسيا ديلي"، كتب ليفون سافاريان، يقول إنه في الواقع الجيوسياسي الحالي، لا تتصرف الهند كقوة "إقليمية كبرى" فقط، بل تطمح إلى دور القوة العظمى على مستوى العالم. علما بأن كلاً من موسكو وواشنطن بحاجة إلى علاقات فاعلة مع نيودلهي.
فبالنسبة لروسيا، يتابع الكاتب، يوازن التعاون مع الهند نفوذ الصين المتنامي في المنطقة وداخل منظمة شنغهاي للتعاون، على الرغم من التعاون الثلاثي داخل هذه المنظمة والعلاقات الروسية الصينية الوثيقة.
أما الهند، أيضا أحد شركاء روسيا الرئيسيين في التعاون العسكري التقني: فعلى مدار 30 عاما، حصلت نيودلهي على أسلحة بقيمة 70 مليار دولار من روسيا، ولهذا السبب، لم تنضم الهند إلى العقوبات ضد روسيا.
وفي المنظور الأمريكي، تقف الهند حجر زاوية في التصور الأمريكي عن المحيطين الهندي والهادئ مع إمكانية تحولها فعليا إلى قوة عظمى حقيقية. ففي سياق المواجهة الأمريكية مع بكين، ترى واشنطن في نيودلهي الركيزة الأكثر فاعلية في معادلة كفة الصين في المنطقة.
لكن من الواضح أن واشنطن ليست مستعدة للتضحية بعلاقتها المميزة مع شريكها القادر على خلق توازن فعال في المستقبل مع الصين من أجل الأزمة الأوكرانية.
فقد قال نائب مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي، داليب سينج، إن "الأصدقاء لا يرسمون خطوطا حمراء لبعضهم البعض"، مؤكدا أن واشنطن لن تحظر أو تعرقل بأي حال واردات الهند من النفط والغاز الروسيين.
وفي وقت سابق، نقلت شبكة "سي إن إن" عن هارش بانت، أستاذ العلاقات الدولية في كينجز كوليدج لندن، قوله إنه مع أهمية الهند لجهود واشنطن لمواجهة صعود الصين، التي تعتبرها الولايات المتحدة تهديدًا محتملاً للسلام العالمي أكبر من روسيا، فقد كان على الغرب أن يقلل الانتقادات. وأدركت الولايات المتحدة أنها بحاجة إلى معاملة الهند على أنها "شريك جديد يحتاج إلى استمالة".
وأصبحت كل من نيودلهي وواشنطن قلقتين بشكل متزايد بشأن القوة العسكرية المتنامية للصين، ومطالباتها الإقليمية في البر والبحر، ونفوذها الاقتصادي المتزايد على جيرانها الأصغر.
aXA6IDMuMTQ0LjExNS4xMjUg جزيرة ام اند امز