رفع التخصيب.. خطوة تصعيدية إيرانية "تعصف" بمحادثات فيينا
رفع قياسي في تخصيب اليورانيوم تحاول عبره إيران الضغط على مفاوضات الاتفاق النووي فيما يتفاقم القلق من خطوة تنذر بالأسوأ.
تصعيد إيراني يرفع أيضا منسوب القلق في منطقة تطفو على رمال متحركة، خصوصا أن التخصيب بنسبة 60 بالمئة يجعل طهران قادرة على الانتقال بسرعة إلى نسبة 90 بالمئة وأكثر، أي المعدلات المطلوبة لاستخدام المعدن الخام لصنع أسلحة نووية.
أوروبا و"نطنز"
إعلام إيراني رسمي أعلن، الثلاثاء، أن طهران "ستبدأ بتخصيب اليورانيوم بنسبة 60 بالمئة"، في خطوة يرى مراقبون أنها تصعيدية بامتياز نظرا لتوقيتها وسياقها.
وجاء القرار غداة فرض عقوبات أوروبية على مسؤولين أمنيين وعسكريين إيرانيين على صلة بحملة قمع للمحتجين العام 2018، وبعد يومين من استهداف منشأة "نطنز" النووية في إيران.
أيضا، يأتي القرار في غمرة مفاوضات تستضيفها العاصمة النمساوية فيينا، حول الاتفاق النووي والتزامات إيران ذات الصلة، وهو السياق الذي يبدو أن طهران تحاول استثماره للضغط نحو رفع العقوبات التي أعادت واشنطن فرضها عليها منذ 2018.
قرار يحاول إنقاذ اتفاق نووي أقرب إلى الانهيار في ظل تمسك طهران بشرط تخفيف الضغوط ورفع العقوبات قبل التزامها بتعهداتها المنبثقة عن الاتفاق المبرم في 2015، وهو ما ترفضه واشنطن التي تطالب بالعكس.
في هذه الأثناء، يحبس المجتمع الدولي أنفاسه خشية خطوات غير محسوبة من جانب طهران تهدد أمن الشرق الأوسط، وهي التي حرصت على إعلان قرارها عبر إعلامها الرسمي قبل توضيحه ووضع حد زمني له لاحقا.
وفور وصوله إلى فيينا للمشاركة في مباحثات الاتفاق النووي، أوضح نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أن رفع التخصيب سيبدأ اعتبارا من اليوم الأربعاء.
وفي أولى ردود الأفعال، عبّر البيت الأبيض عن قلق إدارة الرئيس جو بايدن إزاء الخطوة.
سفينة إسرائيلية
إعلام إسرائيلي نقل عن مسؤولين لم يسمهم، قولهم إن هجوما استهدف سفينة مملوكة لإسرائيل، دون وقوع خسائر بشرية.
ضربة يعتقد متابعون أنها إيرانية في ظل التوتر المتصاعد بين الجانبين على خلفية استهداف السفن، في تراشق لطالما تكتمت عنه طهران قبل أن تعترف الأربعاء الماضي، بتعرض أحد سفنها لهجوم في البحر الأحمر، أسفر عن "أضرار طفيفة"، متهمة إسرائيل بالوقوف وراءه.
ومما يعزز "البصمات" الإيرانية أيضا -وفق تقارير- هو أن استهداف السفينة الإسرائيلية الأخير يأتي غداة اتهام وجهته طهران لتل أبيب بالوقوف وراء "تخريب" مصنع لتخصيب اليورانيوم في مدينة نطنز.
وتوعدت طهران بالانتقام وتكثيف أنشطتها النووية، في وقت تتواتر فيه الجهود الدبلوماسية لإنقاذ الاتفاق ضمن محادثات فيينا.
إدانات دولية
ولقي الإعلان الإيراني برفع نسبة التخصيب إدانات أوروبية حيث أبدت بريطانيا وفرنسا وألمانيا قلقها إزاء أحدث خطوات طهران لتخصيب اليورانيوم.
وقالت الدول الثلاث في بيان مشترك: "تتابع حكومات فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة بقلق بالغ إعلان إيران أنها ستبدأ تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60 بالمئة باستخدام أجهزة طرد مركزي متقدمة حسبما أخطرت إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 13 أبريل/نيسان الجاري".
وأضاف البيان "هذا تطور خطير لأن إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب يشكل خطوة مهمة في إنتاج سلاح نووي. إيران ليس لديها حاجة مدنية حقيقية تتطلب تخصيب اليورانيوم إلى هذا المستوى".
وحذرت الدول الـ3 من أي تصعيد "من جانب أي طرف" في الأزمة النووية الإيرانية، بعد حادث منشأة نطنز الإيرانية.
وقال المتحدثون باسم وزارات الخارجية في الدول الثلاث الموقعة على اتفاق عام 2015: "في ضوء التطورات الأخيرة، نرفض أي تصعيد من قبل أي جهة، وندعو إيران إلى عدم تعقيد العملية الدبلوماسية".
وأضافوا أن "هذا يشكل تطورا خطيرا لأن إنتاج اليورانيوم العالي التخصيب يشكل خطوة مهمة لصنع سلاح نووي"، و"تخالف الأجواء البناءة وحسن النية في المحادثات".
من جانبها، أعربت المملكة العربية السعودية أنها تتابع بقلق بالغ التطورات الراهنة لبرنامج إيران النووي، والتي تمثلت آخرها بالإعلان عن رفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 60%؛ الأمر الذي لا يمكن اعتباره برنامجاً مخصصاً للاستخدامات السلمية.
ودعت إيران إلى تفادي التصعيد وعدم تعريض أمن المنطقة واستقرارها للمزيد من التوتر، والانخراط بجدية في المفاوضات الجارية حالياً، اتساقاً مع تطلعات المجتمع الدولي تجاه تسخير إيران برنامجها النووي لأغراضٍ سلمية وتحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
بدورها، أكدت السعودية أهمية توصل المجتمع الدولي لاتفاق بمحددات أقوى وأطول، وبما يعزز إجراءات الرصد والمراقبة ويضمن منع إيران من الحصول على السلاح النووي أو تطوير القدرات اللازمة لذلك.
وفي أعقاب ذلك أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن مفتشيها موجودين في موقع نطنز الإيراني لتخصيب اليورانيوم اليوم.