رضا بهلوي قال إن الشعب الإيراني يعجز عن الإطاحة بالنظام دون مساعدة خارجية
قال رضا بهلوي، نجل شاه إيران الراحل محمد رضا بهلوي، إن النظام الإيراني على حافة الانهيار بسبب العقوبات الدولية وتزايد السخط الشعبي ضده، داعيا الولايات المتحدة والمجتمع الدولي إلى مساندة التحركات الشعبية في إيران لإقامة نظام ديمقراطي.
وأكد نجل شاه إيران، الذي أطاحت ثورة الخميني ١٩٧٩ بوالده من الحكم، خلال لقاء نظمه معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى بالعاصمة الأمريكية واشنطن، أمس الأول، بمناسبة حلول الذكرى الـ٤٠ لإعلان الجمهورية الإسلامية في إيران، أنه لن يكون هناك ديمقراطية حقيقية في إيران طالما استمر النظام الحالي، مشيرا إلى أن الشعب سيقف عاجزا كذلك عن الإطاحة بالنظام دون مساعدة خارجية.
ودعا نجل آخر شاه في إيران المجتمع الدولي للإعراب علناً عن دعمه المحتجين في إيران في نضالهم الحالي، لتعزيز جهود المحتجين ورفع معنوياتهم.
ثورة الفاسدين
وتابع بهلوي "منذ تأسيس النظام الجديد في إيران على يد الخميني 1979 عززت الجمهورية مصالحها الإيديولوجية والاقتصادية على حساب الشعب الإيراني"، موضحا أنه على الصعيد المحلي قامت بقمع التقاليد القديمة، واضطهاد النساء والأقليات الدينية عبر التمييز المؤسسي، وتحويل الثروة الوطنية إلى فئة من الفاسدين البعيدين كل البعد عن آمال الشعب وأحلامه.
وأضاف بهلوي "لم يتوقف الفساد المنهجي الذي يمارسه النظام على انتهاكات حقوق الإنسان على الحدود الإيرانية، فعلى مدى عقود نظر النظام إلى مهمة تصدير الثورة الإسلامية بمثابة محور مركزي لبقائه، وكثف استثماراته في القوات شبه العسكرية والوكيلة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وغذى الحروب بهدف زعزعة استقرار الدول المجاورة، وكان راعياً لهجمات إرهابية في جميع أنحاء العالم".
الانهيار قادم
ونبه بهلوي إلى أنه على الرغم من القمع الشديد والمخاطر التي تهدد الحياة، شرع الإيرانيون بفتح فصل جديد في كفاحهم ضد النظام، وواجهوا مضطهديهم من خلال حملة عصيان مدني مستمرة وواسعة النطاق، فقد أوضح الشعب أنه يريد استرجاع كرامته ووطنه، وخلقت هذه الحركة فرصة تاريخية للمجتمع الدولي، فقد تمثل إيران الديمقراطية أماني شعبها وتظهر بالتالي سلوكاً مختلفاً جداً في المنطقة، وكدليلٍ على ذلك لا يحتاج المرء إلا أن يستمع إلى ما كان يردده المحتجون الإيرانيون بلا كلل منذ شهور "لا من أجل غزة ولا من أجل لبنان سأموت فقط من أجل إيران"، وإذا كان المجتمع الدولي ملتزماً بمكافحة السلوك الإقليمي للنظام سيجد أن الشعب الإيراني حليف طبيعي له.
وأشار بهلوي إلى أن الإيرانيين أيضاً عبروا عن رفضهم الكلّي للجمهورية الإسلامية من خلال رفضهم العام للتصرف وفق إيديولوجيتها، فعلى سبيل المثال يتجنب العديد منهم الأعلام الأمريكية والإسرائيلية المرسومة على أرضيات جامعاتهم في جميع أنحاء البلاد أو يقفزون فوقها، وتُظهِر هذه الأعمال حُسن النية الإيرانية، الأمر الذي يثير استياء حكام البلاد، كما أنها تسلط الضوء على الانقسام الحاد بين رغبات الشعب ورغبات مضطهديهم.
