"الانتقام".. وثائق تكشف مكاسب النظام التركي من الانقلاب المزعوم
طالما أكدت المعارضة في تركيا أن نظام الرئيس رجب طيب أردوغان كان المتسفيد الوحيد من الانقلاب المزعوم عام 2016.
ومنذ ذلك الحين تتكشف الحقائق بشأن كيفية استفادة النظام التركي بما جرى ليلة 15 يوليو/تموز قبل 5 سنوات.
وشن النظام التركي منذ "مسرحية الانقلاب" كما تصفها المعارضة سلسلة ممتدة من الضربات بحق خصومه في مواقع السلطة والمجال العام.
وكشف تقرير لموقع نورديك مونيتور الاستقصائي السويدي عن تعرض مسؤول استخبارات في جهاز الشرطة، شن حملة ضد تحويل وكالة إنفاذ القانون الرئيسية في تركيا إلى أداة سياسية في أيدي حكومة أردوغان الاستبدادية عام 2014، للتعذيب الوحشي ثم سجنه بعد ليلة الانقلاب الفاشل.
وفقًا لوثائق المحكمة التي حصل عليها الموقع، تعرض غورسيل أكتيبي، نائب رئيس وحدة المخابرات في المديرية العامة للأمن (أمنيات)، لأيام من التعذيب وسوء المعاملة وأجبر على التوقيع على بيان كاذب يدين فيه نفسه بتهم باطلة.
وخلال جلسة استماع عُقدت في المحكمة الجنائية العليا الرابعة عشرة في أنقرة في 3 مايو/أيار 2018 بعد 22 شهرًا قيد الحبس الاحتياطي، أتيحت الفرصة لأكتيبي للمرة الأولى للكشف عن تفاصيل تعذيبه من قبل فرق أُمرت بإجباره على التوقيع على بيان أعد لدعم رواية الحكومة بشأن محاولة انقلاب.
وأشار أكتيبي خلال التحقيقات إلى أنه تعرض للاعتقال في اليوم التالي للانقلاب وهو في طريقه إلى المنزل للاطمئنان على أسرته، حيث اقتيد معصوب العينين إلى مكتب استخبارات الشرطة في أنقرة.
وقال في شهادته: "التعذيب، الذي بدأ بالسباب والضرب، أصبح فيما بعد أكثر منهجية، مثل تعريض جسدي العاري للماء البارد وكذلك التحرش الجنسي. أتذكر أنني تعرضت للضرب عدة مرات على رأسي بقطعة من الخشب. كان نقص وزني جسدي، شكلاً آخر من أشكال التعذيب. وفقدت الوعي بعد أن ضربوني عدة مرات".
ويضيف قائلا إنه عندما استيقظ كان فريق جديد من المعذبين يقف في الغرفة، حيث وضعوا كيسًا بلاستيكيًا على رأسه وجروه إلى زاوية غرفة في القبو. وهناك "أجبرت على الركوع على ركبتي ويدي مكبلتان خلف ظهري. في هذه الأثناء، قام شخص بالضغط بقوة على الأصفاد، مما تسبب في غرس حديد القيد في معصمي ما نجم عنه جروح عميقة".
استمر التعذيب ستة أيام حُرم خلالها من الطعام والماء والنوم. وهدده معذبوه بتعذيب عائلته أيضًا.
دخل أكتيبي، ضابط استخبارات مخضرم يتمتع بخبرة 24 عامًا في قمع الشبكات الإرهابية والإجرامية في تركيا، في مرمى نيران حكومة أردوغان عندما كشف خطة سرية لتحويل قوة الشرطة إلى قوة تابعة لحزب العدالة والتنمية الحاكم عام 2014.
انتقد أكتيبي الإقالات الجماعية التي نفذتها الحكومة بحق قوة الشرطة، بما في ذلك العديد من القادة المخضرمين، وتحدث إلى وسائل الإعلام وحاول رفع مستوى الوعي حول سياسات الحكومة غير الحكيمة بعد إقالته من القوة في سبتمبر/أيلول 2014.
بدأ استهداف أردوغان لمنتقديه منذ تحقيقات الفساد في 17-25 ديسمبر/كانون الأول 2013، والتي تورط فيها رئيس الوزراء آنذاك أردوغان وأفراد عائلته ودائرته الداخلية.
وتسارعت حملة القمع ضد منتقديه ومعارضيه بعد مسرحية الانقلاب الفاشل في يوليو/تموز 2016، الذي أعطى أردوغان ذريعة لبدء حملة تطهير جماعي دون تحقيقات إدارية أو قضائية، بهدف قمع المجتمع المدني وتكميم أفواه منتقديه وخنق الحق في المعارضة.
وكجزء من حملة القمع الهائلة ضد حركة رجل الدين فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير الانقلاب، تم فصل أكثر من 130 ألف موظف حكومي، بينهم 4156 قاضياً ومدعياً عاماً، فضلاً عن 20571 من أفراد القوات المسلحة من وظائفهم بزعم صلاتهم بجماعة غولن. إلى جانب إغلاق ما يقرب من 200 وسيلة إعلامية وأكثر من 1000 مؤسسة تعليمية وما يقرب من 2000 منظمة غير حكومية دون أي إجراءات قانونية واجبة.
كما قامت الحكومة بمصادرة أو تجميد أصول آلاف الأشخاص الذين يُزعم صلتهم بحركة غولن. ووفقًا لتقرير صادر عن مجموعة حقوق الإنسان منبر السلام والعدالة ومقرها بروكسل، فإن القيمة الإجمالية للأصول المصادرة أو المجمدة تبلغ 32 مليار دولار.
صرح وزير الداخلية التركي سليمان صويلو في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 أنه تم اعتقال ما مجموعه 292 ألف شخص بينما تم سجن 96 ألف آخرين بسبب صلات مزعومة بالحركة منذ الانقلاب الفاشل. وقال الوزير إن هناك حاليًا 25655 شخصًا في سجون تركيا مسجونين بسبب صلاتهم بالحركة.
aXA6IDMuMTYuNjkuMjQzIA== جزيرة ام اند امز