المخرجة التونسية سلمى بكار: هناك تطور في واقع المرأة بالسينما العربية
حوار مع المخرجة التونسية الكبيرة سلمى بكار، تحدثت فيه عن أعمالها وأكدت أن فيلمها المقبل "النافورة" عن اعتصام الرحيل ضد جماعة الإخوان
تمتلك المخرجة التونسية الكبيرة سلمى بكار تاريخا حافلا بالأفلام المهمة التي شاركت في العديد من المهرجانات، وحصدت جوائز كثيرة، مثل "رقصة النار" و"خشخاش" و"الجايدة"، فضلا عن كونها أول سيدة تعمل في الإنتاج السينمائي في تونس، وكان لها مشاركات واسعة في الإنتاج المشترك مع المغرب والجزائر، وتقديرا لمشوارها السينمائي الطويل كرمها المهرجان الدولي لفيلم المرأة بمدينة سلا المغربية في دورته الأخيرة نهاية الشهر الماضي؛ وذلك عن مجمل أعمالها.
ولم يقتصر عطاء سلمى بكار على عالم السينما، لكنها كانت عضوا في المجلس التأسيسي لوضع الدستور التونسي بعد الثورة ضد نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، حيث تعتبر من أكبر المدافعات عن حقوق المرأة التونسية، كما كانت في مقدمة المشاركين في الاعتصام للمطالبة برحيل جماعة الإخوان المسلمين عن الحكم.
وفي حوارها لـ"العين الإخبارية" تكشف سلمى بكار عن رؤيتها لواقع المرأة في السينما العربية، والقوانين التي صدرت لصالح المرأة التونسية مؤخرا، وتفاصيل فيلمها الجديد الذي يتناول اعتصام الرحيل ضد جماعة الإخوان المسلمين عام 2013 .
هل تكريمك كمبدعة تونسية في مهرجان مغربي مثل "سلا لأفلام المرأة" يحمل نوعا من الخصوصية بالنسبة لك؟
المغرب لها خصوصية بالفعل بالنسبة لي، فأنا لدي علاقة وطيدة بهذا البلد، أو كما يقول المصريون هي "بلدي الثاني"، حيث تعاونت مع السينمائيين المغاربة في إنتاجات مشتركة، سواء كمنتجة أم كمخرجة، وذلك من خلال المركز السينمائي المغربي، كما لدي أصدقاء كثيرون مغاربة، ويزيد من سعادتي بهذا التكريم أنه يأتي من مهرجان متخصص في أفلام المرأة، وكان من الرائع أن تختار إدارة المهرجان أول فيلم لي لعرضه في إطار تكريمي؛ خاصة أنه يعود لعام 1975، وهو فيلم "فاطمة 75" الذي يعتبره البعض متواضعا مقارنة بأفلامي التي قدمتها بعد ذلك، لكن يبقى العمل الأول مثل الحب الأول له الكثير من الحنين.
كمخرجة ومنتجة كبيرة، كيف ترين واقع المرأة في عالم السينما العربية من المحيط إلى الخليج؟
أصبح هناك تطور في السنوات الأخيرة، لكنه أقل كثيرا من طموحاتنا، فنحن كمبدعات نطمح أن تكون نسبة ما تقدمه المرأة 50% مما تقدمه السينما العربية، أي النصف بالنصف مع الرجال، لكننا مازلنا بعيدين عن المساواة التامة مع المخرجين، لكن الوضع حاليا في تونس مثلا وهو الذي أتابعه عن كثب أصبح عدد المخرجات 4 أضعاف العدد الذي كان موجودا وقت أن بدأت العمل، وبعد الثورة التونسية أصبح هناك جيل كامل يمتلك الموهبة الكبيرة؛ ربما بعضهم لم يدرس السينما بشكل أكاديمي، لكن العبرة بالنتيجة وليس بالدراسة .
هل تتابعين ما تقدمه المرأة العربية على شاشة السينما ؟
للآسف ليس لدينا في تونس انفتاح كبير على إبداعات سينمائيات أخريات في الدول العربية، فقليلا ما أتابع أفلاما مصرية وجزائرية ومغربية، وكنت أتمنى أن أتابع إبداعات مخرجات الخليج وسوريا والأردن ولبنان، وقلة توزيع الأفلام العربية لم تتيح الفرصة لكي نتعرف على تجارب بعضنا البعض.
