الأمين العامة لجمعية إنترنت مصر تتحدث عن أهمية تقنيات الجيل الخامس (حوار)
في عصر التكنولوجيا الرقمية أصبح الإنترنت هو العمود الفقري للتواصل والتبادل المعلوماتي في العصر الحديث، حيث أحدث ثورة في كيفية الوصول إلى المعرفة والتفاعل مع العالم.
ومع ذلك، يواجه الإنترنت العديد من التحديات التي تؤثر على فاعلية استخدامه وتوسعه، ومن بين أبرز هذه التحديات قضايا الأمان والخصوصية، حيث تزداد المخاوف من تهديدات القرصنة وسرقة البيانات الشخصية.
- بالأرقام.. أي منطقة بالعالم تمتلك أسرع إنترنت في تحميل الملفات؟
- إيقاف التشغيل التلقائي للفيديوهات وقت النوم.. يوتيوب يختبر ميزة جديدة
وكشفت مريم بهاء فايز، الأمين العامة لجمعية إنترنت مصر، في حوارها لـ"العين الإخبارية" عن أهداف الجمعية، وكيف تسهم في تطوير الإنترنت.
وتطرقت للتحدث عن تأثير تقنيات الجيل الخامس (5G) على الإنترنت، وتابعت موضحة الحلول المقترحة لتجاوز تحديات توسع استخدام الإنترنت في المناطق الريفية والنائية في مصر.
ما أهداف جمعية إنترنت مصر؟ وكيف تسهم في تطوير الإنترنت؟
جمعية إنترنت مصر هي منظمة غير ربحية، تأسست في عام 2012، وتضم في عضويتها مجموعة مختارة من المهنيين والشركات والجامعات والمنظمات الأهلية.
تسعى الجمعية إلى استكمال الدور الرائد الذي بدأته جمعية الإنترنت المصرية في منتصف تسعينيات القرن الماضي، وتتمثل أولوياتها في طرح ومناقشة القضايا التي تسهم في نمو الإنترنت والتكنولوجيات والاقتصاديات المرتبطة بها، وذلك بين المهتمين بهذا المجال.
تعتبر الحوكمة وتطوير السياسات المتعلقة بمستقبل الإنترنت من المحاور الرئيسية للنقاشات التي تنظمها الجمعية، كما تعمل على نشر ثقافة استخدام الإنترنت بين أفراد المجتمع مع توفير سبل المعرفة اللازمة للحماية والخصوصية الكافية لهم، بالإضافة إلى ذلك تنفذ الجمعية برامج بناء القدرات في مجالات حوكمة الإنترنت والتكنولوجيات الداعمة لها.
تعد جمعية إنترنت مصر الكيان الأول في مصر الذي يتبنى مبدأ العمل من خلال تعدد أصحاب المصلحة لتعزيز بيئة مفتوحة وآمنة وحيادية للإنترنت، وهي تدعم مبادئ الشمول الرقمي والابتكار التكنولوجي والتشارك في تطوير المعرفة التكنولوجية.
وتسعى الجمعية إلى نقل وتوطين المعرفة من خلال ربط مصر بالجمعيات الدولية والإقليمية الرائدة في مجالات التكنولوجيا الرقمية.
ما أبرز التحديات التي تواجه توسع الإنترنت في مصر؟ وما الخطوات التي يجب اتخاذها لتجاوز هذه التحديات؟
تطوير البنية التحتية يعتبر أولوية قصوى في مصر حالياً، فمثلاً من خلال مبادرة "حياة كريمة" لتطوير القرى التي تنفذها الدولة، يتم تنفيذ مشروعات عملاقة في 260 قرية لربط 9.3 مليون مبنى بشبكات الألياف الضوئية، لتوفير خدمات الإنترنت فائقة السرعة لجميع فئات المجتمع والمؤسسات الحكومية في كافة أنحاء البلاد، وبلا شك تعد هذه المشروعات عنصرا أساسيا في جهود القضاء على الفقر وتحسين جودة الحياة للمواطنين وإيجاد فرص تنمية اقتصادية حقيقية.
وفيما يتعلق بالإتاحة، يعتبر توفير خدمة الإنترنت اليوم حقا إنسانيا للجميع، شأنه شأن المرافق الأساسية الأخرى التي يحظى بها المواطن، ولذلك يجب تضافر الجهود لإيجاد نماذج عمل وحلول مبتكرة لتوفير هذه الخدمات من خلال شراكة فعّالة بين الدولة وقطاع الأعمال والمجتمع المدني، مع الأخذ في الاعتبار التحديات الاقتصادية التي تواجه تنفيذ هذه المشاريع.
ما التقنيات الجديدة التي يجب أن تتوفر في مصر لتحسين جودة وسرعة الإنترنت واستقراره؟
نتطلع إلى إتاحة تقنيات الجيل الخامس وما تمثله من طفرة في مجال الاتصالات فائقة السرعة، وما يترتب عليها من تطبيقات تعتمد على الواقع المعزز والواقع الافتراضي، ونرى أنه من المُلح العمل على التعريف بمفهوم إنترنت الأشياء لما له من تأثير مباشر في ترشيد وإدارة الموارد والأجهزة الذكية وتحسين جودة الحياة.
