سمر محمد لـ"العين الإخبارية": تقلبات السياسة زحفت على الفن العراقي (حوار)
فنانة قديرة استطاعت خلال مشوارها الذي شارف على الـ50 عاماً أن تصنع لاسمها مكاناً بين الكبار من مبدعي الفن، عبر تجسيدها للعديد من الأدوار والشخصيات التي لا يزال أغلبها عالقا في ذاكرة العائلة العراقية.
سمر محمد، فنانة عراقية ولدت بمدينة الموصل عام 1955، قادتها الصدفة إلى التمثيل لتجد ذاتها فيما بعد عند خشبة المسرح والسينما والشاشة الصغيرة.
بدأت حياتها الفنية على خشبة المسرح، بمسقط رأسها عام 1969، لتنطلق فيما بعد نحو العاصمة بغداد لاستكمال حلمها.
عن تلك البدايات، تتحدث سمر محمد لـ"العين الإخبارية"، حيث تقول: "كان أخي فناناً محلياً أرافقه في بعض الأحيان إلى أماكن التمرين خلال عرض مسرحي وأصابني الشغف بتلك الأجواء حينها مما دعاني لحفظ حوارات بعض الممثلين".
وتضيف: "في أحد الأيام وخلال عرض مسرحي تغيبت إحدى الممثلات عن الحضور وكلفني المخرج شفاء العامري بدورها، وكان عمري آنذاك 9 سنوات".
وبعد نحو 8 سنوات جاء المخرج ذاته للبحث عن تلك الطفلة الموهوبة ليسند لها دوراً في مسرحية أوديب ملكاً. كما تقول محمد.
وفي مطلع السبعينيات من القرن الماضي، انتقلت سمر محمد إلى العاصمة بغداد، حيث شاركت في العديد من الأعمال الفنية جسدت من خلالها أدوارا مهمة تنوعت ما بين الشخصية الرئيسية والأبطال الثانويين.
كانت باكورة أعمالها بالعاصمة مسلسل باسم "السنطور"، عام 1974 للمخرج العراقي الكبير كارلو هارتيون، لتتوالى فيما بعد العديد من الأعمال على مستوى المسرح والشاشة والسينما فيما بعد.
وعبر تلك المسيرة الممتدة لأكثر من 5 عقود، بلغ رصيد الفنانة سمر محمد أكثر من 100 عمل فني يتوزع ما بين الدراما والمسرح والأدوار السينمائية.
ومن بين أهم تلك الأعمال على مستوى الشاشة، مسلسل "الذئب وعيون المدينة"، الذي قدم عام 1980 وهو من تأليف عادل كاظم وإخراج إبراهيم عبدالجليل وكذلك "الأماني الضالة "، والجزء الأول من مسلسل "ذئاب الليل"، و"عالم الست وهيبة"، الذي ظهرت من خلاله بشخصية "أم مهيدي"، والتي بقيت مرادفا لاسمها حتى الآن.
وفي المسرح قدمت محمد عشرات الأعمال المهمة بينها مسرحية "نساء لوركا"، و"بيت الأحزان" و"ألف حلم وحلم"، و"جبفارا" و "برلمان النساء"، وغيرها.
وفي السينما ورغم قلة الإنتاج العراقي في ذلك المجال إلا أنها شاركت في العديد من الأعمال أولها فيلم "المنعطف" عام 1975 للقاص والروائي الكبير غائب طعمة فرمان ومن إخراج جعفر علي، و"الرأس"1977، والتجربة"، في العام ذاته، و"الحب كان السبب" 1986، وعمارة رقم 13"، 1987، و "فتى الصحراء" 1989.
وعن تلك الرحلة المكتنزة بالعطاء والمثابرة، تقول محمد إنها "كانت مسيرة فنية عشت فيها الألم والفرح والغبطة والانكسار عاصرت من خلالها كبار الممثلين الذين تركوا أثرا كبيراً في داخلي على المستوى الإنساني والفني بينهم المسرحي الراحل جعفر السعدي ويوسف العاني وسعدية الزيدي".
وتضيف محمد: "كان زمناً جميلاً تميز بالأداء الصادق والمخلص والرغبة في تقديم رسالة تليق بالمشاهد العراقي وبما ينسجم مع الغاية التي وجد من أجلها الفن والتمثيل".
وبشأن الأمس واليوم، تلفت محمد إلى أن "الدراما العراقية بدأت تتحرك مجدداً ومنذ أكثر من عامين عبر العديد من الأعمال الفنية التي يتميز بعضها بالمضامين المهمة التي تلامس هموم وتطلعات الجمهور فضلاً عن المستوى الفني الجيد في الأداء والإخراج".
وتعطف بالقول: "الفن بصورة عامة هو انعكاس للبيئة الاجتماعية وصلابة المؤسسات الماسكة لبني الإنسانية والسلطوية لذا فإن الاضطرابات السياسية التي عاشتها البلاد زحفت بشكل كبير على كل مرافق الحياة بينها الدراما والمسرح وبقية الفنون الأخرى".
وتعود الفنانة سمر محمد إلى جمهورها من خلال سلسلة من الأعمال الدرامية خلال شهر رمضان الحالي بينها "الماس المكسور"، و"الدولة العميقة"، و"ليلة سقوط الموصل".