ما رأيك في التطور الذي شهدته بعض الدول الخليجية وخاصة الإمارات والسعودية فيما يتعلق بإبداع المرأة على شاشة السينما ؟
هي خطوة رائعة بدون شك، لكننا مازلنا نطمح أن يكون هناك تطور أكبر، ونحن كتوانسة نرحب بهذا التطور حتى وإن كان مازال في خطواته الأولى؛ ونتمنى أن يكون أسرع في السنوات المقبلة.
كمنتجة قدمت إنتاجا مشتركا مع المركز السينمائي المغربي، لماذا لم تقومي بالتعاون مع جهات أخرى سواء في مصر أم دول الخليج ؟
هذا الأمر خضع للظروف ولتسهيلات إنتاجية كانت ومازالت موجودة بين تونس والمغرب أو تونس والجزائر، وتجاربنا في الإنتاج مع بعض البلدان العربية لم تفرض علينا ما يفرضه الإنتاج المشترك مع الغرب من تقديم وجهة نظر معينة عن واقع مجتمعاتنا العربية، فالإنتاج المشترك مع المغرب أو الجزائر يكون أكثر سهولة في تناول الموضوعات، ونحن نطمح للتعاون في مجال الإنتاج مع مصر والإمارات في إطار من الاحترام المتبادل.
كيف ترين واقع المرأة التونسية بعد الثورة ؟
المرأة التونسية مازال لها وعليها، لأننا بعد الاستقلال وبعد صدور قانون الأحوال الشخصية سنة 1956 كان المجتمع التونسي قطع خطوات كبيرة، وكانوا يعتبرونه في طليعة المجتمعات العربية، ولكن الثورة التي وضعنا فيها آمالا كبيرة من أجل التطور والحريات الفردية والحقوق والمساواة لم تكن على مستوى ما نطمح إليه، لأن الإسلاميين عندما جاءوا بعد الثورة وتولوا الحكم لمدة 3 سنوات قاموا بتغيير أشياء كثيرة في نمط الحياة في تونس، وهذا شيء مؤسف، وبعد الانتخابات في 2014 وحدوث تغيير سياسي وإدعاء الإخوان المسلمين أنهم حزب مدني حدثت انفراجة بسيطة في المجتمع، لكننا كنا ضيعنا وقتا طويلا، والحمدلله أن المجتمع المدني في تونس وقف وقفة صحيحة.
شهدت تونس في الفترة الماضية ضجة كبيرة بسبب قوانين تتعلق بالمساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، والسماح بزواج المسلمة من غير المسلم، كيف ترين هذه القوانين ؟
لم يصدر القانون الخاص بالمساواة في الميراث حتى الآن، وزواج المسلمة من غير المسلم لم يكن قانونا بل قرار إداري وتم إلغاؤه منذ حوالي سنة، لكن رؤساء أحد البلديات القريب من الحزب الإسلامي أصدر قانونا بمفرده ينص على أنه لا يجوز للمسلمة الزواج من غير المسلم، فردوا عليه بأن هناك 20 بلدية أخرى قد تسمح بزواجهم، لكن المساواة في الميراث مازال مقترحا ولم يأت بمفرده بل في إطار المساواة بشكل عام في الدستور التونسي بين كل المواطنين والمواطنات.
ماذا عن مشروعك السينمائي بعد فيلمك الأخير "الجايدة" الذي عرض في أكثر من مهرجان دولي ؟
هناك من يلوم عليّ بأن أفلامي كلها تدور في إطار تاريخي، فأنا قدمت فيلم "فاطمة 75" وهو فيلم وثائقي يحكي عن المرأة في الماضي والحاضر بعد الاستقلال، وفيلم "رقصة النار" تدور أحداثه في الثلاثينيات من القرن العشرين، وفيلم "خشخاش" في الاربعينيات من القرن الماضي أيضا، و"الجايدة" في الخمسينيات، لدرجة أن البعض قالوا هل تخاف سلمى بكار من الحاضر؟ وأنا أقول لهم لن نستطيع أن نفهم الحاضر دون أن نفهم الماضي، والفيلم الجديد الذي أحضر له حاليا تدور أحداثه في عام 2013 وقت اعتصام الرحيل ضد جماعة الإخوان المسلمين، وكنت وقتها رئيسة الكتلة الديمقراطية داخل المجلس التأسيسي لوضع الدستور التونسي، والفيلم سيستغرق الإعداد له عامين حتى يرى النور ويحمل عنوان "النافورة" وهو المكان الذي شهد الاعتصام .
aXA6IDE4LjExNi40OS4yNDMg جزيرة ام اند امز