ونتطلع كذلك إلى توسع مصر في نشر تكنولوجيا وتطبيقات الحوسبة السحابية، واعتبارها جزءاً أساسياً من البنية التحتية الرقمية لما توفره من مزايا اقتصادية وتكنولوجية، وقد أصدرت مصر سياسة "السحابة أولًا"، وهذا توجه محمود، إلى جانب إعداد مشروع قانون خاص بتصنيف وإدارة وتداول البيانات.
من ناحية أخرى، نؤمن بأن استخدام اللغة العربية في أسماء النطاقات والمواقع الإلكترونية المختلفة سيعزز جهود الشمول الرقمي وتنمية الاقتصاد الرقمي، وسيسهم في استقطاب فئات عديدة من المجتمع إلى شبكة الإنترنت دون التقيد بمعرفتهم بالأحرف اللاتينية، ونتوقع أنه في حال تفعيل وانتشار النطاق الوطني "مصر" ستظهر فرص مبتكرة للتنمية الاقتصادية.
ما التحديات التي تواجه استخدام الإنترنت في مصر؟ وما الإجراءات التي يجب أن تتخذ لضمان الأمان الرقمي للمواطنين؟
التحديات التي تواجه انتشار الإنترنت في العالم متشابهة إلى حد كبير، منها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي وأيضاً التقني، وفي مصر يعد الاستثمار في مبادرات تهدف إلى حماية خصوصية المستخدمين، خاصة النساء والأطفال، من أهم الأولويات الاجتماعية الحالية، يسهم ذلك في ضمان مشاركتهم الفعالة على الإنترنت والاستفادة بما تقدمه من معرفة، وتمكين، وفرص نمو اقتصادي متميزة.
هناك مساحة واسعة لتضافر جهود جميع الجهات المعنية من أجل زيادة الوعي بالاستخدام الآمن للإنترنت للشبكة وتطبيقاتها، وتوفير برامج حماية الخصوصية، وتدريب أولياء الأمور والأطفال عليها، بالإضافة إلى ذلك هناك حاجة ماسة لإيحاد آلية فعالة لمساندة المتضررين من تحديات تتعلق بالتعامل مع الإنترنت والتطبيقات الرقمية بشكل عام مثل سرقة البيانات، أو اختراق الأنشطة الاقتصادية، أو النصب على منصات التواصل الاجتماعي أو التجارة الإلكترونية.
كيف تسهم جمعية إنترنت مصر في تعزيز الابتكار التقني وتطوير الحلول الرقمية في مصر؟
تسعى جمعية إنترنت مصر للوجود والمشاركة في كافة المحافل الداعمة للابتكار في مجال تكنولوجيات الإنترنت وتطبيقاتها وتكون شريكا فاعلا وداعما للصناعة والقائمين عليها من الأفراد والمجتمع المدني والقطاع الخاص وأيضاً لمؤسسات الدولة وجهودها لنشر التكنولوجيا وجعلها متاحة، فضلاً عن اقتراح ومناقشة السياسات اللازمة والملحة لنمو الصناعة وانتشار الخدمة.
والجمعية تهتم أيضاً بمساندة مجتمع ريادة الأعمال والابتكار المصري والمتخصص في مجالات التكنولوجيات البازغة، وذلك من خلال دعم سبل الاحتضان والتدريب وعقد التجارب الميدانية في تطبيقات إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي وتكنولوجيات أجيال المحمول.
وتعمل الجمعية أيضًا على تنفيذ مجموعة من البرامج التوعوية والتثقيفية والتمكينية للتعريف بتكنولوجيا الإنترنت وسبل حوكمتها، بالإضافة إلى ذلك تتطلع الجمعية إلى تبني خطة لتنفيذ برامج باللغة العربية عبر منصات محلية، تهدف إلى تطوير وتوطين محتوى تدريبي تقني متخصص في تكنولوجيات الإنترنت وسبل حوكمتها، هذه المبادرة ستسهم في تلبية الطلب المحلي والإقليمي والدولي على الكوادر المؤهلة في هذا المجال، وسيتم تنفيذ هذه البرامج بالشراكة مع القطاع الأكاديمي وجمعيات المجتمع المدني المهتمة بهذا المجال.
ما السياسات الاستراتيجية المطلوبة لتعزيز بنية الإنترنت؟
بشكل عام بنية الإنترنت في الدول المختلفة تحتاج إلى سياسات استراتيجية عامة وتخصصية في المجالات التقنية، والتنظيمية والاجتماعية والاقتصادية والحوكمية تكون داعمة للاقتصاد والمجتمع الرقمي مع الأخذ في الاعتبار معدلات النمو المرجوة.
