صراعات دموية تأكل أركان دولة مليشيات طرابلس الليبية
الصراع تسرب إلى العلن صارخا بحجم التشققات والمشاكل الداخلية المسكوت عنها كثيرا
بدأ الصراع بين أركان حكومة المليشيات في العاصمة الليبية طرابلس يتسرب إلى العلن صارخا بحجم التشققات والمشاكل الداخلية، منذ خروج الجيش الليبي من قلب العاصمة طرابلس، وتزايد أعداد الأتراك والمرتزقة في العاصمة.
هذا الصراع لم يقف عند حد، بداية من المجلس الرئاسي نفسه بين رئيس المجلس فايز السراج ونوابه خاصة أحمد امعيتيق، أو بين المليشيات ونظيراتها التابعة للحكومة ذاتها.
المجلس الرئاسي وبعيدا عن انسحاب أو استقالة عدد من أعضائه وعلى رأسهم علي القطراني وفتحي المجبري، وعمر الأسود، وموسى الكوني، فإن ما تبقى من المجلس منقوص الصلاحيات -وفقا للاتفاق الصخيرات الذي أقر أن تكون القرارات بالإجماع- يشهد صراعا بين السراج وبقية نوابه.
- عودة الاشتباكات إلى طرابلس.. محاولة اغتيال لقائد مليشيا
- رصد طائرتي شحن عسكري تركيتين أثناء مغادرتهما غرب ليبيا
الصراع بين أركان دولة مليشيات صرابلس على السلطة والنفوذ والانفراد باتخاذ القرار، تجلى في خطاب أرسله أحد أعضاء المجلس الرئاسي للجهات الرسمية والمعنية بالدولة ومدير إدارة الشؤون القانونية بعدم اعتماد أي خطاب أو قرار يحمل اسم المجلس الرئاسي إن لم يكن ناتجا عن اجتماع للمجلس ككل وليس أحد أعضائه أو رئيسه، في إشارة لقرارات فايز السراج الفردية.
وفي المقابل كان لفايز السراج قرارات بمحاسبة والتحقيق مع عدد من كبار المسؤولين في حكومته، وإن لم تطبق واقعيا على الأرض، لعدم وجود السلطة القانونية التي تستطيع أن تنفذ مثل هذه القرارات، إلا أنها تشي بكم الشقاق الداخلي في حكومة السراج.
وكان آخر قرارات السراج التي لم تجد طريقها للتنفيذ تشكيل لجنة من المخابرات والأمن الداخلي وجوازات ومنفذ مطار مصراتة للتحقيق في دخول عراب الفوضى والتنظيمات الإرهابية إلى ليبيا برنار ليفي، على الرغم من أنه تلقى دعوة رسمية من أحد كبار مسؤولي حكومة السراج، ونظم له برنامجا يتضمن لقاء وزير الداخلية فتحي باشاأغا.
انتقل هذا الصراع بطبيعة الحال إلى المليشيات التي لم يعد يمر يوم دون اشتباكات داخلية بينها، واليوم الخميس كان أحدها حيث نشب صراع بين المليشيات للسيطرة على تهريب الوقود قرب مدينة الزاوية.
وتعرض عدد من قادة المليشيات لحملة اغتيالات أو تصفية أو اعتقال من قبل نظرائهم في المليشيات الأخرى، ما تسبب في عودة الاشتباكات إلى قلب العاصمة والأحياء السكنية منها، وأشهرها تلك التي حدثت في منطقة جنزور على بعد خطوات معدودة من مقر بعثة الأمم المتحدة في ليبيا.
ويحاول فتحي باشاأغا وزير داخلية حكومة فايز السراج تصفية عدد من المليشيات، نظرا للضغوط الدولية التي تتعرض له حكومة طرابلس جراء تسترها على مطلوبين وإرهابيين، إلا أن هذه المليشيات تتحدى إرادته وقد تشتبك مع المليشيات الأخرى التابعة لباشاأغا.
وخرجت مليشيا "ثوار طرابلس" في استعراض لقوتها العسكرية داخل العاصمة بسيارات عسكرية وأسلحة ومقاتلين، في تحدٍ واضح لباشاغا، خاصة أنه يتهم بموالاة مليشيات مصراتة على حساب نظيراتها في طرابلس، وأنه يخطط لإخراجها من المشهد السياسي والأمني.
وتتصارع مليشيات طرابلس على النفوذ في مناطقها خاصة مع وجود فوارق عقدية وولاءات مختلفة بين الجهوية والانتماءات لتنظيمات إرهابية مختلفة منها الموالي لتنظيم داعش أو القاعدة أو الإخوان.
ومطلع يوليو/تموز الجاري قتل عدد من قادة مليشيات العاصمة الليبية طرابلس، التابعين لوزارة داخلية حكومة فايز السراج، غير الدستورية، في اشتباكات مع مليشيات أخرى تتبع نفس الوزارة في منطقة جنزور، غربي طرابلس.
وسبق قامت مليشيا الردع -تدعي انتماءات سلفية- بقيادة المتطرف"عبدالرؤوف كارة" بتصفية القيادي في سرايا الدفاع عن بنغازي الإرهابي الموالية للقاعدة "فرج شكو" على خلفية تخطيط الأخير للقيام بعمليات تصفية لقيادات بمليشيا الردع.
وكانت مثل هذه الخلافات قد اختفت لوقت طويل أثناء إنشغالها بحربهم ضد الجيش الليبي، إلا أن عدة أحداث أكدت استمرار الضغائن والخلافات المؤجلة بين المليشيات، خاصة بين مليشيا الردع، ومليشيا البقرة -التابعة لتنظيم الإخوان بقيادة الإرهابي بشير خلف الله، ومليشيات مصراتة ضد مليشيات ثوار طرابلس التي يقودها المتطرف هيثم التاجوري.
وبحسب مصادر من داخل العاصمة فإن طرابلس أصبحت تعم بالفوضى نتيجة تواجد المرتزقة السوريين في أحياء المدينة بالإضافة لتواجد عدد كبير من المليشيات مختلفة التوجهات ومنها العقائدية المؤدلجة الأمر الذي ينذر بمواجهة حتمية بين المليشيات فيما بينها.
وأكدت المصادر أن أول بوادر عودة الشقاق بين المليشيات ظهرت الخميس حين هاجمت مجموعة من المسلحين التابعين لمليشيات مدينة مصراتة نظيرتها من مليشيات الزاوية على آثر خلافات في حصص بيع المحروقات في السوق السوداء الموجودة بمدينة الزاوية.