التضخم يلتهم فرحة أسواق السودان بقدوم رمضان
لم تكن حركة "تَسوّق" السودانيين وتحضيراتهم لشهر رمضان المعظم هذا العام، بذات المقدار الذي كانت تشهده السنوات الماضية.. ما السبب؟
ومع اقتراب حلول الشهر المعظم، غابت السيول البشرية التي كانت تغطي الأسواق السودانية بمثل هذه الأوقات، في حين يؤكد أصحاب محال تجارية أن حركة الشراء تشهد تراجعا ملحوظا دون المتوقع.
وأجبر الغلاء الفاحش في أسعار السلع كثيرا من السودانيين على الاكتفاء بشراء المطلوبات الضرورية لصيام رمضان، وهو ما فرض حالة من الركود على الأسواق في البلاد.
- السودان يدرس قرارا "صعبا" بشأن الصمغ العربي.. ما هو؟
- البنوك السودانية تنضم للنظام المالي العالمي
- لماذا رفع السودان أسعار الوقود.. وزير النفط يجيب لـ"العين الإخبارية"؟
وتنازلت العديد من العائلات السودانية عن تجديد الأواني المنزلية وهو تقليد درجت عليه لاستقبال شهر الصوم العظيم، كما لم تقم الأسر بشراء سلع السكر والبصل والزيت والبقوليات بكميات كبيرة هذه السنة على غرار ما كان يحدث في السابق.
ويتزامن حلول رمضان مع تراجع غير مسبوق في الاقتصاد السوداني يتجلى في ارتفاع غير مسبوق بمعدل التضخم الذي تجاوز 300%، وانخفاض قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية، إذ يبلغ الدولار 378 جنيها.
وألقت هذه المصاعب الاقتصادية بظلال سالبة على حركة البيع والشراء في الأسواق السودانية وسط قلة من الجماهير تحاول إنعاش التسوق عن طريق طلب المستلزمات الضرورية.
الريف وصينية رمضان
وتقول فاطمة أمين وهي سيدة سودانية في العقد الرابع إنها "حضرت إلى السوق لشراء بعض المستلزمات الضرورية، وستستكمل العديد من احتياجات شهر الصوم من أقاربها بالريف السوداني نظرا لغلاء الأسعار في العاصمة الخرطوم".
وأضافت فاطمة خلال حديثها لـ"العين الإخبارية": "طلبت من أقاربي في الريف منتجات زراعية تستخدم كمشروبات رمضانية وتزين الموائد في الشهر المعظم، كالكركدي والدخن، والعرديب والقنقليز، والقضيم، إذ ترتفع أسعارها في الخرطوم".
وتابعت "هذه حالة الكثير من العائلات التي تسكن بجواري، فغالبيتهم يعجز عن الحصول على مستلزمات شهر رمضان نسبة لغلاء أسعارها".
وفرض الغلاء الطاحن على ساجدة عبدالله، سيدة سودانية في العقد الثالث، التخلي عن عادة محببة درجت عليها خلال السنوات الماضية، وهي استبدال الأواني المنزلية أو ما يعرف محليا بـ"صينية رمضان" بأخرى جديدة تقديرا لهذا الشهر المعظم".
وتقول لـ"العين الإخبارية" "لم يعد بمقدورنا شراء أوانٍ منزلية جديدة لقد ارتفعت أسعارها بشكل جنوني، ونحن نريد توجيه ما لدينا من مبالغ لتوفير الاحتياجات الضرورية".
مبررات التجار
عزوف الأشخاص عن شراء احتياجات رمضان، أثار مخاوف أصحاب المحال التجارية بشكل كبير من التعرض لخسائر مالية نتيجة لضعف حركة التسوق.
يجلس محمد عبدالكريم 54 عاما، أمام متجره في سوق منطقة "الشقلة" جنوبي مدينة أمدرمان، عارضا بعض المنتجات الخاصة بشهر رمضان، وهو ينتظر زبائنه الذين لم يكونوا بذات حماس العام السابق.
يقول عبدالكريم لـ"العين الإخبارية" "هناك ضعف شديد في عملية الشراء، نقضي يومنا في الانتظار فالجميع هنا يشتكي من غلاء الأسعار، فهذا الوضع سيعرضنا لخسائر كبيرة".
وأضاف "لم نكن نحن سبب الغلاء فقد وضعنا هامش ربح بسيطا على المنتجات مراعاة لأوضاع المواطنين، لكن ما يحدث الآن نتيجة الاقتصاد المتهالك وارتفاع معدلات التضخم".
وليس ببعيد عن ذلك، يشتكي مضوي بدرالدين صاحب متجر بإحدى أسواق إمدرمان من ركود حاد في بضاعته بعد أن جهز كميات من السلع الرمضانية منذ وقت مبكر.
وقال مضوي في حديثه "للعين الإخبارية" "نعرض سلعا رمضانية مثل الكركدي، والعرديب، والسمسم، والتبلدي، لكن حركة الشراء ضعيفة جدا مقارنة بالسنوات الماضية".
وينفذ السودان برنامجا للإصلاح بإشراف صندوق النقد الدولي من أجل إنقاذ اقتصاد متهالك ورثته السلطة الحالية عن نظام المعزول عمر البشير.
وقضت التدابير الإصلاحية حتى الآن بإلغاء دعم الوقود وتوحيد سعر الصرف ورفع أسعار الكهرباء، الشي الذي خلف غلاء طاحنا في البلاد.