التضخم يحرق أوروبا.. اقتصادات القارة العجوز على أعتاب الركود
لم تترك الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا منذ 24 فبراير/شباط الماضي دولة أوروبية إلا وتركت بصماتها على اقتصادها.
ولم تفلت دولة بالقارة العجوز من تداعيات الأزمة الأوكرانية، مع ارتفاع التضخم الذي جاء مدفوعا بارتفاع أسعار الوقود في ظل مخاوف مستمرة من وقف إمدادات النفط والغاز من روسيا.
الأرقام تؤكد أن منطقة اليورو تتجه للأسوأ، حيث سجل معدل التضخم في المنطقة رقما قياسيا جديدًا عند 9.1% في أغسطس/أب، ارتفاعا من 8.9 في يوليو/تموز، و8.6% في يونيو/حزيران وفقا لـ"فوربس".
وتشير التقديرات إلى أن التضخم في منطقة اليورو قد يصل إلى 10% بحلول نهاية العام الجاري.
ولكبح جماح التضخم يتوقع أن يرفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مجددا، حيث سبق ورفعها بمقدار 50 نقطة أساس في يوليو/تموز.
رفع الفائدة
ودعت مجموعة من قادة البنك المركزي الأوروبي إلى رفع معدلات الفائدة سريعًا لمكافحة التضخم المتسارع الذي من المرجح أن يسجل 9% هذا الشهر، ما يعزز من احتمالية رفع الفائدة خلال الأسابيع القليلة القادمة.
تشير التوقعات إلى تسجيل التضخم 9% هذا الشهر في منطقة اليورو، مع ارتفاع أسعار الطاقة العالمية.
يشعر صانعو السياسة بقلق متزايد من ارتفاع التضخم في الأجل الطويل فوق هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2%، ما يؤدي إلى فقدان الثقة في جهود البنك لمكافحة التضخم.
ويتجه البنك المركزي الأوروبي نحو رفع الفائدة إلى حد كبير، لمستوى يتراوح بين 50 و75 نقطة أساس، بعد أن رفع البنك المركزي الأوروبي سعر الإيداع بمقدار 50 نقطة أساس إلى الصفر الشهر الماضي في أول زيادة له منذ أكثر من 10 سنوات.
في ظل جهود مكافحة التضخم، تزداد المخاوف من أن أسعار الطاقة المرتفعة ستقلل من الاستهلاك وتؤثر في الناتج الصناعي، مما يدفع المنطقة إلى حالة من الركود خلال أشهر الشتاء.
ودخل اقتصاد منطقة اليورو في يوليو/تموز في مرحلة الانكماش لأول مرة منذ تخفيف إغلاقات كوفيد-19 في فبراير/شباط 2021.
ألمانيا في مأزق
في ألمانيا، يتوقع مكتب الإحصاء الفيدرالي، ارتفاع التضخم في أغسطس/أب بنسبة 0.3% ليسجل 7.9%، بدفع من ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، التي قيّدت مداخيل الأسر.
ومقارنة مع البيانات التنسيقية مع بيانات التضخم من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى (HICP)، بلغت نسبة التضخم 8.8% على مدار العام، بعد ارتفاع غير متوقع بنسبة 8.5% في يوليو/تموز، حسبما كشف مكتب الإحصاء.
أورد تقرير مكتب الإحصاء الفيدرالي الألماني، أن أسعار الطاقة، التي شهدت ارتفاعًا قياسيًا منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية، كان لها "تأثير كبير في معدل التضخم المرتفع".
ارتفعت أسعار الكهرباء المنزلية والوقود بنسبة 35.6% في العام المنتهي في آب/أغسطس، بحسب الوكالة.
ويذكر أن أرقام التضخم المرتفعة أعلى بكثير من معدل 2% المستهدف من قبل البنك المركزي الأوروبي.
فرنسا تقاوم
في فرنسا، ارتفع التضخم السنوي إلى 6.1% في يوليو/تموز، بعدما بلغ 5.8% في يونيو/حزيران، وهو أعلى مستوى له منذ يوليو/تموز 1985.
أفاد المعهد الوطني الفرنسي للإحصاء أن ارتفاع معدل التضخم السنوي في فرنسا كان مدفوعًا بارتفاع أسعار الخدمات والمواد الغذائية والسلع المصنعة، أما عن أسعار الطاقة فقد استمرت في التأثير في أرقام التضخم ولكن بشكل أقل قوة مقارنةً بالأشهر الأخيرة.
