"العين" وجهاً لوجه مع مصورين عالميين يرسمون بعدساتهم فن الحياة
التقتهم في المهرجان الدولي للتصوير في الشارقة
التقت "العين" مجموعة من المصورين العالمين لتتأمل ما كتبته أعينهم، فتحوا قلوبهم وأنعشوا ذاكرتهم ليتحدثوا عن تجاربهم
"مخيلتي لقطتي" شعار المهرجان الدولي للتصوير "إكسبوجر" في دورته الأولى الذي تحتضنه الشارقة على أرضها، ليقدم تجربة ثرية تعزز موقع التصوير الفوتوغرافي في المنطقة العربية لتكون جزءاً هاماً وفاعلاً على خارطة الفن العالمية. "إكسبوجر" الذي اختتم السبت، لا يهدف إلى تقديم العروض التجارية لكبرى الشركات العالمية في صناعة أحدث الكاميرات، ولا يكتفي بتقديم المعارض الفوتوغرافية فحسب بل إنه نجح بجدارة في أن يكون منصة تستقطب من الطراز الأول عرض التجارب الاحترافية العالمية من خلال دعوة كبار المصورين والمتحدثين العالميين والمحليين الذين أعدوا عدتهم من أجل عقد العديد من ورش العمل وعروض الفيديو والندوات والمسابقات.
"العين" التقت بهم وجهاً لوجه على أرض إكسبو الشارقة، لتتأمل ما كتبته أعينهم عبر سطور ورتوش تعبّر عن ما يدور حولنا في العالم، فتحوا قلوبهم وأنعشوا ذاكرتهم ليتحدثوا عن تجاربهم المختلفة في عالم التصوير وحكاياتهم مع كاميراتهم التي اعتبروها جميعا طفلا مدللا من أبنائهم.
ديفيد هارفي.. "اروها كما هي"
ديفيد هارفي الذي دخل إلى عالم التصوير في الحادية عشرة من عمره ومر بمحطات كثيرة في حياته إلى أن وصل إلى العالمية وحصد جوائز عديدة لخص الكثير من الأمور عن عالم التصوير عندما بدأ حديثه بالقول الكاميرا ليست امكانيات حديثة وتقنيات عالية، ولكنها نظرة عين.
هارفي ولد في سان فرانسيسكو ونشأ في فيرجينيا، وبدأ رحلته بعد أن اقتنى كاميرا لايكا مستعملة ويبدو أنه يعتز بها خاصة عندما أفصح لنا بأنه لا يزال يحتفظ بها بل إنها على حد قوله جزء من نفسي.
عندما سألته عن بداياته قال "انطلقت من عند عائلتي التي تفرغت لتصويرها وتوثيق كل تفاصيل حياتها ثم انتقلت إلى سكان الحي الذي أقطن به في عام 1956. وفي عمر العشرين كان القرار الذي غيّر مجرى حياتي تماماً عندما انتقلت للعيش مع عائلة إفريقية في نورفولك في فيرجينا، لأقوم بمعايشة الآخر والاقتراب من ثقافته. معهم تعرفت على عادات وتقاليد أخرى، وأتذكر أننا بكينا جميعاً في لحظات الوداع، لقد كانت تجربة غنية أسهمت في بناء تكويني كمصور، ولقد أنتجت أول كتاب مصور في حياتي بعنوان "اروها كما هي" الذي تم نشره في عام 1966.
تلك هي التجربة التي دفعتني بعد نجاحها للعمل في مجلة "ناشيونال جيوغرافيك"، التي استطعت من خلالها أن أسافر لمختلف دول العالم وإعداد أفلام وثائقية وصور فوتوغرافية عن العديد من القضايا الإنسانية التي أعتز بمعالجتها مثل حرب فيتنام، والهنود الحمر، وزيارة خاصة إلى المكسيك معشوقتي.
وعن مشاركته في "المهرجان الدولي للتصوير"Xposure يقول: تجربة غنية ومفيدة والأهم أنها تأتي من بلد عربي يقدر الفن وإبداعاته، ويختم حديثه قائلاً: سعيد بتواجدي في هذا الكرنفال الدولي الضخم وأتمنى أن أكون موفقاً في التحكيم في مسابقات المهرجان.
ألبرتو جيزي بانيزا.. الكاميرا ابنتي
ألبرتو جيزي بانيزا يعدّ واحداً من أفضل المصورين الإيطاليين المتخصصين بتصوير الطبيعة تحدث عن إقامة مهرجان للتصوير الدولي قائلاً: فكرة جيدة وهامة وتلبي كافة احتياجات المصورين والتي تبدأ من المهارات الفنية البسيطة والمتطورة إلى المهارات التقنية في كيفية التعامل مع معدات التصوير الفوتوغرافي، وأعتقد أن هذا ما يهدف إليه المهرجان الذي يقيم معرضاً تجاريا يضم أهم الشركات المتخصصة في صناعة الصورة الفوتوغرافية بأنواعها.
