التجسس الإيراني.. خريطة طهران تتوسع بدول العالم
بين قارات العالم بمختلف مواقعها، تتواصل ضربات السلطات الأمنية بعدة دول توجيه لعمليات التجسس الإيرانية على أراضيها.
وعلى مدار سنوات مضت، اتهمت تقارير رسمية وصحفية صادرة من دول مختلفة عن عمليات تجسس واغتيال ينفذها عملاء المخابرات الإيرانية بمعظم الدول الأوروبية وأمريكا اللاتينية وأفريقيا وشرق آسيا وشبه القارة الهندية وتركيا ودول الشرق الأوسط.
والسبت، قالت صحيفة "فيلت إم زونتاج"، إن الحكومة الألمانية أقرت بزيادة عمليات تجسس من جانب عملاء طهران على الإيرانيين المنفيين الذين يعيشون على أراضيها، منذ بدء احتجاجات في منتصف سبتمبر/أيلول 2022 إثر مقتل الشابة مهسا أميني (22 عاماً).
ومنتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، قال رئيس وكالة الأمن الداخلي ومكافحة التجسس في المملكة المتحدة، كين ماكالوم، إن أجهزة المخابرات الإيرانية قامت خلال العام 2022 بما لا يقل عن 10 محاولات لخطف أو قتل مواطنين أو أفراد بريطانيين مقيمين في المملكة.
حينها قال كين ماكالوم، إن طهران استخدمت العنف منذ فترة طويلة لإسكات المنتقدين في الداخل، وقد تجاوزت أجهزة استخباراتها "العدوانية" الخط الأحمر لتهديد بريطانيا بشكل مباشر.
وفي 27 يناير/كانون الثاني الماضي، أعلن وزير العدل الأمريكي ميريك غارلاند، توقيف 3 أشخاص للاشتباه بضلوعهم في مؤامرة تدعمها طهران لاغتيال الصحفية الإيرانية المعارضة مسيح علي نجاد بالولايات المتحدة.
وأكد غارلاند أن اثنين من الموقوفين الثلاثة، هما عنصران في مافيا تنشط في أوروبا الشرقية، وعلى صلة بإيران، مشيراً إلى أنهما جُندا للإعداد لاغتيال علي نجاد في نيويورك.
خطة شريرة
واستنكر العديد من النشطاء والشخصيات والمنظمات الدولية، هذه الخطة الشريرة التي كان من المفترض أن تنفذها المخابرات والأمن في إيران.
ولم يكن تخطيط النظام الإيراني ومحاولته لخطف أحد رموز المعارضة، سواء على الأراضي الأمريكية أو في وسط مفاوضات إيران النووية مع القوى العالمية، بمثابة صدمة للصحفيين الإيرانيين والنشطاء السياسيين والمدنيين في الخارج.
وكان الكشف عن خطة المؤامرة هذه بمثابة إنذار لجميع حكومات العالم وحتى المواطنين الأجانب، وأظهر أن الإرهاب لا حدود له وأن الصمت والتقاعس عنه لا يؤدي إلا إلى استمراره وتوسعه.
وعلى مدار الأربعين عامًا الماضية، لم يتم الكشف عن جميع الأعمال والعمليات التي قامت بها إيران تمامًا، ولم يتم تحديد تفاصيلها الكاملة، ولكن بناءً على نفس الوثائق والتقارير الحالية، فإن دوافع النظام الإيراني هي القيام بأعمال إرهابية.
وفي 18 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، تم القبض على إيراني- ألماني يبلغ من العمر 35 عامًا في دورتموند، على خلفية محاولة إشعال النار في كنيس يهودي.
وبعد ذلك، ذكرت وسائل الإعلام الألمانية أن رامين يكتابرست، عضو نادي الدراجات النارية "هيلز إنجلز"، أحد المتهمين في هذه القضية، وقد هرب إلى إيران، العام الماضي، لتورطه في قضية قتل.
كما أعلنت وسائل إعلام ألمانية وإسرائيلية عن تجسس إيران على جان جوزيف شوستر، رئيس المجلس المركزي لليهود الألمان.
