بعد صبر دبلوماسي.. حصار أوروبي على إيران بالعقوبات
أكد تحليل أمريكي أن العقوبات الجديدة على إيران تعد إشارة قوية على أن الحكومات الأوروبية هي الآن أكثر استعداداً لمواجهة انتهاكات طهران.
وقال تحليل لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إن العقوبات الجديدة على إيران تعد إشارة قوية على أن الحكومات الأوروبية هي الآن أكثر استعداداً من أي وقت مضى لمواجهة انتهاكات النظام الإيراني لحقوق الإنسان، والمماطلة النووية.
والاثنين، تبنى الاتحاد الأوروبي حزمته الثالثة من العقوبات لهذا العام ضد النظام الإيراني، مما يشير إلى أن العواصم الأوروبية أصبحت أكثر ارتياحاً في توسيع الضغط على طهران.
وتضمنت هذه الدفعة الأكبر حتى الآن 32 تصنيفاً قائماً على حقوق الإنسان وأربعة تصنيفات تتعلق بتقديم السلاح لروسيا في حرب أوكرانيا.
وقال كاتبا التحليل، وهما هنري روم، زميل أقدم في معهد واشنطن، ولويس دوجيت-جروس وهو زميل زائر في المعهد ودبلوماسي في وزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية، إنه منذ أن تبنى "الاتحاد الأوروبي" جولته الأولى من العقوبات المتعلقة بحقوق الإنسان ضد طهران في 17 أكتوبر/تشرين الأول، استمرت الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد فردّ النظام الإيراني باستخدام العنف.
ووفقاً للمنظمة غير الحكومية "حقوق بشر إيران"، قُتل ما لا يقل عن 326 شخصاً، من بينهم 43 طفلاً. كما حاولت السلطات قمع المظاهرات بإغلاق الإنترنت واعتقال نحو 15 ألف شخص.
وفي الوقت نفسه، سعى النظام إلى مواجهة رد الفعل الغربي فاعتمد سياسة منسقة لأخذ الرهائن من المواطنين الأوروبيين في المقام الأول.
وبحسب التحليل نفسه فإنه هناك مواطنون من النمسا وبلجيكا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا وبولندا والسويد، الذين هم حالياً تحت الحجز من قبل إيران بذرائع كاذبة، كما هو الحال مع العديد من المواطنين الأمريكيين.
ويبدو أن مسؤولي "الاتحاد الأوروبي" مستاءون بالمثل من موقف إيران غير المتعاون بشأن التفاوض على إحياء "خطة العمل الشاملة المشتركة" والامتثال لالتزامات الضمانات.
كما تشعر العواصم الأوروبية بالقلق من أن إيران ستزود روسيا بطائرات قتالية إضافية بدون طيار لاستخدامها ضد أوكرانيا، وربما حتى صواريخ باليستية قصيرة المدى للمساعدة في إعادة بناء مخزون الكرملين من الذخائر الموجهة بدقة.
وفي 5 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وبعد أسابيعٍ من الإنكار، أقرّت طهران أخيراً بأنها وفّرت بعض الطائرات بدون طيار - لكنها زعمت بعد ذلك أن جميع عمليات التسليم تمت قبل غزو أوكرانيا.
العقوبات
استهدفت العقوبات الأوروبية الأخيرة وزير الداخلية أحمد وحيدي وشخصيات مختلفة من الحرس الثوري الإيراني ومليشيات "البسيج" و"قوة إنفاذ القانون" والجيش الوطني ("جيش الجمهورية الإسلامية في إيران" أو "ارتش") وشرطة الجرائم السيبرانية.
كما شملت هذه العقوبات قادة محليين وإقليميين متورطين في انتهاكات محددة، مثل مجزرة المدنيين في زاهدان وحوادث العنف في إقليم كردستان، وقتل فتاة مراهقة رفضت غناء أغنية موالية للنظام.
وطالت العقوبات أربعة عناصر من شرطة الأخلاق مسؤولين عن توقيف مهسا أميني، الشابة التي أدى تعذيبها ووفاتها إلى إشعال شرارة الحركة الاحتجاجية الحالية.
وكذلك "بنياد تعاون بسيج"، وهي مؤسسة تقدم خدمات الرعاية الاجتماعية لأعضاء "البسيج"، ولها مساهمات اقتصادية في قطاعات إيرانية أساسية، وكذلك "برس تي في" (Press TV)، وهي شبكة تلفزيونية حكومية قد تواجه الآن مشكلة في العمل أو البث في أوروبا، و"أرفان كلاود" وهي شركة تكنولوجيا مرتبطة بجهود النظام الرامية لإنشاء شبكة إنترانت إيرانية منفصلة.
كما فرض "الاتحاد الأوروبي" عقوبات على أفراد وكيانات من الجهات المتورطة في إمداد روسيا بطائراتٍ مسيّرة، وتشمل هذه: قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، و"القوة الجوفضائية للحرس الثوري وقائدها أمير علي حاجي زاده و"شركة القدس لصناعة الطيران".
توقيت التحرك الأوروبي
وبدا أن توقيت إعلانات "الاتحاد الأوروبي" كان منسقاً بشكل وثيق مع الحكومتين البريطانية والأمريكية. فقد أصدرت لندن عقوباتها الخاصة في الوقت نفسه، بينما أصدرت واشنطن بيان دعمٍ في غضون عدة ساعات.
ليس هذا فحسب بل أعلنت واشنطن فرض عقوبات أمريكية متعلقة بالطائرات من دون طيار في الخامس عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني.
واعتبر تحليل معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أن الوتيرة المتسارعة لهذه الإعلانات جديرة بالملاحظة أيضاً، إذ إنه في السنوات التسع الماضية، أصدر "الاتحاد الأوروبي" حزمتين فقط من العقوبات في ملف حقوق الإنسان ضد إيران.
ومع ذلك، فإن الأثر النهائي لهذه التدابير غير واضح، فمن خلال تصنيف مجموعة واسعة من عناصر الأمن الإيرانيين - ذوي رتب من رقيب إلى عميد - ربما سعت السلطات الأوروبية إلى التحذير من أنها ستُحمِّل المسؤولية حتى للضباط ذوي الرتب المنخفضة عن أي عمل عنف يرتكبونه.
والسؤال هو ما إذا كان ذلك سيؤثر بشكل ملحوظ على ولاء أي فرد من عناصر الأمن أو في الحسابات السياسية لقادة النظام، ويبدو أن هذا غير مرجح في الوقت الحالي، وفقا للتحليل.
وقال الكاتبان إنه في الأسابيع والأشهر المقبلة، يجب أن يحافظ "الاتحاد الأوروبي" على هذا الزخم عبر فرض تكاليف إضافية على النظام الإيراني.
وحتى من دون الحث على إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة، باستطاعة "الاتحاد الأوروبي" تصعيد الضغط على قطاع الطاقة في إيران، الذي يوفر موارد هامة جداً لقواتها العسكرية.