قطعة أرض لـ"الأطفال الأربعة".. خطة إيرانية لإبعاد "الثقب الأسود"
فشلت السياسات التي وضعتها الحكومات الإيرانية المتعاقبة والمرشد علي خامنئي لزيادة الإنجاب، ما أدى إلى ارتفاع معدلات الشيخوخة، وسط عزوف الشباب عن الإنجاب لسوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.
وفي محاولة لعلاج هذه الأزمة، صوّت البرلمان الإيراني على مشروع قانون يُلزم الحكومة بمنح قطعة أرض أو وحدة سكنية لكل زوجين أنجبا خلال الـ20 سنة الماضية أو سينجبان مستقبلاً 4 أطفال أو أكثر.
ووفق القانون، يتوجّب على وزارة الطرق والبلديات البدء بتنفيذ القانون، في إطار سياسة تشجيع الإنجاب التي تتخذها المؤسسات الرسمية في البلاد منذ سنوات.
وقال تقرير لصحيفة "شهروند" الإيرانية، الإثنين، إنّ إيران لن تخرج من الأزمة في ظل تزايد معدلات الشيخوخة وعدم اهتمام الشباب بالزواج في البلاد، جراء سوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.
وأضافت الصحيفة: "كان أحد القرارات الرئيسية لإبطاء عملية شيخوخة السكان في إيران، والذي بدأ العام الماضي بشكل سريع، هو تشكيل المقر الوطني للسكان والمؤسسات التابعة له، حيث يمكن زيادة معدل المواليد في البلاد من خلال تشجيع على الزواج والإنجاب".
ووفقاً للإحصاءات التي قدّمها نائب رئيس الصحة في الجامعة الإيرانية للعلوم الطبية كاظم فروتن "إذا واصلنا على هذه الحالة فسيكون النمو السكاني في إيران سالباً في عام 2043".
الثقب الأسود
"البلد يدخل في ثقب أسود ديموغرافي" هذا هو التحذير الذي أطلقه كاظم فروتن، سكرتير المقر الوطني لزيادة السكان، في الأيام الأخيرة.
وقال فروتن: "نحن في ذروة منتصف العمر، لكن في العشرين سنة القادمة سنشهد زيادة كبيرة في عدد السكان المسنين، ولا توجد أخبار عن قوى عاملة شابة لإدارة البلاد والنهوض بها".
وأضاف: "إننا بعيدون قليلاً عن الثقب الأسود الديموغرافي، لكنّا دخلناه في بعض المقاطعات".
وتابع: "كثير من الناس يعتبر أن القضايا الاقتصادية هي السبب الرئيسي في عدم الإنجاب، ونحن نتفق معهم، لكن إذا كانت ظروفنا سيئة الآن فسنواجه ظروفاً أسوأ بكثير في المستقبل القريب جداً في حالة عدم إنجاب الأطفال".
13 مليون شاب من أصل 21 غير متزوجين
وكشفت الإحصائيات الرسمية أنّ هناك 13 مليون شاب في إيران من أصل 21 مليوناً غير متزوجين.
ووفقاً لآخر إحصاءات 2022 انخفض عدد الشباب في البلاد الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاماً إلى 21 مليوناً، مقارنة بحوالي 26 مليوناً قبل 6 سنوات، في 2015.
من جانبها، قالت شهلا كاظمي بور، عالمة ديموغرافيا وعالمة اجتماع: الانخفاض طبيعي، وتشير الإحصائية إلى أن غالبية مواليد فترة الثمانينيات غادروا فترة الشباب.
وأضافت: "حوالي سبعة ملايين ونصف المليون من هؤلاء الشباب من مواليد الثمانينيات، وحوالي 11 مليوناً ولدوا في التسعينيات، ونحو مليونين و300 ألف من مواليد الألفية، ومن بين هؤلاء حوالي 13 مليون عازب".
انخفاض عدد المواليد
وعن انخفاض عدد المواليد، فإن الباحثة الإيرانية شهلا كاظمي بور ترى أن ذلك يعود إلى التغيير في مؤشرات التنمية.
