«7 أكتوبر».. الرصاصة التي قادت لسقوط سوريا وتراجع إيران
قد يغير شخص واحد مجرى التاريخ بحادثة واحدة: مثل اغتيال غافريلو برينسيب للأرشيدوق فرانز فرديناند، واندلاع الحرب العالمية الأولى.
وكما كان إطلاق جورج واشنطن الطلقة الأولى لحرب السنوات السبع عام 1754، كان هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي لحظة فارقة، تجاوزت تداعياتها إلى ما هو أبعد من حدود غزة.
ووفق تحليل لصحيفة «التليغراف» البريطانية كان أحد أبرز تداعيات حرب غزة، «الضعف الذي اعترى إيران وأضر بطموحاتها الإقليمية، وتراجع مكانتها، وخلخلة شبكتها من الوكلاء والعملاء في الشرق الأوسط».
وكانت موجة المعارضة المسلحة التي اجتاحت سوريا بسرعة كبيرة أكبر من المتوقع، لدرجة أنها أثارت الذعر في طهران، ومع إدراك النظام الإيراني أن نظام الأسد ربما لا يمكن إنقاذه، هرعت الحكومة الإيرانية لإجلاء دبلوماسييها وضباطها العسكريين من دمشق.
ووفق التحليل فقد كان التدافع نحو الخروج «مهينا ومجنونا إلى الحد الذي دفع بعض المراقبين الذين صدمهم الموقف الإيراني، إلى القول إن طهران كانت في الأساس تفسد مهمتها التي دامت عقداً من الزمان لدعم بشار الأسد والتخلي عنه».
وقال دبلوماسي غربي يتمتع بخبرة سنوات في الشرق الأوسط "عادة ما تنهار الإمبراطوريات تدريجيا لكن الانهيار التام يحدث بشكل مفاجئ".
وأضاف «لكن الإمبراطورية غير الرسمية لإيران، وشبكة نفوذها، تنهار بسرعة أكبر وفقا للمعايير التاريخية. ويشبه البعض هذا بالعجز الذي شاهد به النظام الشيوعي في موسكو تفكك حلف وارسو في أواخر ثمانينيات القرن العشرين».
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت مثل هذه المقارنات مبالغ فيها، ولكن الدبلوماسيين الغربيين والمحللين وحتى أعضاء القوات المسلحة الإيرانية والمؤسسة السياسية يعترفون بأن خيارات طهران تتضاءل.
أسباب «سقوط الأسد»
ومع تراجع قوة حزب الله انفتح فراغ في سوريا، وهي فرصة أمضت هيئة تحرير الشام، التي انفصلت عن تنظيم القاعدة في عام 2017، سنوات في التدريب والاستعداد لها.
وبعد اجتياحها الشمال سيطرت على حلب، التي قاتلت الجيش السوري لمدة 4 سنوات لاستعادتها في أربعة أيام فقط، قبل السيطرة على حماة، وهي المدينة التي لم تسقط من قبل في أيدي المعارضة المسلحة، ووصلوا إلى حمص بحلول صباح يوم السبت وبلغوا ضواحي دمشق بعد ساعات فقط.
وفي مواجهة هذا التغيير الدراماتيكي في القدر، نظرت إيران إلى الأمر بعجز، وخلصت إلى أنه من المستحيل إنقاذ الأسد للمرة الثانية دون حزب الله.
ومع تطور الموقف، عبر مسؤولون عسكريون إيرانيون عن إحباطهم العميق إزاء الكيفية التي سقط بها الجيش السوري «المنهك معنويا الذي يتقاضى أجوراً زهيدة»، وفق الصحيفة.
وقال أحدهم "لقد فوجئ كثيرون بالتقدم السريع الذي أحرزته المعارضة المسلحة، وهم مترددون في تقديم الدعم الكامل وإرسال قوات هذه المرة، ويقول بعضهم إن الأسد كان لديه 10 سنوات لمنع هذا التقدم، لكنه لم يفعل شيئاً لأنه كان يعلم أننا سنكون هناك من أجله".
سقوط الأسد يحمل فاتورة ضخمة لإيران، فسوريا جسر بري حيوي يسمح لها بإعادة إمداد حزب الله، وسوف يؤدي انتصار المعارضة المسلحة إلى عزل الحركة اللبنانية فعلياً، مما يجعل البحر الطريق الوحيد لإعادة التسلح، وهو خيار بعيد كل البعد عن المثالية، وبدون سوريا سوف تصبح إيران ضعيفة للغاية.
احتمالات المستقبل
تواجه إيران الآن لحظة اختيار صعبة بين تبني البراغماتية لتحسين علاقاتها مع الغرب، أو السعي لتطوير قدراتها النووية مما قد يؤدي إلى صراع شامل في الشرق الأوسط، أما بالنسبة للإدارة الأمريكية القادمة بقيادة ترامب فهي أمام فرصة كبيرة، لكنها تحمل مخاطر كبيرة أيضا.
aXA6IDMuMTQ0LjIyNy4xODcg
جزيرة ام اند امز