قيس سعيد والنهضة.. صدام مبكر يزلزل عرش الإخوان
صدام مبكر ينبئ بأن المرحلة القادمة قد تخلق تحالفات تلقائية بين رئاسة الجمهورية وقوى سياسية معارضة للإسلام السياسي بدأت ملامحها تتشكل
زادت في الآونة الأخيرة وتيرة الخلاف السياسي بين الرئيس التونسي قيس سعيد وحركة النهضة الإخوانية وسط تراشق بين كلا الطرفين بالاتهامات المتبادلة التي وصلت حد "التخوين".
صدام مبكر ينبئ بأن المرحلة القادمة قد تخلق تحالفات تلقائية بين رئاسة الجمهورية وقوى سياسية معارضة للإسلام السياسي بدأت ملامحه تتشكل و عناصره تجتمع.
سياسيون تونسيون قالوا إن الفرصة سانحة أمام الرئيس التونسي لقلب الطاولة على الإخوان وكشف ملفاتهم الإرهابية ومن ثم تغيير النظام السياسي، وحل البرلمان والدفع إلى انتخابات تشريعية جديدة
والإثنين الماضي، اتهم قيس سعيد، خلال افتتاحه لمستشفى عسكري بمحافظة قبلي الجنوبية، في رسائل مبطنة، حركة النهضة بنهب الأموال العامة، واصفا سياسات زعيم التنظيم، راشد الغنوشي، بالفشل في إدارة الشأن العام.
وضمن رصاص الكلام الموجه لحركة النهضة، قال قيس سعيد إن "الشعب قادر أن يسحب الوَكالة مِمن خان الأمانة"، متسائلا عن "أموال الشعب التي نُهبت على مدى عشر سنوات وعن مصير المليارات التي ضُخت يوم تنظيم الانتخابات".
هذا التصريح الناري، حسب توصيف المتابعين للمشهد السياسي التونسي، فجّر أزمة جديدة بين الرئيس التونسي وراشد الغنوشي، بلغت فيها مستويات التطاحن بين الرجلين درجات متقدمة.
تباين وجهات النظر
الباحثة في العلوم السياسية، نرجس بن قمرة، قالت إن التدافع بين الرجلين تحركه رغبة كل طرف في الاستفراد بالمشهد السياسي وتحديد وجهة الخيارات الكبرى للبلاد.
وأوضحت، في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن الخلافات العميقة بينهما برزت بشكل جلي في قضايا شائكة مثل الموقف المتباين بينهما من الصراع الليبي ومن مسألة الامن القومي التونسي، ومن تركيبة القيادات الأمنية والفريق الدبلوماسي وخيارات تونس الخارجية.
فعلى طرفي نقيض يقف قيس سعيد وحركة النهضة بخصوص النظام السياسي، حيث لم يتردد سعيد عن رفضه لمنظومة الأحزاب القائمة بعد 2011 و في مقدمتها حركة النهضة.
ووفق مصادر مقربة من الفريق الاستشاري للرئيس سعيد فإن تباين وجهات النظر وصل حد الاختلاف الحاد على تعيين قيادات أمنية على رأس وزارة الداخلية وفي مواقع حساسة في الوحدات الخاصة بمكافحة الإرهاب.
وقالت ذات المصادر لـ"العين الإخبارية" إن قيس سعيد يريد تعيين قيادات لها من الخبرة التقنية في محاربة الإرهاب، ولا يريد الدفع باتجاه تعيين أشخاص لهم ولاءات سياسية جانبية.
هذا الخيار لا يخدم، حسب عديد المتابعين، مصالح "الجماعة" المتمرسة وراء جهازها السري الذي تم فضحه من قبل هيئة الدفاع عن الراحلين شكري بلعيد ومحمد البراهمي اللذين تم اغتيالهما في 2013.
وزاد في عمق الخلاف ما كشفت عنه تقارير إعلامية حول لقاء سري جمع مديرة ديوان الرئاسة نادية عكاشة بقيادات أمنية جمدها وزير الإخوان علي العريض سنة 2013.
وزاد هذا اللقاء من مخاوف الحركة الإرهابية وما يمكن أن يلعبه قيس سعيد في المستقبل القريب من دور سياسي، فضلا عن دوره في إغلاق المنافذ أمام استراتيجيات الغنوشي المشبوهة.
خبراء يعتبرون أن المسعى التاريخي لحركة النهضة الاخوانية هو السيطرة على وزارة الداخلية التونسية وإغراقها بمختلف أشكال التمكين الإخواني من أجل طمس حقائق مرتبطة بملف الاغتيالات السياسية في البلاد.
لكن الإخوان فشلوا مع سعيد في صنع نسخة ثانية من الرئيس الأسبق منصف المرزوقي الذي كان في موقع المطيع لرغبات الغنوشي السياسية.
نظام سياسي جديد
ووفق مراقبين للحراك التونسي فإن انتقاد قيس سعيد للأداء السياسي لحركة النهضة جعله محل حملات تشويهية من الصفحات الافتراضية التابعة للإخوان.
ووصلت هذه الحملات حد التهديد بدفعه على الاستقالة إذا واصل في نقده للغنوشي، كما صرح بذلك أحد بيادق حركة النهضة الإخواني في البرلمان سيف الدين مخلوف.
حسن الدافعي المحامي والناشط السياسي قال إن قيس الذي أتى من خارج كل المنظومات الفكرية ومن خارج كل التجارب السياسية التقليدية في تونس (لا يساري و لا علماني) أصبح يثير الرعب داخل البيت الإخواني، وأصبح يخيف مستقبل راشد الغنوشي المنشغل بخلافات حزبه الداخلية.
وأضاف الدافعي، لـ"العين الإخبارية"، أن الفرصة قد تكون سانحة أمام الرئيس التونسي لقلب الطاولة على الإخوان وكشف ملفاتهم الإرهابية التي يجتمع على وجودها أكثر من طرف سياسي وفكري من القوميين ( حركة الشعب وحزب التيار الشعبي) إلى اليساريين (حزب الوطنيين الديمقراطيين وحزب العمال ) وصولًا إلى الأحزاب ذات المرجعية البورقيبية على غرار الدستوري الحر.
وأشار إلى أن مبادرات مناهضة للإخوان قد تلتحق برغبة رئيس الدولة في تغيير النظام السياسي، وحل البرلمان والدفع إلى انتخابات تشريعية جديدة بنظام سياسي جديد.
aXA6IDE4LjIyMS4xMDIuMCA= جزيرة ام اند امز