فقد ارتفعت أسعار الطاقة في الأشهر الأخيرة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية التي أثارت قلقًا في الأسواق العالمية، وإن كانت قد تراجعت قليلاً في الأسابيع الأخيرة بسبب مخاوف بشأن النشاط الاقتصادي في الصين خصوصًا.
ارتفعت أسعار الطاقة في فرنسا بنسبة 28.5% على أساس سنوي في يوليو/تموز بعد أن سجلت ارتفاعًا بنسبة 33.1% في يونيو/حزيران.
أيضًا صعدت أسعار الخدمات إلى 3.9% في يوليو/تموز مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وكانت قد بلغت 3.3% الشهر الماضي.
نمت أسعار السلع الغذائية بنسبة 6.8% بعد أن سجلت 5.8% الشهر الماضي، كما ارتفعت أسعار السلع المصنعة 2.7% في يوليو/تموز، بعد أن كانت 2.5% خلال الشهر الماضي
بريطانيا تتأهب للأسوأ
في بريطانيا قفز التضخم إلى 10.1% في يوليو/تموز، كأعلى مستوى له منذ فبراير/شباط 1982، ارتفاعًا من معدل سنوي قدره 9.4% في يونيو/حزيران، مدفوعًا بارتفاع أسعار المواد الغذائية.
جاءت أكبر التحركات في معدل التضخم السنوي من الغذاء، لتمتد الضغوط التضخمية إلى ما وراء الطاقة، ما زاد من أزمة تكلفة المعيشة.
قفز معدل التضخم السنوي للمواد الغذائية إلى 12.7% في يوليو/تموز، ارتفاعًا من 9.8% في يونيو/حزيران، وهو أعلى مستوى له منذ أغسطس/آب 2008 عندما بلغ 13.2%، بحسب بيانات مكتب الإحصاءات الوطنية.
زاد معدل التضخم السنوي في أسعار جميع السلع الاستهلاكية إلى 13.5% في يوليو/تموز، مقابل 12.7% في يونيو/حزيران 2022.
صعد مؤشر أسعار المستهلكين لجميع الخدمات بنسبة 5.7% في يوليو/تموز، مقابل 5.2% في يونيو/حزيران.
الخطر يحاصر هولندا
وفي هولندا ارتفع معدل التضخم إلى 12% في أغسطس/ آب لأول مرة، مدفوعًا بارتفاع تكاليف المعيشة، ما يعد أعلى مستوى شهري منذ بدء الإحصاء والتسجيل في عام 1963.
يعاني المواطنون والشركات من ارتفاع التكاليف في خامس أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، خصوصًا لِما تعانيه أوروبا من دفع فاتورة باهظة لتوفير احتياجاتها من الطاقة، بعد وقف إمدادات الغاز الروسي، بسبب الحرب الأوكرانية.
أوضح مكتب الإحصاء المركزي الهولندي في بيان أن، "الطاقة كانت أغلى بنسبة 151% في أغسطس/ آب، مقارنة بالشهر نفسه قبل عام".
قفز معدل التضخم بنسبة 12% على أساس سنوي في أغسطس/ آب، ويعد أعلى مستوى تم تسجيله في هولندا منذ أن بدأ المكتب المركزي للإحصاء قياس أرقام التضخم الشهرية في عام 1963.
كان معدل التضخم قد بلغ 10.3% في يوليو/ تموز، وتجاوز معدل التضخم في أغسطس/ آب الماضي الرقم القياسي الشهري السابق البالغ 11.1% في عام 1975.
أشارت شبكة سي بي إس الهولندية إلى أن آخر مرة تجاوز فيها التضخم السنوي 12% كانت في عام 1945، في نهاية الحرب العالمية الثانية.
أكد مكتب الإحصاء أنه في حين أن الطاقة تسببت في معظم الارتفاع في الأسعار، فإن الغذاء كان أيضًا عاملًا رئيسيًا، لا سيما بسبب زيادة تكلفة المكرونة.
ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 13.1% في أغسطس/ آب، مقارنة بالعام الذي سبقه.
aXA6IDE4LjIyMi4yMC4zMCA= جزيرة ام اند امز