باسم الدين لبسوا العمامة وارتدوا العباءة ليشعروا الناس بالرهبة والخوف من الله إذا لم يتبعوهم ويخضعوا لسلطتهم
أثبتت نظرية العالم الروسي الشهير "إيفان بافلوف" حول الارتباط الشرطي العلاقة بين المثير والاستجابة، وعبرها أكد أن كل ردود الأفعال الطبيعية هي استجابة لمثير خارجي، كما ثبت علميا وعلى أساس هذه النظرية أن اعتماد المثيرات الوهمية توقف الاستجابة بعد فترة محدودة، وما يزاوله النظام الإيراني منذ فترة هو الاعتماد على مثيرات ومؤثرات دينية من أجل التحكم في الشعوب، بداية من شعبه واحتلال الدول وتدميرها، كما يفعل الآن مع العراق واليمن وسوريا بحجة الحماية.
التخدير الديني الذي استعمله الإيرانيون ونجحوا فيه لغياب وعي الشعوب أو حاجاتهم هو الطريق نفسه الذي يحاول انتهاجه اليوم أردوغان في دول شمال أفريقيا، حيث أصبحت في بعضها اللغة التركية إجبارية في المناهج الدراسية
وغاب عنه أن نظام الحماية أكل عليه الدهر، ولم يعد له وجود سوى على صفحات التاريخ، وسياسة الحماية والمؤثرات التي يعتمدها تعرت وكشفت، ونرى عبر الحركات المعارضة داخليا وخارجية أن السقوط قريب، والأنظمة التي تعمد لحكم دول حسب مصالحها واعتمادا على إيديولوجياتها تسير عكس الوقت ونحو نهايتها؛ لأن اعتماد المثيرات الوهمية يقتل الاستجابة لدى الشعوب، وقمع الرأي وإذلالهم يصبح المحرك الأساسي للإثارة والثورة ووقود المقاومة.
شهد يوم أمس السبت نقلة نوعية في حركة المعارضة الإيرانية في أوروبا، حيث خرج المعارضون للتظاهر في أكبر العواصم الأوروبية، محاولين إطلاق صرخة موحّدة في وجه النظام الإيراني، الذي يحاول بث سم الإرهاب وإطلاقه في الدول الغربية، بعدما نثر رماد الحروب الأسود في منطقتنا العربية.
باسم الدين لبسوا العمامة، وارتدوا العباءة ليشعروا الناس بالرهبة والخوف من الله إذا لم يتبعوهم ويخضعوا لسلطتهم، وعندما علموا أن مشاريعهم في دول المنطقة خاصة في العراق واليمن وسوريا تعرّت يحاولون الآن نقل أنشطتهم إلى أراض أخرى لا تزال فيها مساحات يمكنهم استغلالها باسم الدين أيضا.
الدين حاجة إنسانية وحقيقة إلهية التقيا على الأرض لتحقيق السكينة والأمن والسلام في ظل الإيمان الصافي، وهذا الإحساس يتمتع به ملايين البشر على وجه البسيطة، لكن منطقتنا العربية وكل المناطق الجغرافية المرتبطة بالإسلام يشهد فيها الدين انتكاسة والشعوب ظلما ورجعية أسقطت الكثيرين في هاوية الظلام وتحاول أن تجر البقية نحوها.
الدول الإسلامية تعاني لأنها ابتعدت أو الأصح أبعدت عن مبادئ دينها الحقيقية، لتكسب المتطرفين دينيا والذين جمعتهم المصلحة اليوم رغم اختلاف الإيديولوجيات، فمن كان ليصدق أن الفكر الإخونجي قد يمسك يوما بأطراف العباءة الإيرانية ويحتمي تحتها.
هذا ما يحدث فعليا اليوم بين ثلاثي الشر، تعاون وتكاتف بين إيران وتركيا والحليف الجديد قطر، فقط من أجل توسيع هيمنتها والانتقال بعلاقاتها مع عالمنا الإسلامي من الحماية والمساعدة إلى الاستعمار.
الاستعمار الجديد الذي يطمح إليه النظام الإيراني هو استعمار يخضع لذل الشعوب ودفعها إلى الالتجاء إليه.
هو الوقوف في وجه قوى العمار على اختلافها، منعها من مساعدة إعادة بناء الدول، وخير مثال على ذلك ما يفعله الإيرانيون في العراق، صور المرجعيات الدينية الإيرانية على مكاتب السياسيين والبرلمانيين في بلد من المفترض أنه خرج من قمع صدام حسين إلى النور فوجد نفسه تحت مخالب عدو قديم، لبس قناع الصديق المنقذ.. واليوم من ينقذ العراق منهم؟ فمن يخرج العراقيين من ظلام ورطوبة المكان تحت العباءة الإيرانية الخانقة؟
وفي المقابل.. لا وجود للعراقيين الشيعة وحتى أهم مرجعياتهم الدينية في إيران وقم خاصة، ألا يعبر هذا عن تكبر إيراني في المعاملة تجاهنا؟ وهنا أقصد كأمة عربية.
على العاقل أن يتساءل ويفكر فقط.. كيف استطاعت إيران الصمود كل هذه السنوات أمام العقوبات الاقتصادية؟! وما زالت تتحدث إلى المجتمع الدولي بلهجة المتعنت لولا أنها متأكدة من أنها استحوذت فعليا على ثروات العراق التي نهبت منها الكثير في السنوات الماضية ولا تزال تفعل، وهي اليوم تحاول كسب والمحافظة على أنصار خلقتهم ودربتهم ميدانيا لينقلوا إليها الثروات السورية.
وليس من مصلحة طهران ولا أنقرة توقف النزاع في سوريا، لأنها الفرصة التاريخية التي طالما انتظراها لنهب ما يمكن نهبه عبر استعمال شباب عربي مسلم بعد ضخ سمومهما فيه إلى درجة شرعا فيها القتل وسفك الدماء.
والسؤال الأهم هنا: ألا يقرأ هؤلاء التاريخ؟ ألا يعلمون أن دولا تقوم على الجثث ورائحة الدماء مصيرها السقوط العاجل وبأسوء السيناريوهات؟
لكن الغرور التركي وأحلام أردوغان بأن يستعيد إمبراطورية الأجداد، والكبر الفارسي الذي تعود جذوره لما قبل الإسلام لشعب يشعر بالتفوق على الجميع، وانضمام تميم إلى قافلة المتعالين.
بعدما قام به نظام الحمدين وعلى امتداد سنوات طويلة عبر الدعم المالي واللوجستي للأفكار الإخونجية المتطرفة، ودعم الفكر الإرهابي ورعرعته، أخطأ حمد وغرر بابنه كما بشعبه، لأنه يعتقد أنه وصل إلى "الدرجة" نفسها التي يمتلكها الفرس والعجم في منطقتنا، فوجد نفسه تابعا دون أي وجود حقيقي، فهو تحت حمايتهم، ولا يمكنه اتخاذ قرار إلا بعد العودة إليهم وبذلٍّ أفقد الشعب القطري سيادة دولته.
والتعنت القطري وانفصال نظام الحمدين عن أشقائه كان من أغبى وأضعف المواقف السياسية، وفي الوقت نفسه هدية على طبق من ذهب للإيرانيين والأتراك في عز أزماتهم.
ولم تكتف طهران بما فعلته وتفعله في العراق وسوريا، بل فتحت جبهة أخرى في اليمن، في محاولة وتحد صارخ للأمة العربية الإسلامية.
أخطبوط الشر لا يريد أن يتراجع أو يخضع لأوامر الأمم المتحدة، ولا أن يحترم سيادات دول الجوار، يستعمل العمامة حجة مقدسة لينهب الشعوب والدول.
التخدير الديني الذي استعمله الإيرانيون ونجحوا فيه لغياب وعي الشعوب أو حاجاتهم هي الطريق نفسها الذي يحاول انتهاجه اليوم أردوغان في دول شمال أفريقيا؛ حيث أصبحت في بعضها اللغة التركية إجبارية في المناهج الدراسية.
أحلام الأتراك العجم والفرس بدأت تتحول إلى كوابيس، سينتهون على صوتها قريبا لأن الفجر أقرب مما يتصورون، وسيخرج العالم من حلكة ليلهم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة