تنتهز قطر الآن مناسبة زيارة المبعوث الكويتي للمرة الثانية لتتخطى جميع الخطوط الحمراء وتتجاوزها
تأخُر حسْم الأمور يزيد المشكلة القطرية تفاقماً ويباعد بيننا وبينها أكثر، فكلما جدد الوسطاء وساطتهم لها، ظنت قطر أنها على حق وأن الكل يخطب وُدها، فما يزيد القيادة ذلك إلا خبالاً، فترتكب القيادة القطرية مزيداً من الأخطاء.
منذ اليوم الأول لقرار المقاطعة وقطر تتمادى أكثر وتكشف أكثر عن وجهها، وكلما تجددت الوساطات كلما أساءت قطر لنا وللوسطاء أكثر، بل إن الإعلام القطري يحول بين تلك الوساطات وبين عودة الأمور لعقالها.
ففي الوقت الذي يرسل الأمير صباح الأحمد أطال الله في عمره مبعوثه لدول التحالف من أجل إحياء الأمل لقطر، تعمّد الإعلام القطري أن يغطي أحداث «العوامية» في المملكة العربية السعودية وكأنه إعلام إيراني، استخدم ذات المصطلحات التي تستخدمها صحيفة كيهان الإيرانية، ومثلما أفسدت قطر الوساطة الأولى واستخفّت بها ونشرت المطالب قبل أن تجتمع مع أمير الكويت، تنتهز قطر الآن مناسبة زيارة المبعوث الكويتي للمرة الثانية لتتخطى جميع الخطوط الحمراء وتتجاوزها وتصطفّ مع إيران في رؤيتها لأحداث «العوامية» وهي تعلم أن عملية «العوامية» بالنسبة للمملكة العربية السعودية أمن وطني وخط أحمر، وتعتقد قطر أنها «تتشاطر» بهذا الاستخفاف بأمن المملكة وبوساطة الكويت، إنما لتعلم قطر أنها حين تبدأ بتطابق في سياستها الإعلامية مع إيران، فذلك يعني أنها اختارت أن تتطابق مع الأهداف الإيرانية، فمن تظن قطر أن السعودية تحارب الآن في العوامية؟ السعودية كما البحرين تحارب خدم وجنود إيران في المنطقة، من تحصن بين سكان الدارز في البحرين وسكان العوامية في السعودية يقاتلون الدولة في البحرين والسعودية ويعلنون الحرب عليها، ممولون ومدفوعون ومدربون من إيران، فتأتي قطر لتستخف بالمخاطر التي تهدد أمن دول الخليج بهذا الشكل وتظن أن العملية لا تزيد عن مناكفات إعلامية؟ ومتى؟ حين تتحرك الوساطة من جديد لإنقاذها.
لا يا سيدي نحن الآن في حالة حرب، وأرواح أبنائنا من القوات المسلحة الغالية علينا على أكفهم وهم يحاربون الإرهاب هنا وهناك من أجل حمايتنا، واستخفافكم بأرواح أبنائنا هو إعلان حالة حرب علينا، بلا مواربة وبلا لف أو دوران و«علينا» هنا تشمل جميع دول مجلس التعاون بأسره، لا البحرين والإمارات فحسب، بل بالكويت التي تواجه خلية العبدلي التي هربتها إيران، لذلك إن لم يقف مجلس التعاون مع المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات والكويت في حربهم على الإرهاب، فسيسقط المجلس بمن فيه وأولهم تلك الدولة التي تظن أنها بمنجى اليوم من تلك النار.
لذا فإن دور الوساطات سواء كانت الوساطة الكويتية العزيزة، أو وساطة أي دولة صديقة وحليفة أن يوجه وساطته لهذا العضو المستخف بأمننا، فحين تتطابق أهداف عضو من مجلس التعاون مع أهداف عدو لهذا المجلس ومحارب له، فعلى المجلس أن يحدد مصير هذا العدو، وعلى الوساطات وخاصة الكويتية أن تحدد مصير هذا العضو لا مصير المطالب الثلاثة عشر.
ليعلم جميع الوسطاء أنه ليست هناك نقاط وسط نلتقي عليها مع قطر حين يكون الأمر تهديدات للأمن، فليس هناك نصف دعم أو دعم بالكامل للإرهاب حتى نتفاوض عليه كما قال الجبير، والمطالب التي وضعتها دول التحالف الرباعي ليست «إملاءات» لعودة العلاقات مع قطر، بل هي شروط دونها تكون قطر قد أعلنت الحرب علينا.
إما أن تكف قطر عن تهديد أمننا، أو القطيعة التامة، وتلك أبسط حقوقنا المشروعة وتلك أقل الأوراق تأثيراً وقدرة، واكتفاؤنا بها إلى اللحظة إكراماً للشعب القطري فقط، فإن اختارت قيادة قطر الاصطفاف مع إيران علينا، عليها أن تتحمل مسؤولية قرارها، وعلى الوسطاء أن يحددوا موقفهم من القرار القطري.
نقلا عن "الوطن" البحرينية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة