زلة إيرانية تكشف تفاصيل الدفاعات الجوية حول موقع نطنز النووي

كشف مقطع فيديو مدته ثانيتان من داخل مركز قيادة إيراني معلومات بالغة الحساسية حول أنظمة الدفاع الجوي المحيطة بمنشأة نطنز النووية.
ووصف الباحث الأمني سام لاير من مركز جيمس مارتن لدراسات عدم الانتشار هذا التسريب بأنه "نافذة استخباراتية نادرة" قدمت "أوضح صورة حتى الآن للبنية التحتية للدفاعات الجوية الإيرانية حول مواقعها النووية"، مشيرًا إلى أن حجم البيانات التي تم الكشف عنها كان "مذهلًا" بالنظر إلى السرية المشددة التي أحاطت بهذه التفاصيل لسنوات، بحسب مجلة مليتري ووتش.
وكشف التحليل أن إيران، التي تعاني من نقص حاد في الطائرات المقاتلة الحديثة وطائرات الإنذار المبكر، تعتمد بشكل أساسي على شبكة معقدة من الرادارات الأرضية الثابتة والمتحركة، إلى جانب أنظمة صواريخ دفاع جوي متعددة الطبقات، لسد الفجوات في حماية مجالها الجوي، خاصة حول المنشآت الحيوية مثل نطنز، أحد أكثر المواقع استراتيجيةً وعُرضةً للتهديد في إيران.
وبحسب التحليل الذي أجراه لاير وفريقه، تضم الدفاعات الجوية حول نطنز أربعة أنواع رئيسية من الرادارات: أولها رادار "نجم 804" المحلي الصنع، المصمم خصيصًا للعمل مع منظومة "خُرْداد 15" بعيدة المدى، والتي تُعتبر حجر الزاوية في الدفاعات الإيرانية.
وثانيها رادار أصغر حجمًا مرتبط بمنظومة "تور" الدفاعية الروسية قصيرة المدى، التي تُستخدم لاعتراض الصواريخ والطائرات على ارتفاعات منخفضة.
أما الراداران الآخران فهما نسختان مطورتان من رادار P-12 السوفياتي القديم، الذي يعود تصميمه إلى حقبة الستينيات وتم استخدامه على نطاق واسع خلال حرب فيتنام، مما يثير تساؤلات حول مدى فعالية هذه الأنظمة في مواجهة التهديدات الحديثة.
ومن أبرز الثغرات التي كشفها التسريب عدم تكامل البيانات بين هذه الرادارات الأربعة، حيث تظهر المعلومات على شاشات منفصلة بدلًا دمجها في نظام موحد يُقدم صورة شاملة لساحة المعركة الجوية.
وأوضح لاير أن هذا التشتت يُضعف القدرة على التنسيق بين طبقات الدفاع، قائلًا: "المفاجئ أن تكون الدفاعات حول موقع بتلك الأهمية الاستراتيجية مفككة إلى هذا الحد... كنت أتوقع وجود شبكة رادارية متقدمة تعمل بتقنيات الذكاء الاصطناعي لربط البيانات، خاصة مع الحديث الإيراني المتكرر عن تطوير أنظمة متكاملة."
وأضاف أن السلطات الإيرانية كانت في تسريبات سابقة أكثر حرصًا على طمس محتويات الشاشات الحساسة، مما يشير إلى أن هذا التسريب قد يكون نتيجة إهمال غير مسبوق.
ورغم هذه الثغرات التشغيلية، تظل منشأة نطنز محصنةً بشكل هائل تحت الأرض، حيث تعاونت إيران مع كوريا الشمالية لتطوير أنفاق وبُنى تحتية عميقة يصل بعضها إلى عمق 90 مترًا، ومحمية بطبقات من الخرسانة المسلحة والفولاذ.
وتجعل هذه الطبقات من تدمير هذه المنشأة مهمةً شبه مستحيلة دون استخدام أسلحة متخصصة مثل القنابل النووية التكتيكية أو قنابل "جي بي يو-57" الخارقة للتحصينات، التي تزن 14 طنًا وتخترق حتى 60 مترًا من الخرسانة قبل التفجير.
ويُذكر أن مئات الخبراء الكوريين الشماليين عملوا سرًا في الموقع لسنوات لضمان تحمله لهجمات محتملة، وفقًا لتقارير استخباراتية غربية.
وتعكس هذه التحديات إشكاليةً أوسع في الاستراتيجية العسكرية الإيرانية، التي تجمع بين تطوير أنظمة محلية الطموح واستيراد تقنيات أجنبية متنوعة دون وجود خطة واضحة للتكامل بينها.
فبينما تتفاخر طهران بقدرتها على إنتاج 90% من احتياجاتها الدفاعية محليًا، تظهر التسريبات مثل هذه أن أنظمتها لا تزال تعتمد على مزيج غير متجانس من التقنيات القديمة والحديثة، مما يخلق فجوات قاتلة في حال تعرضها لهجوم متطور.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTIyIA== جزيرة ام اند امز