ويجب أن تواكب تلك السياسات التطور السريع للتكنولوجيات المعتمدة على الإنترنت ونسب تبنيها في المجتمعات والاقتصادات المختلفة، ويكون لدى الدول الرغبة في تحديث تلك السياسات بشكل دوري تماشياً مع منظومة الابتكار العالمية التي تتسم بديناميكية شديدة.
وعلى سبيل المثال يجب الاستثمار في سياسات على أصعدة مختلفة، مثل المتعلقة بحماية المنافسة، والحيادية التكنولوجية، وأمن الشبكات، وحماية البيانات، وحقوق المستخدمين، وتنمية الأنشطة الاقتصادية المعتمدة على التكنولوجيات الرقمية.
كيف ستؤثر تقنيات الجيل الخامس (5G) على استخدام الإنترنت في مصر وفتح آفاق جديدة للتكنولوجيا والابتكار؟
تقدم شبكات الجيل الخامس بطبيعتها سرعات اتصال فائقة، وسعة شبكة كبيرة وزمن استجابة منخفض مما يدعم فكرة تعميم ونشر استخدامات التطبيقات القائمة على التكنولوجيات الرقمية، منها مثلا الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والواقع المعزز، وهذا يفتح آفاقاً جديدة في مجالات البحوث والابتكار التطبيقي، فهذه الجهود تدعم كافة القطاعات في مقدمتها الصناعي والاقتصادي.
وأتوقع أن يكون القطاع الصناعي وقطاع الأعمال هما الأكثر والأسرع استجابة لدمج التقنيات التي يدعمها الجيل الخامس، بسبب الحاجة الملحة لرفع كفاءة الأعمال وتطوير جودة الخدمات والمنتجات.
أرى أن مصر ستخطو خطوات كبيرة ومؤثرة في مجال الابتكار التطبيقي المتعلق بالتكنولوجيات الرقمية ككل، من خلال خلق بيئة مواتية للتعاون والتشارك بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع الأكاديمي في تطوير المعرفة لخدمة المنطقة.
ما الحلول المقترحة لتجاوز تحديات توسع استخدام الإنترنت في المناطق الريفية والنائية في مصر؟
كما ذكرنا أن المشروع القومي "حياة كريمة" لتطوير القرى المصرية يلعب دورا أساسيا ومؤثرا في جهود الدولة لرفع كفاءة سبل الاتصال وإتاحة الخدمات التكنولوجية، وبلا شك سيُحدث طفرة غير مسبوقة في تبني الثقافة الرقمية بين أطياف المجتمع وخلق مجتمع قادر على المساهمة في تنمية الاقتصاد الرقمي للدولة.
وأرى أنه من أهم الحلول التي تدعم المجتمعات المحلية في المناطق النائية هو تكوين شركات ناشئة وصغيرة لدعم جهود نشر خدمات التكنولوجيا في كافة القرى والنجوع وتساند المواطنين على اختيار الحلول المناسبة لاحتياجاتهم من التكنولوجيات الرقمية، وذلك بهدف توطين أنشطة اقتصادية في كافة القرى والنجوع يحظى بعضها بفرص التصدير للخارج.
ويذكر أيضاً أن مصر لديها تجربة ناجحة في قيام مجتمع أيكولوجي متكامل للمهنيين المستقلين الذين يقدمون خدماتهم التكنولوجية، أو التي تعتمد على الإنترنت وتقنياتها بكثافة عبر منصات العمل الحُر العالمية، ومن ضمن سبل الدعم التي تقدمها الدولة المصرية للمهنيين المستقلين هي التدريب على المهارات الشخصية والتكنولوجية ومهارات العمل الحُر في مراكز إبداع مصر الرقمية "كرياتيفا" المنتشرة في المحافظات المصرية.
وعلى صعيد آخر، تجتذب مصر أيضاً عددا لا بأس به من المهنيين المستقلين الأجانب الذين اختاروا مصر كمقصد لمباشرة أعمالهم منها، وتوافر إنترنت بجودة مناسبة يعد من أهم أسباب اختيارهم لها.
وعلى جانب آخر هناك فرص عديدة ومساحة كبيرة للمجتمع المدني للمشاركة في كافة الأنشطة التوعوية والتمكينية، منها جهود محو الأمية الرقمية والتوعية بمميزات التكنولوجيات الرقمية واستخداماتها، خاصة في مجالات التعليم والصحة والزراعة والثقافة، ولكن بالتوازي يجب العمل على التوعية بآليات حماية النشء والبيانات الشخصية والحماية من النصب الإلكتروني، وتفعيل سبل الأمن السيبراني.
ولأن تجربة التعامل مع التطبيقات الرقمية في قطاع الاتصالات ومبادرات الشمول المالي قد أتت ثمارها في السنوات الماضية وجذبت أعدادا لا بأس بها من المستخدمين، نرى أن قبول المواطن للخدمات الحكومية الرقمية واستحسان التعامل بها سيعزز من نشر ثقافة استخدام الإنترنت وتطبيقاتها.
aXA6IDE4LjIyMi4xNjYuMTI3IA== جزيرة ام اند امز