الإيطالي ألبرتو ورث حسّه الفني من جده الذي كان رساماً بالفطرة، وعشق منذ طفولته الرسم والتلوين. ولكن زيارته لمصر على حد قوله هي نقطة الانطلاق للاحتراف –والكلام على لسان البرتو- إنها آثار مصر القديمة، التي دفعتني لأتألق في هذا الفن، أتذكر جيداً عندما وقفت أمام معبد أبو سمبل أحسست بأنه يناديني بل لا أبالغ عندما أقول بأنني رأيت الجميلة نفرتيتي تتحدث معي، منذ تلك اللحظة قررت الدخول إلى عالم التصوير بل والوصول من خلاله إلى العالمية.
ومن الآثار انطلق الإيطالي البرتو إلى الطبيعة وعالم الحيوانات، بدأ يسجل قصصهم وحكاياتهم بل انه لم يتردد في القول: أشعر بأنني أفهم لغتهم وربما أتحدث معهم، ويستطرد في الحديث قائلاً: الأفلام الوثائقية التي يتابعها المشاهد عبر القنوات الفضائية المختلفة لا يمكن أن يتصور مدى الصعوبة والمعاناة التي يتعرض لها المصور حتى ينقل تلك المشاهد أتذكر أنني في إحدى رحلاتي إلي كينيا بلد السفاري ظللت أعيش هائماً على وجهي في الغابات والأدغال من أجل تصوير الزواج بين الأسد ولبؤته، وتعرضت لمخاطر كثيرة في رحلاتي ولكن لا مفر.. إنه العشق للتصوير بكل ما أملكه من مشاعر، الكاميرا هي ابنتي بلا مبالغة.
محمد محيسن.. أكتب بعدساتي
الفلسطيني محمد محيسن مدير المصورين في الشرق الأوسط وأفغانستان وباكستان في وكالة أسوشيتدبرس والذي ولد في القدس عام 1981 وحاصل على درجة البكالوريوس في الصحافة والعلوم السياسية، نجح بجدارة في أن يجعل من محنته الوطنية والشخصية نقطة انطلاق له فمع ظروف الاحتلال الصهيوني التي تشكل معاناة حقيقية لكل من يعيش تحت وطأتها لم يستسلم، بل شق طريقه إلى الصعود والنجاح ليصل إلى العالمية رحلة مهنية طويلة على حد وصف محيسن، بدأت عندما انضم للعمل إلى وكالة أسوشيتد برس عام 2001، وخلال مشواره قام بتغطية العديد من الأحداث في الشرق الأوسط، مثل الصراع العربي الإسرائيلي، وجنازة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، والحرب الأمريكية على العراق، بما فيها فترة القبض على صدام حسين.
الحديث مع محيسن يكاد لا يتوقف عن المواقف الصعبة التي تعرض لها والأحداث الساخنة التي كتبها بعينيه عبر عدساته، ولكني توقفت كثيراً أمام عبارته التي بدأ الحديث بها: أكتب بعدساتي. ويصمت قليلاً ثم يستطرد في الحديث بهدوء: أجد نفسي في الأحداث الساخنة قد يرجع ذلك إلى طفولتي التي قضيتها وسط أصوات الدبابات الإسرائيلية والحجارة التي كانت تزين أيدي أطفالنا الفلسطينيين والتي ستظل رمزاً للصمود العربي في وجه آلات العدو الصهيوني، خرجت من فلسطين وأشعر أن كل الأحداث الجسام التي تمر في منطقتنا العربية ما هي إلا تجسيد مصغر لقضيتنا في الأرض العربية المحتلة.
لا يمكن أن أنسى أيامي في أفغانستان أثناء سقوط حركة طالبان والعدوان الأمريكي عليها، ستظل محفورة في مخيلتي للأبد صور الأشلاء المتناثرة من جراء هذا القصف، ولا تزال رغبتي عارمة في السفر إلى مناطق الحروب، آخر محطاتي التي لا تزال مستمرة هي سوريا واليمن وليبيا، وأهم صورة في حياتي المهنية جنازة العبقري نيلسون مانديلا الذي قمت بتصويرها ونقلتها كل الصحف العالمية، وحلمي بدأت أحققه من خلال توثيق أزمة اللاجئين في مختلف أرجاء أوروبا في الآونة الأخيرة.