وزير الأمن الإيراني يزور العراق.. المخاطر وأبرز الدلالات
في ثاني زيارة خلال 10 أيام لـ"مسؤول كبير"، وصل وزير الأمن الإيراني محمود علوي، إلى العاصمة العراقية بغداد.
وتأتي الزيارة في وقت يترافق مع تصعيد في حدة الهجمات التي تشنها المليشيات الولائية ضد المصالح الأمريكية في العراق.
وكان رئيس الجمهورية برهم صالح، استقبل الأربعاء، وزير الأمن الإيراني علوي، بحسب بيان لمكتبه، واستبقت مصادر مطلعة، تلك الزيارة بالكشف عن سريتها والملفات التي يحملها المسؤول الإيراني إلى العراق.
بداية تصعيد جديد
بحسب المعطيات والزيارات السابقة، دائماً ما تنعكس نتائجها على العراق، بعيد أيام من انقضائها، بارتفاع الهجمات التي تطال مصالح واشنطن وقواعد التحالف الدولي.
وكان مدير استخبارات الحرس الثوري الإيراني، حسين طائب، دخل العاصمة العراقية، بغداد، الأسبوع الماضي، في زيارة سرية، التقى خلالها بقادة مليشيات مسلحة وشخصيات سياسية.
وعشية وصول طائب إلى العراق، وعلى مدار الأيام الثلاث التي جاءت بعد زيارته، شنت المليشيات الموالية لإيران عدداً من الهجمات التي استهدفت قاعدة عين الأسد في الأنبار والسفارة الأمريكية ببغداد وقاعدة عسكرية تابعة للولايات المتحدة قرب مطار أربيل، نفذت بواسطة طائرات "مسيرة".
ويرى متابعون للشأن السياسي، أن أغلب زيارات طهران السرية إلى العراق، تحمل رسائل سلبية ومؤشرات تأزيم للوضع في المنطقة برمتها.
وكشفت وكالة "رويترز"، أمس الثلاثاء، نقلاً عن مصادر لم تسمها، أن قائد "إيراني"، أدار اجتماعا في بغداد، الأسبوع الماضي، مع فصائل مسلحة ووجه بتصعيد الهجمات ضد المصالح الأمريكية في العراق.
وتأتي زيارة علوي، السرية، في وقت يعيش العراق وضعاً مأساوياً جراء فاجعة حريق مستشفى الحسين جنوبي البلاد والتي راح ضحيتها أكثر من 90 قتيلا وعشرات الجرحى.
ودفعت حادثة الحريق الضخم الذي التهم مركزاً طبياً خاص بمرضى كورونا، إلى تصاعد حدة الغضب في الشارع العراقي، إزاء الفساد والإهمال المؤسساتي والذي توجه فيه أصابع الاتهام إلى تنفذ "المليشيات"، في الدولة هدر المال العام.
توحيد الصفوف
وتعيش المليشيات التابعة لإيران في العراق حالة من الانقسام، وفي السياق أكد خبير أمني مختص، أن الفصائل المسلحة "تعيش حالات فقدان السيطرة عليها من قبل ساسة طهران وخصوصا ما بعد الأحداث التي رافقت قضية اعتقال القيادي المليشاوي البارز قاسم مصلح".
وكانت قوة أمنية اعتقلت الشهر الماضي، القيادي في مليشيا "الحشد، مصلح بتهمة ضرب المواقع الأمريكية في العراق وقتل المتظاهرين.
وتم إطلاق سراحه بعد 10 أيام من الاعتقال مع وصول قائد فيلق القدس الإيراني، إسماعيل قاني، إلى بغداد، والتي بحث من خلال زيارته السرية، التهدئة بين الفصائل والحكومة بحسب مصادر مطلعة.
وكانت مليشيات من الحشد الشعبي الموالية لطران، تحملها سيارات دفع رباعي مجهزة بأسلحة متوسطة، اقتحمت المنطقة الرئاسية شديدة التحصين في العاصمة بغداد عشية اعتقال مصلح عشية اعتقال مصلح.
ويبين الخبير الأمني، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن "بعض الفصائل المسلحة تتحرك خارج نطاق البث الإيراني"، موضحاً أن "بعض الهجمات التي تشن ضد القواعد الأمريكية تأتي ضمن اجتهادات مليشياوية محلية".
"من حرقني"
ويستعد عدد من النشطاء، للتحضير إلى مظاهرات حاشدة في بغداد الأحد المقبل، حملت وسم "# من حرقني"، للدفع بجملة من المطالب بينها محاسبة المسؤولين عن حريق الناصرية وكبح نفوذ الفصائل المسلحة وإرجاع هيبة الدولة.
من جانبه يقول المحلل السياسي، حميد شاكر، إن طهران تعتمد الأرض العراقية ومنذ عقدين تقريباً ساحة صراع مستأجرة لتصفية مواقفها وخلافاتها مع القوى الغربية دون الاكتراث للقيم السياسية والأعراف الدولية.
ومن الطبيعي بحسب شاكر، أن "تجد إيران وتجتهد في وضع البنى التحتية السياسية وقواعد الاشتباك عند الدول التي تستطيع الوصول إليها كما هو معتمد لديها من تكتيك مستخدم في صنع الأذرع العسكرية والضرب من خارج الحدود".
ويستدرك بالقول: "ساسة طهران يحاولون الخلاص من أزماتهم السياسية والاقتصادية جراء العقوبات الدولية المفروضة على إيران من خلال قطع الطريق أمام المصالح الأمريكية في المنطقة والتي يحتل العراق فيها النصيب الأوفر منها".
ويلفت شاكر خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، إلى أن "الزيارات السرية وغير المعلنة تحمل في رحالها ما يدعو للشك والريبة والقلق".
وبشأن توقيت زيارة علوي إلى العراق، يؤكد المحلل السياسي حميد شاكر، أنها "لا تخل من حمل توجيهات وتعليمات إيرانية جديدة لفصائلها في العراق في ظل احتدام مشهد الصراع مع واشنطن مؤخراً".
ويتوقع شاكر، أن "تصاعد حدة العمليات التي تشنها المليشيات ضد التواجد الأمريكي في العراق ما بعد انتهاء زيارة وزير الأمن الإيراني".
ولوحت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، في الرد على الهجمات التي طالت مواقع لها في العراق وسوريا خلال الأسبوع الماضي.
وكانت مليشيات "سيد الشهداء"، وكتائب "حزب الله"، تكبدت خسائر كبيرة في ختام الشهر الماضي، عقب ضربة جوية نفذتها طائرات أمريكية استهدفت مواقع تستخدمها لتخزين السلاح عند الحدود السورية العراقية.
وهددت المليشيات المسلحة، مرارا بتصعيد الهجمات ضد القواعد الأمريكية في العراق وسوريا، زاعمة أنها بدأت "حرباً مفتوحة".