قادة إيران المتأرجحون.. التهوين من ترامب أم التحسب له؟
في الوقت الذي يعلن خامنئي وروحاني أن نتيجة الانتخابات الأمريكية لن تؤثر على الاتفاق النووي، نجد قادة طهرانيين أدنى منهما يطلقون تصريحات أخرى تظهر العكس تماما.
رغم مرور أسبوع على إعلان فوز دونالد ترامب برئاسة أمريكا، ولا تزال آثار تلك الصدمة مسيطرة على عقل وفكر الإدارة الإيرانية وتؤرق منام قادة طهران على ما يبدو ويظهر جليا من تصريحاتهم.
ترامب وهو رجل أعمال تحول إلى سياسي ولم يتقلد مطلقا أي منصب عام كان خلال جولاته الانتخابية قد وصف الاتفاق النووي بأنه "كارثة" و "أسوأ اتفاق جرى التفاوض بشأنه على الإطلاق" خلال حملته وقال إنه قد يقود إلى "محرقة نووية".
وفي خطاب ألقاه في آذار/ مارس أمام لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (إيباك) وهي جماعة ضغط موالية لإسرائيل أعلن ترامب أن "أولويته الأولى" ستكون "تفكيك الاتفاق الكارثي مع إيران".
الصدمة من فوز ترامب جعلت قادة إيران وقتها يعلنون في تصريحات عنترية أن الأمر لن يؤثر مطلقا على مستقبل الاتفاق النووي، ولكن فاتهم أن العالم كله يراقب تصريحاتهم منذ هذه اللحظة حتى الآن، والتي لم يظهر فيها أي نوع من التهنئة للحاكم الجمهوري الجديد لأمريكا والذي سيتولى منصبه رسميا في 20 يناير المقبل.
العقل الإيراني بدا اليوم أكثر اضطرابا في تصوراته على مستقبل الاتفاق النووي مع ترامب، حيث إنه في الوقت الذي يعلن فيه قائد ما يسمى بالثورة الإيرانية ورئيس بلاده التابع له أن نتيجة الانتخابات الأمريكية لن تؤثر على الاتفاق النووي، نجد قادة طهرانيين أدنى منهما يطلقون تصريحات أخرى تظهر العكس تماما وتشي بالخوف الذي يعتري الإيرانيين من ترامب.
فاليوم وأمام حشود من الإيرانيين بمحافظة أصفهان قال قائد ما يسمى بالثورة الإيرانية خامنئي إن نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية لا تعتبرها إيران مختلفة عما سبقها، فالحزبان الجمهوري والديمقراطي لهما القول الفصل على الساحة الأمريكية في جميع الأحوال وكلاهما يكنّان العداء للشعب الإيراني، حسبما نقلت عنه وكالة تسنيم الإيرانية.
فاضطراب خامنئي جعله حتى لا يفرق بين ترامب الذي يعادي الاتفاق النووي والرئيس الأمريكي المنتهية ولايته باراك أوباما الذي وقع هذا الاتفاق مع إيران ويجاهد حتى اللحظة الأخيرة للحفاظ عليه حتى إنه أمر البيت الأبيض بإصدار بيان عاجل فور فوز ترامب يؤكد فيه احترام الإدارة الأمريكية للاتفاق النووي حتى آخر يوم من أيام أوباما في السلطة.
أما الرئيس الإيراني حسن روحاني فقال هاتفا في حشد من الإيرانيين بمحافظة البرز اليوم: إن نتائج الانتخابات الأمريكية لا تؤثر على مصير بلاده، لسنا دولة أو أمة تتأثر بتغيير رئيس بلد هنا أو هناك لأن أمتنا لديها إرادة عظيمة.
وتناسى رئيس إيران هنا أنه متأثر فعلا بما ينفيه، فهو يؤكد أن بلاده لا تتأثر بنتائج الانتخابات بينما هو تحدث عنها مرتين في أقل من أسبوع محاولا طمأنة شعبه لما ليس هو مطمئن له.
وعلى مستوى القادة الأدنى في إيران نجد تصريحاتهم مخالفة تماما لخامنئي وروحاني وتؤكد الخوف والاضطراب الإيراني من تعامل ترامب مع الاتفاق النووي.
حيث أن الأمر بلغ عند وزير دفاع حسين دهقان إلى تهديد الغرب كله بدفع ثمن باهظ حال نقض ترامب للاتفاق النووي.
وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء أن دهقان في كلمته التي القاها اليوم الأربعاء في المراسم الافتتاحية للمعرض الجوي الدولي الثامن المقام في جزيرة كيش جنوب إيران، أكد أن التراجع عن الاتفاق النووي سيكلف الغرب ثمنا باهظ.، مهما دعت أمريكا الى العودة الى نقطة الصفر في المفاوضات النووية فإن هذا الأمر لن يتحقق وندعو الأمريكان إلى أن لا يشوهوا صورتهم أكثر مما هي مشوهة.
واستطرد دهقان قائلا: إن بلاده وصلت إلى مرحلة متقدمة من التطور والإمكانيات في القدرات العسكرية وتستطيع أن تتعامل وتتعاون مع عدة جهات أخرى.
وتوضح تصريحات دهقان مدى عدم الاطمئنان الإيراني لعقل ترامب ومدى الاضطراب الطهراني في وضع أو بناء تصور للتعامل مع ما قد يفعله ترامب بالاتفاق النووي، لدرجة أن مساعد رئيس مجلس الشورى الإيراني للشؤون الدولية حسين أمير عبد اللهيان اعتبر أن التوجهات الأمريكية بعد استلام ترامب السلطة، لا يمكن التنبؤ بها.
أما أمين المجلس الأعلى للأمن الوطني الإيراني علي شمخاني فقد اعتبر أن الاتفاق قد ألغي فعلا بقرار الكونجرس الأمريكي بتمديد العقوبات المفروضة على إيران.
وأقر مجلس النواب (أحد غرفتي الكونجرس الأمريكي) أمس الثلاثاء تمديد قانون العقوبات على إيران الذي كان من المقرر أن تنتهي صلاحيته في 31 ديسمبر المقبل، لمدة عشر سنوات أخرى، بأغلبية ساحقة 419 مؤيد مقابل معارض واحد.
وقال شمخاني إن تمديد العقوبات ضد إيران ركل للاتفاق النووي.. فقادة أمريكا الذين حاربوا إيران من قبل وفشلوا إذا مددوا العقوبات فإن هذا يعني إلغاء الاتفاق النووي، ولمواجهة ذلك سنقوم بتنفيذ حزمة تقنية جاهزة وبسرعة.
وهكذا تتأرجح تصريحات قادة إيران بين الطمأنينة الزائدة عن الحد والزائفة والتهديد والوعيد وبين الإقرار بالأمر الواقع وهو أن الاتفاق النووي لا مستقبل له بعد مجيء ترامب، ومنهم من يعتبره في حكم الملغي ويجب البحث عن وسائل أخرى للتعامل.