ونبه بهلوي أيضاً إلى أن إيران قريبة جداً من الانهيار الداخلي، مستدركا بأن هناك بعض المكونات الناقصة قبل أن يكون بالإمكان تحرك الوضع نحو تغيير النظام، ويتمثل أحد هذه المكونات برفض واسع النطاق من قبل القوات شبه العسكرية والقوات المسلحة لقمع الاحتجاجات، وسوف تشتد مقاومة النظام بشكل كبير إذا قررت هذه القوات أنها تريد الانضمام إلى الشعب وأن تكون جزءاً من الحل بدلاً من كونها أدوات تعسفية، وفي هذا الصدد يجب على قادة المعارضة أن يكونوا واضحين بأن تغيير النظام لن يؤدي إلى الانتقام من هذه القوات، فالغالبية العظمى من الإيرانيين في مليشيا «الباسيج» وفي منظمات قمعية أخرى تتلقى الأوامر فحسب، إضافة إلى ذلك ينبغي تذكير هؤلاء الأفراد بأنهم سيستفيدون من تغيير النظام بقدر ما يستفيد باقي الإيرانيين، لأن العديد منهم لا يتلقون رواتبهم في الوقت المحدد، وما زال يتوقع منهم إتمام عملهم الشنيع المتمثل في معاقبة أبناء بلدهم بسبب تظاهراتهم السلمية.
وتابع بهلوي "من المكونات الضرورية الأخرى تحسين التنظيم ضمن حركة المعارضة الديمقراطية، فالكثير من قيادة الحركة موجودون بالفعل داخل إيران، لكن من غير المحتمل أن يبرزوا بكاملهم إلا عندما ينقلب الوضع لصالح المحتجين، وتحتاج المعارضة الديمقراطية خارج إيران إلى المزيد من التنسيق أيضاً".
لا أمل في الإصلاح
وشدد نجل شاه إيران على أنه على مدى 4 عقود استخدم المجتمع الدولي مزيجاً من الضغوط والاسترضاء على أمل إقناع النظام الإيراني بالتغيير، إلا أن الشعب الإيراني اكتشف أنه لا يمكن إصلاح النظام، ومن ثم يشكل هذا النظام تهديداً للأمة الإيرانية، وبينما يستمر نضال الشعب لاستعادة بلاده فإن الدعم والمساعدة الدوليين أمران بالغا الأهمية، ويجب على أي سياسة خارجية تجاه إيران أن تأخذ في عين الاعتبار واقع أن الشعب سيكسب نضاله في النهاية، وهو أمر حتمي تجسده هتافات الاحتجاجات "قد نموت، قد نموت، لكننا سنستعيد إيران".
ولضمان أن تكون نتائج هذه الثورة قائمة على المساواة والديمقراطية على حد سواء يجب أن تقوم المعارضة الديمقراطية بدور توجيهي، فبدلاً من أن ينتظر قادة المعارضة للظروف التي تؤدي إلى الفوضى والاضطراب فقد يفضلون المشاركة في الانهيار بشكل منظم، وتختلف هذه النظرة تماماً عن تلك التي اعتمدها العديد من الإيرانيين في إشعال الثورة عام 1979، عندما أراد البعض قلب نظام الشاه، لكن لم يكن لديهم أي فكرة عما كانوا يريدونه بدلاً منه، واستغل روح الله الخميني هذه المعارضة لتعزيز أهدافه الخاصة، واليوم يريد الشعب الدخول في عملية أكثر شفافية، وإقامة نظام علماني ديمقراطي مبني على ضمانات حقوق الإنسان العالمية وسيادة القانون.
وأوضح بهلوي أنه لدعم هذا الهدف تملك الولايات المتحدة وبلدان ديمقراطية أخرى العديد من الأدوات والخيارات المتاحة لها، على سبيل المثال فإن البلدان التي تملك أصولاً مملوكة للنظام أو تحت سيطرته يمكن أن تلجأ إلى تجميدها لمساعدة المحتجين داخل إيران.
عقوبات ذكية
ودعا بهلوي إلى تطبيق عقوبات أكثر ذكاء ضد النظام الإيراني، حيث يجب أن تحاول العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والدول الحليفة إلى فصل مسؤولي النظام عن الشعب، فعلى سبيل المثال لا يستطيع العديد من الإيرانيين الذين يعيشون في الخارج إرسال الأموال إلى عائلاتهم التي تعاني في وطنهم بسبب حظر هذه المعاملات بموجب القيود الراهنة، ومن ناحية أخرى لا تستطيع شركات التكنولوجيا الأمريكية التي تملك وسائل التحايل على رقابة النظام اتخاذ مثل هذه الإجراءات في إيران لأنها ستخرق العقوبات الراهنة.
ونبه بهلوي في النهاية إلى أن إعراب المجتمع الدولي عن تأييده للمحتجين ليس كافيا، حيث يجب عليه أن يظهر استعداده للتواصل ليس فقط مع ممثلي النظام، بل أيضاً مع المعارضة الديمقراطية سواء داخل إيران أو خارجها.
aXA6IDE4LjIyNy4yMDkuMTAxIA== جزيرة ام اند امز