مباراة إيران وأمريكا.. مواجهة خارج أروقة السياسة
لا قاعدة ثابتة تقول إن كأس العالم هو ماراثون رياضي بحت، فالعبرة في مواجهة اليوم الثلاثاء، التي تجمع خصمين جيوسياسيين لدودين.
هما الولايات المتحدة وإيران، الدولتان اللتان تلتقيان في استاد الثمامة بالدوحة، في ختام دور المجموعات ضمن نهائيات كأس العالم 2022، في مواجهة حاسمة ستحدد المتأهل منهما للدور الثاني.
فبالنظر إلى العلاقات العدائية طويلة الأمد بين البلدين، كانت مثل هذه المباراة دائما ما تسرد قصصا جيوسياسية، لكنها اليوم تتقاذف المظاهرات الجارية في إيران على خلفية مقتل الشابة مهسا أميني.
وقبل النزال المرتقب، انغمس اتحاد كرة القدم الأمريكي في الاضطرابات السياسية الجارية في إيران، عندما نشر منشورا على حسابه في وسائل التواصل الاجتماعي، يتضمن جدول ترتيب المجموعة الثانية.
وأظهر الجدول العلم الإيراني بألوانه الحمراء والبيضاء والخضراء بدون شعار الجمهورية الإسلامية، في لفتة تهدف إلى إظهار التضامن مع المحتجين.
خطوة أمريكية دفعت اتحاد الكرة الإيراني إلى الدعوة لطرد الولايات المتحدة من كأس العالم، وسط غضب بين صفوف الجماهير الإيرانية.
غضبٌ مهّد الطريق لمؤتمر صحفي، أمس الإثنين، واجه فيه الصحفيون الإيرانيون، مدرب الولايات المتحدة جريج بيرهالتر، الذي بذل جهودا مضنية للتخفيف من حدة التعليقات بأن اللعبة تحمل بعدا سياسيا.
وقال برهالتر: "نحن ندعم الشعب الإيراني والفريق الإيراني، لكن مع ذلك، نحن نركز على هذه المباراة، كما هي كذلك".
مضيفا "أتصور أن المباراة ستخوض منافسة شديدة بسبب حقيقة أن كلا الفريقين يريد التقدم إلى الدور التالي - ليس بسبب السياسة أو بسبب العلاقات بين بلدينا".
في غضون ذلك، شدد برهالتر على أنه لا هو ولا لاعبوه على علم بمنشور اتحاد كرة القدم الأمريكي على وسائل التواصل الاجتماعي. وقال "كل ما يمكننا القيام به نيابة عنا هو الاعتذار نيابة عن اللاعبين والجهاز الفني".
الاتحاد الأمريكي لكرة القدم، هو الآخر، أوضح من جانبه أنه أراد تغيير العلم الإيراني لمدة 24 ساعة، دعما منه لنساء إيران "اللواتي يناضلن من أجل حقوق الإنسان الأساسية"، بحسب ما نقلته عنه شبكة CNN.
ولفت إلى أن العلم الرئيسي لإيران موجود على موقعه الإلكتروني وأماكن أخرى له، منوها بأن شعار الجمهورية الإسلامية عاد حاليا إلى العلم الإيراني على الحسابات الإلكترونية.
عداء تاريخي
ومع ذلك، فإن رغبة برهالتر في أن تغيب السياسة عن المناسبة قد تكون مجرد تمنٍّ. فأي مواجهة بين المنتخبين الأمريكي والإيراني لا تمر مرور الكرام.
فعادة ما تكتسي هذه المباراة ثوب السياسة، نظرا للخلاف التاريخي بين البلدين اللذين قطعا العلاقات الدبلوماسية بينهما منذ عام 1980، وسط عقوبات فرضتها واشنطن على طهران.
فمنذ ذلك التاريخ، جنحت العلاقة بين البلدين نحو المواجهة السياسية حتى وإن كانت على المستديرة في المستطيل الأخضر.
خلافٌ فاقمته عقوبات أمريكية وخروج واشنطن من الاتفاق النووي المبرم بين طهران والقوى الغربية (بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، روسيا، الصين، الولايات المتحدة) عام 2015، في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.
لكن قبل نحو عام، بدأت إيران والقوى الموقعة باستثناء الولايات المتحدة، مباحثات في فيينا حول برنامج طهران النووي، بمشاركة غير مباشرة من واشنطن التي انسحبت سعيا إلى اتفاق جديد، بدا التوصل إليه شبه أكيد قبل أشهر، قبل عرقلة المفاوضات.