وقالت: "إذا أردنا أن نناقش أسباب تراجع الخصوبة ونسأل (لماذا يتناقص عدد الشباب ويتجه نحو الشيخوخة؟) يجب أن نقول إن هذه العملية ناتجة عن مؤشرات التنمية".
وأضافت: "انخفضت الخصوبة في أوروبا الغربية أولاً، ثم أمريكا ثم شرق آسيا وقد واجهت كل هذه الدول ظاهرة تراجع الخصوبة في عملية التنمية المستدامة".
وأشارت إلى أن تطور معارف القراءة والكتابة لدى النساء أدى إلى تحسين مستويات الصحة والعلاج، وتقليل وفيات الرضع والأطفال.
وتابعت: "تجربتنا الديموغرافية الحالية والعقد القادم هي التجربة التي مرّت بها الدول الأوروبية في العقود الماضية، ويجب النظر كذلك إلى نمو معرفة القراءة والكتابة وازدياد التحضر، وتغيّر أنماط الحياة بسبب التنويع الاقتصادي، وكل هذا تسبب في انخفاض الخصوبة".
وشرحت كاظمي بور عواقب انخفاض معدل الخصوبة بالإشارة إلى تجربة الدول الأوروبية قائلة: "لقد عانت هذه الدول من شيخوخة السكان والسياسات التي انتهجتها، وعندما كان سكانها يشيخون بدأوا في استقبال المهاجرين".
وتابعت: "في غضون الـ20 عاما المقبلة ستصبح إيران مشابهة للوضع في دول أوروبا وشرق آسيا قبل بضعة عقود، ولكن بما إننا أدركنا ذلك سابقاً يمكننا إبطاء هذه العملية بسياسات لزيادة الخصوبة".
وأكدت أنه لا يزال لدينا قوة عاملة شابة وقادرة، لذلك لا ينبغي أن نرحّب بأزمة عظمى أو وفقاً للمسؤولين "ثقب أسود ديموغرافي".
عدم تفاؤل الشباب بالمستقبل
وعن سياسات الحوافز، قالت شهلا كاظمي بور: "إن السياسات التي تشجع على الولادة وحدها لا تنجح في العادة، وهذا ليس لبلدنا فقط".
وأوضحت أن العوامل المثبطة الأخرى مثل التضخم والتغيرات الاقتصادية الشديدة يمكن أن تؤثر أيضاً على سياسات الحوافز هذه وتقلل من تأثيرها، مضيفة: "أهم مشكلات الشباب أنهم غير متفائلين بالمستقبل".
وتابعت: "المشكلة الرئيسية لمجتمعنا الآن هي انعدام الأمن الاقتصادي والاجتماعي، وهذه هي الهموم التي لطالما كانت لدى الشباب، لكنها الآن زادت".
إجهاض مرتفع
وتسببت عمليات الإجهاض الواسعة في إيران بتسريع الشيخوخة، حيث ذكر أمين المجلس الاستراتيجي لسكان محافظة طهران صالح قاسمي، خلال اجتماع بشأن حث الإيرانيين على زيادة الإنجاب "لدينا 370 ألف عملية إجهاض في البلاد سنوياً، معظمها إجرامي وغير قانوني".
وأضاف قاسمي أن "عمليات الإجهاض المرخصة قليلة جداً وترتبط عادة بأفكار مثل الحمل غير مرغوب فيه والحمل غير المخطط له".
وبدأت الحكومة الإيرانية والأجهزة التابعة لها بالترويج لإنجاب أربعة أطفال مع توجه البلاد نحو الشيخوخة، لكن هذه الدعوات لم تلق استجابة من قبل الإيرانيين الذين يعيشون أوضاعاً اقتصادية ومعيشية صعبة للغاية.
وتابع: إذا أصبح نموذج الأطفال الأربعة هو النموذج المشترك لبلدنا، فإن معدل الخصوبة سيصل إلى 2.8 إلى 3%، وهو ما يمكن أن يعالج المشكلة إلى حد كبير.
aXA6IDE4LjIxOC45OS44MCA= جزيرة ام اند امز