الثلاثي الخطر حاضر في كل عملية إرهابية في المنقطة العربية، وإن كان ذلك يتم بشكل غير مباشر، ومن خلال الوكلاء.
لا نحتاج إلى كثير جهد، أو تمعّن، لمعرفة من يقف وراء التوتر في المنطقة، وعدم الاستقرار في كثير من دولها، فما يحدث واضح للعيان، ومكشوف لمن يريد أن يضع يده على مصدر هذه القلاقل التي تعاني منها أكثر من دولة عربية، فإيران وتركيا وقطر، هي التي تذكي نار الفتنة، وتسعى لإحداث فوضى شاملة في جميع دولنا ودون استثناء.
هذا الوضع الذي تمر به ليبيا والسودان والجزائر واليمن وسوريا لا يمكن قراءته وتحليله دون أن تكون قطر وإيران وتركيا طرفاً رئيساً فيه، أو تبرئة هذا الثلاثي الخطر من دور إعلامي أو مالي أو بالسلاح
انظروا إلى ما يحدث في سوريا واليمن وليبيا والعراق وتونس ومصر، والآن في السودان والجزائر، وغيرها، وستجدون أن هذا الثلاثي الخطر حاضراً في كل عملية إرهابية، وإن كان ذلك يتم بشكل غير مباشر، ومن خلال الوكلاء، وانظروا إلى الساحات المشتعلة في بعض هذه الدول، وستجدون أن من يموّلها بالمال، أو السلاح، أو الإعلام هي هذه الدول.
والسذج من العرب، أو العملاء منهم، هم من يدفعون بدولهم إلى هذه المشاهد الدامية، خدمة لعدوهم، دون أن يفكروا بأن المال الذي يقبضونه من عدوهم لن يؤمن لهم حياتهم، ولن ينقذهم من مصيرهم طال الزمن أو قصر، ما دام ظلوا متناسين صوت العقل والحكمة حين يصدر من الشرفاء لتوجيههم إلى خطورة اللعب بالنار، وأن هذا الدمار، وهذه الدماء، وهذه الفوضى، إنما المستهدف الأول والأخير فيها هي بلداننا وشعوبنا.
لقد آن الأوان لأن يصغي كل من هو طرف في إشعال هذا الحريق إلى صوت الشرفاء، فيتبرأ كل واحد منهم من هذه الممارسات العدوانية، ويعود إلى الصف الوطني والقومي للدفاع عن دولنا ضد هذه الهجمة الشرسة التي تقودها هذه الدول الثلاث، مؤيّدة من دول كبرى وإسرائيل، لأنها في نهاية الأمر تصب في مصلحتها، وتحقق أهدافها المشبوهة.
لقد قالت المملكة كلمتها المخلصة في أكثر من مناسبة، وعبّرت عن رأيها النابع من تأثرها وخوفها مما تمر به هذه الدول من محن، استشعاراً بمسؤولياتها التاريخية، وتطلعاً من شعوب هذه الدول إلى أن يكون تفكيرها متجهاً صوب حقن الدماء، ومنع تحويل دولنا أو بعضها إلى أراضٍ محروقة، كلما كانت هناك فرصة، أو حدث يحرّض المملكة لتقول كلمة الفصل في القضايا الملتهبة.
وإن ما يجري في السودان يعبّر عن مأساة حقيقية، فالقتلى في ازدياد، ومثلهم المصابون، وكل شيء في سوداننا العظيم أصبح مجمداً إلى حين، ودون الوصول إلى توافق بين الشارع المحتج، والقيادة العسكرية التي لا تريد أن تترك البلاد إلى المجهول، بينما تتسابق وسائل الإعلام في تقديم تغطيات لما يحدث، مشجعة بذلك على استمرار هذه الظاهرة التي لم نألفها في الشعب السوداني المسالم.
ومثل ذلك، فإن الوضع في الجزائر، ورفض المحتجون لكل المبادرات لتنظيم الانتخابات، واستمرار الاحتقان لدى المتظاهرين في الشوارع والميادين، دون أي طرح عقلاني يسهل الطريق أمام إجراء انتخابات وفق ما ينص عليه دستور البلاد، إنما يشجع على مزيد من الفوضى، وجعل الانتخابات غير ممكن تحقيقها في أجواء كتلك التي نراها في جزائر المليون شهيد.
هذا الوضع الذي تمر به ليبيا والسودان والجزائر واليمن وسوريا لا يمكن قراءته وتحليله دون أن تكون قطر وإيران وتركيا طرفاً رئيساً فيه، أو تبرئة هذا الثلاثي الخطر من دور إعلامي أو مالي أو بالسلاح، وكل حسب المتاح لديه، فهذا الشحن هو الذي أوجد هذا النتاج، وحرَّك النفوس المريضة لخلق الفتنة، ومنع الوصول إلى اتفاق بين الشرفاء ومواطني هذه البلاد المنكوبة.
نقلاً عن "الجزيرة" السعودية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة