شيئاً فشيئاً تحولت خطابات حسن نصر الله إلى دراما من الدرجة العاشرة، لا يهتم بها أحد، ولا تؤثر في أحد.
من سردابه السري المجهول، وبطريقة الصراخ نفسها، خرج حسن نصر الله من جديد. هاجم، وضلل، وزوّر، وخوّن. ولأنه يفهم في كل شيء، لم يترك قضية لم يدس أنفه فيها، كما دس أنف لبنان الذي يقول إنه يتخذ سياسة النأي عن النفس. من سوريا إلى كندا، مروراً بقطر، واليمن، والعراق، ومجلس التعاون، وتركيا، وماليزيا، والولايات المتحدة، وبالطبع إيران، متمنياً أن «الرهان على إسقاط النظام في إيران أو تغيير وجهته عبر الحصار والعقوبات لن يتحقق»، ومدافعاً بالطبع عن إيران بأنها «هي أقوى من أي زمن مضى، وهي الأقوى في المنطقة، ونظامها قوي ومستحكم وثابت». نعم، هكذا إيران هي الأقوى في تمنيات نصر الله. اللغة نفسها التي يتحدث بها خامنئي، المنطق ذاته، الأكاذيب نفسها. والخصوم أنفسهم، وبالطبع النتيجة نفسها.
خطابات نصر الله أصبح لا طعم ولا لون لها حتى عند جمهوره الذي يتابعه فقط من خلف الشاشات، يكرر العبارات والمصطلحات نفسها، والهجوم ذاته على أصدقاء لبنان، والدفاع نفسه عن مصالح طهران، وإلا مَن المستفيد من تكرار أكذوبة التدخل السعودي في لبنان سوى النظام الإيراني؟!
يعدد نصر الله، كعادته في خطاباته، التي لا يستطيع أحد أن يعدها، انتصاراته، لكنه لا يتوقف ويشرح أينها. يفاخر بمرور 12 سنة على حرب دمر فيها لبنان، وينسى كبير المتناقضين أنه قال يوماً: لو كنت أعرف أن كل هذا الدمار سوف يحل بلبنان لما بدأت الحرب، وفي الوقت نفسه يزعم أن «(حزب الله) أقوى من الجيش الإسرائيلي». يواصل تدمير لبنان بتخريب علاقاته مع جيرانه وأصدقائه، غير حافل بأي ضرر يقع من تدخلاته في شؤون دول صديقة للبنان. يذرف دموع التماسيح على السوريين، ناسياً أن نائب حزبه في البرلمان اللبناني، محمد رعد، هو من قال عن اللاجئين السوريين في بلاده، إن مخيماتهم «قنبلة موقوتة». يمارس ما يدينه بنفسه؛ فهو من جهة يزعم أن «الصراعات السياسية والشتائم والاتهامات لا تحقق الإنماء والخدمات في لبنان»، لكن نصر الله لا يتغير، فهو المتناقض الكبير الذي يدخل بلاده في صراعات سياسية هي في غنى عنها، شاتماً ومتهماً ومتطاولاً، فهل ما قاله يحقق الإنماء والخدمات في لبنان؟!
خطابات نصر الله أصبح لا طعم ولا لون لها حتى عند جمهوره الذي يتابعه فقط من خلف الشاشات، يكرر العبارات والمصطلحات نفسها، والهجوم ذاته على أصدقاء لبنان، والدفاع نفسه عن مصالح طهران، وإلا مَن المستفيد من تكرار أكذوبة التدخل السعودي في لبنان سوى النظام الإيراني؟! أليس نصر الله نفسه من اعترف بأن إيران هي من ينفق على «حزب الله»؟! بل إن طهران نفسها تقدم الأدلة على تدخلها، كما جاء على لسان الرئيس الإيراني حسن روحاني حين قال في أكتوبر (تشرين الأول) 2017، إنه لا يمكن في الوقت الحاضر اتخاذ ما اعتبره إجراءً حاسماً في العراق وسوريا ولبنان وشمال أفريقيا ومنطقة الخليج، دون إيران؛ وهو ما استدعى رد سعد الحريري عليه حينها في تغريدة جاء فيها: «قول روحاني أن لا قرار يتخذ في لبنان دون إيران قول مرفوض ومردود لأصحابه»، ولم يستطع نصر الله وقتها تكذيب مرجعه السياسي والروحي، حيث اكتفى «حزب الله» بتضليل الرأي العام والقول إن التصريحات «أسيء فهمها».
شيئاً فشيئاً تحولت خطابات حسن نصر الله إلى دراما من الدرجة العاشرة، لا يهتم بها أحد، ولا تؤثر في أحد. لبنان الجريح وحده الذي يعاني من جراء تبعات التدخلات السافرة، ويحسب على الدولة أن هناك من ينخر لمنع استقرارها وبقاء جروحها مفتوحة، أما نصر الله وحزبه فلا يهمهما سوى تسويق النموذج الإيراني الذي غدا تحت العزلة أكثر من أي وقت آخر، وبالتأكيد «حزب الله» ونصر الله يدوران في فلك المعاناة الإيرانية المتزايدة ذاتها.
نقلا عن "الشرق الأوسط"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة