بعد إعادة فرضها.. ما هي العقوبات الأممية التي ضربت إيران؟

بعد تعثّر مفاوضات برنامجها النووي أعادت بلدان الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) رسميا فرض عقوبات أممية على إيران.
وفعّلت بريطانيا وفرنسا وألمانيا ما يُعرف بـ«آلية الزناد» أو «سناب باك»، متهمة طهران بعدم الوفاء بالتزاماتها المنصوص عليها في اتفاق 2015 النووي.
- الترويكا الأوروبية تُطلق «الزناد».. إيران تعود لعصر العقوبات
- أول تعليق أمريكي على «عقوبات إيران».. الدبلوماسية لا تزال خيارا
هذه الخطوة أعادت إلى الواجهة قرارات مجلس الأمن السابقة، لتضع إيران مجددًا تحت طائلة عقوبات شاملة تستهدف قطاعات حيوية وشخصيات وكيانات مرتبطة مباشرة أو غير مباشرة ببرنامجيها النووي والباليستي.
ما الذي تستهدفه العقوبات؟
العقوبات الأممية أعادت تفعيل حزمة إجراءات قاسية، أبرزها:
- حظر بيع ونقل الأسلحة التقليدية إلى إيران، ومنع استيرادها أيضًا.
- منع نقل أو تصدير أي مكوّنات أو تكنولوجيا مرتبطة بالأنشطة النووية أو الباليستية.
- تجميد أصول كيانات وأفراد في الخارج يشتبه في صلتهم بالبرنامج النووي الإيراني.
- فرض حظر سفر على الأفراد الذين تُعتبر مشاركتهم في أنشطة نووية أو صاروخية محظورة.
- إلزام الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بتقييد أي وصول إيراني إلى المؤسسات المالية والمصرفية العالمية التي يمكن أن تساعد في تمويل البرنامجين النووي والباليستي.
- تجميد أصول كل من ينتهك العقوبات أينما وُجدت.
عقوبات أوروبية موازية
إلى جانب القرارات الأممية، أبقى الاتحاد الأوروبي على إمكانية فرض عقوبات منفصلة وموازية تستهدف الاقتصاد الإيراني بشكل مباشر.
الهدف المعلن منها ليس فقط إعاقة الأنشطة النووية بل أيضًا الضغط على طهران ماليًا لإجبارها على الامتثال للاتفاق.
وتشمل هذه العقوبات إجراءات اقتصادية ومالية أوسع، ما يجعل التأثير مضاعفًا على الاقتصاد الإيراني المنهك.
آلية «الزناد» (سناب باك).. كيف تعمل؟
وتُعتبر «آلية الزناد» من أخطر بنود اتفاق 2015 النووي، إذ تمنح الدول الأطراف فيه القدرة على إعادة فرض جميع العقوبات الدولية السابقة في غضون 30 يومًا من تفعيلها، في حال رُصد خرق إيراني للالتزامات.
لكن تنفيذها عمليًا يتطلب أن تُحدث الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تشريعاتها الوطنية لتتوافق مع قرارات العقوبات.
وهنا تكمن معضلة الامتثال: فبينما ترى أوروبا أن تفعيل الآلية قانوني، تعتبر روسيا والصين أنها «غير مشروعة»، ما قد يدفعهما إلى تجاهل القرارات ومواصلة التعامل التجاري مع إيران، خاصة في قطاع الطاقة.
الأثر الاقتصادي
القيود الجديدة تضرب مباشرة قطاعات استراتيجية، من بينها الطاقة، النقل البحري، والقطاع المصرفي.
كما تضع عوائق إضافية أمام الشركات العاملة في الشحن البحري والتأمين، حيث يُتوقع ارتفاع تكاليف التعامل مع إيران.
وبينما تتوقع القوى الأوروبية أن روسيا لن تلتزم بالعقوبات، يبقى الموقف الصيني هو الأكثر غموضًا، خصوصًا أن بكين تعد من أكبر مستوردي النفط الإيراني.
مسار طويل من التصعيد
2015: توقيع الاتفاق النووي «خطة العمل الشاملة المشتركة» بين إيران والدول الكبرى (أمريكا، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، روسيا، الصين)، والذي نص على قيود على التخصيب النووي مقابل رفع العقوبات.
2018: انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في ولاية الرئيس دونالد ترامب الأولى، وإعادة فرض عقوباتها الأحادية.
ما بعد 2018: بدأت إيران التخلي تدريجيًا عن بعض التزاماتها، خصوصًا في ما يتعلق بنسبة تخصيب اليورانيوم.
2025: عودة أوروبا لتفعيل «آلية الزناد» بعد اتهام طهران بتجاوز الحدود المسموح بها.
إلى أين وصل تخصيب اليورانيوم بإيران ؟
تقول تقارير أوروبية إن إيران رفعت مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 60%، وهو مستوى يتجاوز بكثير سقف 3.67% المنصوص عليه في اتفاق 2015.
وتملك حاليًا نحو 450 كيلوغرامًا من اليورانيوم المخصّب بهذه النسبة، وهي كمية تكفي — في حال جرى تخصيبها إلى نسبة 90% — لإنتاج ما بين 8 و10 قنابل نووية محتملة، وفق تقديرات خبراء أوروبيين.
لكن إيران ترفض هذه الاتهامات، إذ شدّد الرئيس الإيراني مؤخرًا من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة على أن بلاده «لم ولن تسعى إلى تصنيع قنبلة نووية»، مؤكداً أن برنامجها ذو أهداف مدنية بحتة.
رد إيران على العقوبات
وتعهدت إيران، الأحد، أنها ستتخذ "ردا حازما ومناسبا" بعد ساعات قليلة على إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة المتعلقة ببرنامجها النووي والتي رُفعت قبل 10 سنوات.
وأعلنت وزارة الخارجية الإيرانية، في بيان، أن «إيران ستدافع بحزم عن حقوقها ومصالحها الوطنية، وستُقابل أي عمل يهدف إلى المساس بمصالح شعبها وحقوقه برد حازم ومناسب».
أوروبا تعلق
من جانبها، أكدت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، الأحد، أن إعادة فرض العقوبات الأممية على طهران لا تعني "نهاية الدبلوماسية مع إيران".
وقالت كالاس، في بيان، إن "الأمم المتحدة أعادت فرض عقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي"، مضيفة أن "الاتحاد الأوروبي سيتابع" هذا الأمر، لكنّ "حلا دائما للمسألة النووية الإيرانية لا يمكن التوصل إليه إلا عبر التفاوض والدبلوماسية".
توترات متجددة
ومنذ سنوات، يشكّل الملفّ النووي مصدر توتّر بين طهران والدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وإسرائيل، التي تتّهم طهران بالسعي إلى التزوّد بالقنبلة الذرّية، وهو أمر تنفيه إيران.
وشنّت إسرائيل هجوما واسعا على إيران في يونيو/ حزيران الماضي استهدف منشآت عسكرية ونووية ومواقع مدنية. وتدخلت الولايات المتحدة في الهجوم عبر قصف ثلاث منشآت نووية رئيسية.
وشدّد الرئيس الإيراني في وقت سابق هذا الأسبوع من على منبر الجمعية العامة على أن "إيران لم تسع يوما ولن تسعى أبدا إلى تصنيع قنبلة ذرّية. ونحن لا نريد أسلحة نووية".
وتطالب الإدارة الأمريكية طهران بالتخلّي عن أنشطة التخصيب.