وبحسب تقارير إعلامية، فإن عميلاً عراقياً سابقاً للمكتب الاتحادي الألماني لحماية الدستور (جهاز الأمن الداخلي) جمع معلومات عنه وأرسلها إلى إيران.
ضربة أسترالية
وفي أحدث موجات التجسس الإيراني، أعلنت الحكومة الأسترالية اليوم الثلاثاء أنها أحبطت مؤامرة نفوذ أجنبية نفذتها طهران.
وبحسب الحكومة الأسترالية، فقد استهدف عملاء النظام الإيراني مواطنًا إيرانيًا أستراليًا على أراضي هذا البلد، بعد أن راقبوا منزله وأجروا بحثًا مكثفًا عنه وعلى أسرته لمجرد انتقاده النظام الإيراني.
وقالت شبكة أس بي أس الأسترالية، إن سيدني وعدت بالإعلان عن أسماء الدول التي تحاول تقويض العمليات السياسية في البلاد.
وخلال كلمة ألقتها في الجامعة الوطنية، أكدت وزيرة الشؤون الداخلية الأسترالية، كلير أونيل، اليوم، أن النفوذ الأجنبي هو أحد التهديدات الرئيسية للديمقراطية بالبلاد.
وأضافت أن انتفاضة الشعب ضد النظام الإيراني، والتي بدأت بمقتل مهسا أميني في عهدة دورية شرطة الأخلاق بطهران، وأدت إلى تجمعات احتجاجية للإيرانيين لدعم هذه الانتفاضة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك أستراليا.
وقال أونيل في كلية الأمن القومي الأسترالية: "أحبطت المخابرات الأمنية أنشطة أشخاص كانوا يراقبون منزل إيراني أسترالي ويجمعون معلومات عنه وعن أسرته".
ووفقًا لوزير الشؤون الداخلية الأسترالي، فقد تمكنوا من مراقبة المؤامرة وإحباطها بسرعة، مؤكدا أن أجهزة الأمن بلاده لن تتراجع عن مراقبة أنشطة الدول الأجنبية وعملائها على الأراضي الأسترالية.
تصريحات الوزير الأسترالي جاءت بعد إعلان منظمات وسلطات أسترالية أخرى أنها على علم بأنشطة المخبرين المؤيدين لطهران ضد المواطنين الإيرانيين الأستراليين على أراضيها.
كما وصف المحافظون الأستراليون التقارير المتعلقة بعمليات المراقبة ضد الأستراليين الإيرانيين بأنها مثيرة للقلق، لكنهم يقولون إن ذلك ليس مفاجئًا.
مطالب بالرد
وقالت كلير تشاندلر، السيناتورة الأسترالية التي ترأست مؤخرًا جلسة استماع في مجلس الشيوخ بشأن وضع حقوق الإنسان في إيران، إنها كانت على علم بالعشرات من هذه التقارير.
وقد طلب البعض من رئيس الوزراء الأسترالي أنطوني ألبانيز اتخاذ المزيد من الإجراءات لحماية الحقوق الديمقراطية والرد بجدية على هذه المؤامرات.
ومنذ القمع العنيف لانتفاضة الشعب الإيراني ضد النظام، اتخذت أستراليا بعض الإجراءات، بما في ذلك فرض عقوبات محدودة على طهران.
لكن المتظاهرين الذين خرجوا في احتجاجات في المدن الأسترالية، كل أسبوع بالأشهر الخمسة الماضية دعما للناس داخل إيران ، يقولون إن هذه الإجراءات غير كافية.
وفي ديسمبر 2022 ، فرضت أستراليا عقوبات على شرطة الأخلاق في إيران والباسيج وستة مسؤولين في إيران عقوبات لقمع الاحتجاجات الشعبية.
وفي نهاية شهر يناير/كانون الثاني الماضي، قالت قناة "ABC News" الإخبارية الأسترالية، على لسان متحدث باسم وزير خارجية البلاد، إن الحكومة الأسترالية "قلقة للغاية بشأن التقارير المتعلقة بالتدخل الأجنبي من قبل إيران، بما في ذلك المضايقات وترهيب المواطنين الأستراليين".