رغم أن البيت الأبيض حاول التخفيف من روع إيران بعد فوز ترامب وما تراه طهران من خطورة ذلك على اتفاقها النووي مع أمريكا، إلا أن هذه الطمأنة لم تمنع المسئولين الإيرانيين من التعبير عن مخاوفهم.
على الرغم من أن البيت الأبيض حاول التخفيف من روع إيران بعد فوز دونالد ترامب باانتخابات الرئاسة الأمريكية وما تراه طهران من خطورة ذلك على مستقبل اتفاقها النووي مع أمريكا، إلا أن هذه الطمأنة يبدو أنها لم تمنع المسئولين الإيرانيين من التعبير عن مخاوفهم الكبيرة من كيفية تعامل الرئيس الامريكي الجديد مع هذا الملف.
وكان ترامب خلال حملته الانتخابية وجولاته أكد مرارا على أن الاتفاق النووي الذي تم مع إيران كان خطأ كبير من إدارة الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما وأنه يهدد أمن العالم ومصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وأنه سيعمل على نقض هذا الاتفاق الذي تم برعاية مجلس الأمن فور فوزه بالسلطة.
من جانبه سارع البيت الأبيض اليوم الأربعاء بعد فوز ترامب للتأكيد على أن إدارة الرئيس باراك أوباما لا تزال ملتزمة بتنفيذ اتفاق باريس بشأن التغير المناخي والاتفاق النووي مع إيران في الشهور الأخيرة للإدارة في السلطة.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إيرنست في إفادة صحفية "هذه الإدارة ستلتزم بتنفيذ تلك السياسات حتى 20 يناير وسنفي بالتعهدات التي قطعناها في كل من هذين المجالين مثلما نفعل."
ويبدأ ترامب الذي انتقد بشدة اتفاقي إيران وباريس فترته التي تستمر أربع سنوات في 20 كانون الثاني/ يناير.
الطمأنة التي قدمها البيت الأبيض تزيد المخاوف أكثر من تخفيفها عند الإيرانيين.
فما قاله البيت الأبيض يؤكد أن الموقف سيتغير حتما بعد انتهاء ولاية أوباما حيث أخلى البيت الأبيض ساحة أوباما من أي تغير يحدث بعد مغادرته السلطة، وترك الأمر في عهدة الرئيس المنتخب ترامب ليقرر فيه ما يشاء.
تصريحات قادة إيران هي الأخرى رغم محاولتهم من خلالها بث الطمأنة لشعبهم إلا أنها أفصحت عن رعب كبير يكتنفهم من مصير الاتفاق النووي بعد تسلم ترامب السلطة.
الرئيس الايراني حسن روحاني حاول التقليل من قيمة فوز ترامب او تأثيره على بلاده قائلا: إن نتيجة الانتخابات الأمريكية ليس لها تأثير على السياسات الايرانية مضيفا أن الاتفاق النووي لايمكن تغييره بقرار من أحدى الحكومات.
روحاني الذي تلقى الخبر الصادم بفوز ترامب خلال اجتماع الحكومة الإيرانية اليوم الأربعاء حاول تخفيف الصدمة قائلا: إن مكانة أمريكا في المجتمع الدولي ولدى الرأي العام العالمي قد اهتزت بسبب السياسات الخاطئة وإن تعميق الشرخ مع المجتمع الدولي وأوروبا سيوجه ضربات أكثر إلى هذه المكانة.
وعلق رئيس إيران أمله في الهروب من تلك الأزمة بحدوث توترات واضطرابات يتمناها لأمريكا بعد فوز ترامب حيث قال: نتيجة للانتخابات الأمريكية فإن حالة التوتر وعدم الاستقرار الداخلي في أمريكا ستستمر طويلا وأن حلها يتطلب زمنا طويلا.
مضيفا: لا أثر لنتيجة الانتخابات الامريكية في سياسات ايران، أمريكا لا تمتلك اليوم أبدا قدرة أكثر من السابق للاستفادة من "ايرانفوبيا" وإيجاد إجماع عالمي ضد إيران.
أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني سار على نهج رئيسه هو الآخر محاولا التقليل من قيمة وتأثير فوز ترامب على النووي الإيراني حيث قال: لا أثر لنتيجة الإنتخابات الأمريكية على السياسات والخطوات الإيرانية، معربا عن أمله في أن تؤدي الانتخابات الأمريكية لأن يراجع القادة الأمريكيين سياساتهم السابقة تجاه إيران.
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف علق على فوز ترامب بدعوة أمريكا إلى تنفيذ تعهداتها الدولية المتعددة الأطراف في الاتفاق النووي.
وقال ظريف في تصريح للصحفيين في رومانيا فور تلقيه صدمة فوز ترامب اليوم الاربعاء: "هذا خيار الشعب الأمريكي لكن أيا يكن الرئيس الأمريكي فعليه أن يعرف واقع العالم والمنطقة بشكل صحيح ويتعامل معه بواقعية، ليست هناك علاقات سياسية بين إيران وأمريكا لكن على أمريكا تنفيذ تعهداتها الدولية المتعددة الأطراف في الاتفاق النووي".
وروجت إدارة الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما للاتفاق على أنه سبيل لإيقاف ما يشتبه بأنه مسعى لطهران لتطوير أسلحة نووية. وفي المقابل وافق أوباما وهو ديمقراطي على رفع معظم العقوبات المفروضة على إيران.
وجرى التوصل إلى الاتفاق الذي عارضه بشدة الجمهوريون في الكونجرس كالتزام سياسي وليس اتفاقية أقرها أعضاء الكونجرس مما يجعله تحت رحمة رئيس أمريكي جديد مثل ترامب الذي يختلف مع شروطه.
وترشح الجمهوري ترامب للبيت الأبيض معارضا للاتفاق وفاز ترامب أمس متغلبا على هيلاري كلينتون وسيخلف أوباما في 20 كانون الثاني / يناير.
ووصف ترامب وهو رجل أعمال تحول إلى سياسي ولم يتقلد مطلقا أي منصب عام الاتفاق النووي بأنه "كارثة" و "أسوأ اتفاق جرى التفاوض بشأنه على الإطلاق" خلال حملته وقال إنه قد يقود إلى "محرقة نووية".
وفي خطاب ألقاه في آذار/ مارس أمام لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (إيباك) وهي جماعة ضغط موالية لإسرائيل أعلن ترامب أن "أولويته الأولى" ستكون "تفكيك الاتفاق الكارثي مع إيران".
وقال إنه كان سيتفاوض على اتفاق أفضل يشمل قيودا أطول.
وتزعم إيران أنها لا يمكن أن تكون قد فكرت على الإطلاق في تطوير أسلحة ذرية.
وحسبما نقلت وكالة رويترز قال ريتشارد نيفيو وهو مفاوض أمريكي سابق مع إيران ويعمل الآن بجامعة كولومبيا "قولوا وداعا لاتفاق إيران".
وأضاف: "ثمة احتمال ضعيف للغاية لبقائه إما بسبب قرار متعمد من ترامب بتمزيقه أو بخطوات تتخذها الولايات المتحدة تدفع إيران للانسحاب (من الاتفاق)."
هكذا في الوقت الذي أعلن فيه أغلب قاد العالم -حتى المتحفظين منهم- ترحيبهم بانتخاب ترامب رئيسا لأمريكا واحترموا إرادة الشعب الأمريكي، فإن إيران حتى هذه اللحظة لم تهنيء الرئيس المنتخب على الفوز لتأكدها أنه في الوقت الذي يدخل فيه ترامب البيت الأبيض فإنها على ما يبدو ستودع اتفاقها النووي مع أمريكا.