إيران.. خصخصة وهمية تدفع لمزيد من تدهور الاقتصاد
%18 فقط من عمليات الخصخصة التي شهدتها إيران إلى حين وصول حسن روحاني إلى السلطة عام 2013، حقيقية والباقي عبارة عن عمليات وهمية.
%18 فقط من عمليات الخصخصة التي شهدتها إيران إلى حين وصول حسن روحاني إلى السلطة عام 2013، حقيقية والباقي عمليات وهمية لا وجود لها على أرض الواقع.
الرقم نقلته صحيفة «لوموند» الفرنسية عن منظمة الخصخصة الإيرانية التابعة لوزارة الشؤون الاقتصادية والمالية بالبلاد، ويظهر فجوة كبيرة بين المعلن والمنجز فعليا، في بلد يدفع نحو الخصخصة نظريا، بينما لا يفعل على أرض الواقع سوى نقل أسهم مؤسسات حكومية إلى هيئات شبه حكومية.
وهم الخصخصة
في نهاية الحرب الإيرانية مع العراق (1980-1988)، نقلت قطاعات بأكملها من الاقتصاد الإيراني - بحجة الخصخصة - إلى شركات مرتبطة بالحكومة، أو إلى منظمات تابعة للقوات المسلحة أو لمؤسسات دينية أو ثورية.
ونظرا لعدم وجود تسمية يمكن أن تطلق على هذه الخصخصة الوهمية، والتي تتعارض مع منطق مصطلح الخصخصة الذي يفترض منطقيا مرور ملكية معينة من القطاع العام إلى الخاص، فقد ابتدع الإيرانيون مصطلحا خاصا باللغة الفارسية وهو «خصولاتي» الذي يمزج بين كلمتي «خصوصي» و«دولاتي» أي الحكومي.
فمع أن عمليات الخصخصة التي أجرتها السلطات الإيرانية منذ عام 2001 حققت إيرادات بقيمة ما يعادل نحو 30 مليار يورو، إلا أن منظمة الخصخصة الإيرانية، قالت إن 18% فقط من هذه العمليات التي أجريت حتى وصول روحاني إلى السلطة عام 2013، كانت حقيقية.
ولتسوية ديونها، قامت الحكومات الإيرانية المتعاقبة على البلاد قبل وصول روحاني إلى الحكم، بنقل 22% من مجموع رأس مال الشركات التي تمت خصخصتها إلى هيئات شبه حكومية، مثل صندوق التأمين الصحي الذي يعد إحدى أغنى المنظمات بالبلاد.
ممارسات لطالما لجأ إليها بالخصوص، محمود أحمدي نجاد (2005- 2013)، سلف الرئيس الإيراني الحالي، والذي تمكن من دفع 6 مليارات يورو من الديون.
الصحيفة الفرنسية نقلت عن المحلل الاقتصادي الإيراني، بيدرام سلطاني، قوله في تعقيبه على الموضوع، إن "حسن روحاني أدرك جيدا أن هذه الممارسات تمثل انحرافا عن مبدأ الخصخصة ووضع حد لها، وهو في حد ذاته قرار جيد".
ومستدركا: «ولكن روحاني لم يتخذ أي إجراء جديد ومناسب لتقنين عمليات الخصخصة، لا من جانبه ولا من جانب بقية المسؤولين الإيرانيين»، ما يعني أن الممارسات نفسها يمكن أن تكون مستمرة حتى اليوم لكن تحت غطاء وتسمية مختلفين.
من جانبه، مضى مدير غرفة التجارة الإيرانية، غلام حسين شافعي، بالاتجاه نفسه مؤيدا رأي سلطاني، ومعربا عن أسفه لبقاء شركتي صناعة السيارات الرئيسيتين، «إيران خودرو» و«سايبا» في أيدي الحكومة الإيرانية حتى الآن.
انتقادات يرفضها المقربون من روحاني ممن غالبا ما يقولون إنه من أصل 30 مليار يورو من قيمة عمليات الخصخصة التي جرت منذ عام 2001، تم تنفيذ 40% منها تحت رئاسته.
القطاع الخاص.. وهن قاتل
ووفقا لجميع المحللين تقريبا، فإن القطاع الخاص الحقيقي في إيران لا يزال هشا للغاية.
ففي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وبفضل دراسة استقصائية حول أقوى 100 شركة بالبلاد، نشرت صحيفة «شرق» واسعة الانتشار، والتي تعد من أهم الصحف الإصلاحية بالبلاد، قائمة تضم 13 شركة ليست حكومية أوشبه حكومية، ما يعني أن القطاع الخاص لا يمثل أكثر من 20% من الاقتصاد الإيراني.
نسبة تترجم "وهنا قاتلا" يعاني منه القطاع الخاص بالبلاد، في وقت كان من المفترض فيه أن تقود الاستراتيجية الاقتصادية إلى تعزيز القطاع.
وتطبيقا لخطة التنمية الاقتصادية الخماسية الرابعة (2005-2010)، طلب المرشد الإيراني علي خامنئي، في 2007، من المسؤولين الحكوميين الإسراع في تنفيذ السياسات المنصوص عليها في تعديل المادة 44 من الدستور الإيراني، والتحرك نحو الخصخصة الاقتصادية.
خصخصة تتواصل حتى الآن بشكلها الوهمي والحقيقي، وترمي إلى طرح أسهم عامة بنسبة 5% من الشركات التي تجري خصخصتها، ما يسهم في رفع الناتج المحلي للبلاد بنسبة غالبا ما تستخدم لتغطية العجز العام أو تسديد ديون البلاد.