دكتاتورية الغنوشي.. نيران الصراعات تشتعل بعرش إخوان تونس
خطوة قاتلة تنم عن دكتاتورية تشي بأن راشد الغنوشي البالغ من العمر 78 عاما، لا يزال متمسكا برئاسة الحركة خلال المرحلة المقبلة
حل المكتب التنفيذي لحركة النهضة الإخوانية في تونس لم يكن قرارا مفاجئا كما يعتقد البعض، وإنما طبخه رئيسها راشد الغنوشي على نار هادئة، وكان سيعلنه قبل وقت طويل لولا عثرات تشكيل الحكومة التونسية وأزمة كورونا.
الخبر جرى تداوله منذ أشهر في كواليس الحركة الإخوانية، لكن التصدع الداخلي المهيمن على مفاصلها، علاوة على نكساتها السياسية المتتالية بالشارع التونسي، أجبرت الغنوشي على تأجيل القرار، قبل أن يمنحه تراجع انتشار الجائحة على ما يبدو فرصة إعلانه.
خطوة قاتلة تنم عن دكتاتورية تشي بأن الرجل البالغ من العمر 78 عاما، لا يزال متمسكا برئاسة الحركة خلال المرحلة المقبلة، رغم أنه - حتى حسابيا- رجلا بسنه لن يكون قادرا على تحمل مسؤولية إدارة الحركة ورئاسة البرلمان، علاوة على أن اللوائح الداخلية تفرض عليه تسليم القيادة.
العائلة الغنوشية
ويرى المحلل السياسي التونسي لزهر بنقايد، أن "الغنوشي يعتبر نفسه الحاكم الوحيد والماسك بقبضة الحركة التي يترأسها منذ نحو 50 عاما، أي أنه يتعامل معها على أنها ملكية عائلية وليست حزبا".
وأضاف بن قايد، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن زعيم إخوان تونس لن يترك أبدا مقاليد الحركة لشخص من خارج عائلته، وهذا ما يفسر ما ذهب إليه كثيرون من أنه يتأهب لتسليم مقاليد النفوذ إلى نجله"معاذ" الموجود منذ فترة بمقر الحركة بالعاصمة تونس".
وتابع:"الحركة الإخوانية تعاني منذ فترة طويلة من اهتراء تنظيمي، فضلا عن تراجع شعبيتها بسبب المحصلة الهزيلة لحكمها منذ سنوات، وأيضا جراء انفراد الغنوشي بالقرار داخلها، وإقصاء قيادات منها شكلت خطر على عرش زعيمها".
ولفت إلى أن توقيت إعلان الغنوشي القرار بشأن المكتب التنفيذي لحركة النهضة، والذي يعتبر أعلى هيئة تنفيذية فيها، ليس اعتباطيا بالمرة، وإن أرجأته ظروف ارتبطت في مرحلة أولى بتبعثر أوراق النهضة عقب إسقاط البرلمان لحكومة الحبيب الجملي الإخوانية، ولاحقا انتشار فيروس كورونا في تونس.
لكن المؤكد، بحسب بنقايد، أن الغنوشي ما كان ليفوت وقتا أكبر قبل إعلان قراره، نظرا لضيق الوقت الذي يفرض نهاية عهدته الشهر الجاري، وفق اللوائح الداخلية للحركة.
نيران التصدع
بحل مكتبها التنفيذي، تتصاعد نيران الصراعات الداخلية بالحركة، مؤذنة بصفحة جديدة من الخلافات والانشقاقات التي لم تهدأ وتيرتها منذ أشهر.
ففي مارس/ آذار الماضي، أعلن القيادي بالحركة عبد الحميد الجلاصي، استقالته، دون الكشف عن أسباب، فيما ذكرت مصادر مطلعة أن الاستقالة جاءت على خلفية تنامي ملفات الفساد المالي المرتبطة بعائلة الغنوشي وخاصة ابنه معاذ، وصهره رفيق عبدالسلام.
ولم يكن الجلاصي الأول بقائمة الكوادر الإخوانية المستقيلة من الحركة، بل سبقه كل من مدير مكتب الغنوشي زبير الشهودي، في سبتمبر/أيلول الماضي، والمكلف بالعلاقات الخارجية محمد غراد، في يونيو/ حزيران من العام نفسه، وغيرهما كثيرون.