انتكاسة مرتقبة لإخوان تونس.. صراعات داخلية وغضب شعبي يتزايد
سلسلة الانكسارات والانشقاقات الإخوانية بدأت تحرق رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، وتعزله داخل دائرته العائلية المقربة فقط
بعد فقدانها وزنها الانتخابي عام 2019، وخسارة مرشحها للرئاسة، وسقوط حكومتها المقترحة، تتواصل خلال الأيام الحالية انتكاسة إخوان تونس باستقالات وانشقاقات واتساع دائرة المعارضين.
ويرى مراقبون أن سلسلة الانكسارات والانشقاقات الإخوانية، بدأت تحرق رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، وتعزله داخل دائرته العائلية المقربة فقط.
وعلى الرغم من أن الحركة الإخوانية تريد تسويق حالة من الانسجام الداخلي، إلا أن دخان الصراعات القاتلة وزلزال الاستقالات ما فتئ يتصاعد يومًا بعد يوم ليخبر المتابع للشأن العام في تونس بأن حركة إخوان تونس تحمل بذور فناءها في ذاتها.
وخسرت حركة النهضة الأغلبية المطلقة في انتخابات 2019 كما خرج مرشحها للرئاسة عبد الفتاح مورو من الانتخابات بأرقام لا تذكر، وكذلك سقطت حكومتها المقترحة بقيادة حبيب الجملي في نيل ثقة البرلمان.
وشهدت الانتخابات البرلمانية تراجعا كبيرا في حصيلتها الانتخابية من مليون ناخب سنة 2011 إلى 400 ألف ناخب فقط.
الغنوشي ودائرة النار
يطوف الغنوشي حول دائرة هزائمه الداخلية والخارجية، فالرجل الذي يترأس اخوان تونس منذ بروز عروقها الأولى سنة 1972، أصبح يواجه سؤالا ملحا، وهو "إلى متى سيتواصل وجودك على رأس حركة النهضة ؟ وأي جدوى لوجودك السياسي على رأس البرلمان؟
هذه الاستفاهامات الحارقة لم تعد حكرًا على معارضي الإسلام السياسي وحكم التيارات الدينية، وإنما داخل مربع حركة النهضة وعلى ألسنة قياداتها.
أول من أطلق النار السياسية على الغنوشي كان أحد ابرز أقربائه، عبد الحميد الجلاصي، مطلع عام 2020، معلنًا انسحابه من الحركة، لتتواصل صورة التبعثر الإخواني باستقالة أمينها العام زياد العذاري في نفس الفترة.
ثم تتواصل بعد ذلك ليعلن أحد مؤسسي الحركة عبد الفتاح مورو اعتزاله السياسة نهائيا.
الناشط التونسي، عبد الله الغيضاوي، قال إن التصدع الإخواني الداخلي بدأ يرسم نهاية مرحلة الإسلام السياسي في تونس، وبدأت ملفات الفساد المالي والاغتيالات السياسية تنكشف من داخل حركة النهضة وليس خارجها .
وأوضح الغيضاوي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن ملف ثروة الغنوشي المشبوهة أثارت "استياء" أبناء حركته قبل خصومها.
وأضاف: "الجميع يتذكر جيدا تلك الرسالة الشهيرة التي نشرها رئيس مكتب الغنوشي زبير الشهودي في شهر سبتمبر/أيلول 2019".
وكان قد وصف الشهودي عائلة الغنوشي وخاصة صهره رفيق عبد السلام بالفئة "المفسدة والفاسدة "
وأوضح أنه لا يمكن إنكار أن ثروة الغنوشي التي تتمازج مع تمويلات الإخوان من الخارج، أصبحت محل نقد شديد، فضلا عن أن بروز التفاوت الطبقي بين أبناء حركة النهضة بدأ يعجل بالانقسامات بينهم.
الغنوشي وشبح التنحي
رغم موقعه على رأس البرلمان إلا أنه يواجه إمكانية التنحي الأيام المقبلة، ويرى عديد المراقبين بأن جلسة المساءلة يوم 3 يونيو/حزيران ستكون انطلاقة مسار تنحي راشد الغنوشي.
ويطرح الحزب الدستوري الحر صاحب الـ 18مقعدا برلمانيًا (من إجمالي 217) عريضة لعزل الغنوشي على إثر اتهامه بالتخابر مع جهات أجنبية والتنسيق مع رئيس تركيا رجب طيب أردوغان ضد مصالح الأمن القومي التونسي.
وقال حسونة الناصفي، رئيس كتلة الإصلاح الوطني (15مقعدا)، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن العنوان الأساسي لجلسة المساءلة يوم 3 يونيو هو الأسباب التي تدفع راشد الغنوشي إلى دعم أطراف ليبية دون غيرها، وذلك فيه تعدٍ على السيادة التونسية .
وأشار إلى أنه في حال لم يطلب الاعتذار فإن التوقيع على عريضة عزله ستكون واردة جدًا في الأيام القادمة.
ووفق مراقبين فإن الصفعات السياسية التي يتلقاها الغنوشي منذ تواجده على رأس البرلمان في شهر نوفمبر/تشرين الثاني جعلته قاع الترتيب في مستوى الرضا الشعبي.
وقد كشفت شركة "سيغما كونساي " الخاصة باستطلاعات الرأي أن 72 بالمائة من التونسيين يرون في الغنوشي أسوأ شخصية سياسية في تونس وأن دوره كان سلبيًا منذ سنة 2011 في إحلال السلم الأهلي.
ويتوقع مراقبون أن تنهي المعارك السياسية الحالية مسيرة الغنوشي بطريقة دراماتيكية خاصة مع تمدد مساحة المعارضة ضده، وتنامي الخلافات بين أبناء حركة النهضة وتوسع حالة الغضب الشعبي ضد سوء إدارة الاخوان للبلاد التونسية منذ سنة 2011 .
aXA6IDE4LjIyMi4xMTMuMTM1IA== جزيرة ام اند امز