"الزيت" يشعل احتجاجات العراق وقرارات حكومية لتهدئة "ثورة الجياع"
في موجة غلاء غير مسبوقة في العراق، سجلت أسعار معظم المنتجات الغذائية قفزة نسبت أسبابها إلى الحرب الروسية الأوكرانية، واقتراب شهر رمضان.
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي، موجة عارمة من الغضب الشعبي جراء ارتفاع تلك الأسعار وخصوصاً في مادة زيت الطعام التي قفز سعر القنينة الواحدة غلى الضعف، فيما بدأت تنتظم تظاهرات احتجاجية للسيطرة على السوق وحماية اصحاب الدخل المحدود من مضاربات الأسعار.
وجاءت موجة الغلاء قبيل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية بنحو أربعة أيام، عقب قرار لهيئة رئاسة البرلمان في مناقشة أسعار صرف الدينار العراقي أمام الدولار الذي اتخذه البنك المركزي قبل عامين على أثر أزمة مالية خانقة عاشتها البلاد، ابتدأت في صيف 2020.
- موجة غلاء تضرب العراق.. تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية "تتمدد"
- العراق صوب الانضمام لحلف العقاب.. حقيقة موقف بغداد من روسيا
وانعكس تحرك رئاسة البرلمان العراقي باستضافة وزير المالية ومحافظ البنك المركزي وعدد من المسؤولين على قيم أسعار السوق من مختلف البضائع فضلاً عن تذبذب أسعار صرف الدولار أمام الدينار العراقي.
ومع الأيام الأولى للحرب الروسية الأوكرانية، بدت تتصاعد التحذيرات في الأوساط العراقية من انعكاس تلك الأزمة على واقع الأسعار في البلاد وخصوصاً أن العراق يعتمد على استيراد أغلب المنتجات الغذائية والاستهلاكية من الخارج.
وشكل القمح في مقدمة السلة الغذائية العراقية، التي تهددها الحرب الروسية، كون البلاد تعتمد على استيرادها من أوكرانيا وأستراليا والولايات المتحدة مما ينذر بغلاء أسعارها إلى الضعف بحسب مختصين.
ومنذ يومين بدت تتصاعد موجة الغلاء في الأسواق العراقية مع دخول الحرب الروسية الأوكرانية أسبوعها الثالث، مما حدى برئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، باعتماد إجراءات سريعة لتأمين المخزون الاستراتيجي من الغذاء والسيطرة على الأسواق المحلية.
ملاحقة المضاربين ومنحة غلاء
ووجّه الكاظمي، خلال ترؤسه اجتماعاً للمجلس الوزاري للأمن الوطني الأجهزة الأمنية المعنية بملاحقة كلّ من تسوّل له نفسه الانتفاع سلباً على حساب المواطن، والمتاجرة غير القانونية بسلّة غذاء المواطنين، ومحاسبته وفق القانون.
وأمس أضاف مجلس الوزراء، حزم إضافية من القرارات لتخفيف غائلة ارتفاع الأسعار عن كاهل المواطن وخصوصاً من الطبقات الفقيرة والمتوسطة.
وتضمنت القرارات منحة حكومية بقيمة 100 ألف دينار لمرة واحدة باسم (منحة غلاء معيشة) تقدم إلى عدد من الفئات بينهم المتقاعدين والمشمولين بالرعاية الاجتماعية ومعدومي الدخل.
وكذلك التوجيه بتصفير الرسم الجمركي على البضائع الأساسية من مواد غذائية ومواد بناء ومواد استهلاكية ضرورية لمدة شهرين وإعادة النظر بالقرار بعد معاينة الأزمة.
وأيضاً إلغاء المواد المحظور استيرادها لأغراض حماية المنتج من المواد الغذائية، والاستهلاكية، والأدوية لمدة شهرين، وتأجيل استيفاء الضرائب على التجار من مستوردي المواد الغذائية.
وعلى وقع ارتفاع الأسعار، نظم المئات في محافظة ذي قار جنوبي العراق، صباح اليوم، تظاهرة كبيرة في ساحة الحبوبي وسط مدينة الناصرية مركز المحافظة.
ثورة الجياع
وأطلق المحتجون على تظاهراتهم (ثورة الجياع) احتجاجا على ارتفاع أسعار المواد الغذائية وارتفاع سعر صرف الدولار"، داعين "الجهات المعنية إلى تدارك الموقف قبل فوات الأوان"، في إشارة إلى التصعيد في قادم الأيام.
ويقول أحمد الشطري، الذي كان حاضراً في احتجاجات الحبوبي لـ"العين الإخبارية"، إن "المواطن اليوم أمام مواجهة جشع ومضاربات التجار الذين استغلوا الأحداث العالمية بما يحقق مكاسب مادية لهم على حساب الفقراء".
ويضيف الشطري خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "الحكومة تركت الكادحين والمعوزين ممن يعانون أوضاعاً معاشية صعبة تحت رحمة هؤلاء التجار". ويتابع الشطري الذي يعيل خمسة أبناء وزوجة : "لن تهدأ تظاهرتنا حتى تعود الأسعار على ما كانت عليه قبل الحرب الروسية".
وشهدت بابل، ومركزها الحلة، جنوب العراق، مساء أمس، تظاهرات غاضبة احتجاجاً على غلاء الأسعار، تطورت فيما بعد إلى احداث عنف أسفرت عن إصابة بعض المحتجين بينهم ناشط مدني بجروح خطيرة.
وقبل يومين، كانت قد انطلقت تظاهرة مماثلة عند قضاء الحضر في محافظة المثنى طالبوا من خلالها حماية الطبقات الفقيرة من غلاء الأسعار وتوفير الإعانات السريعة والعاجلة.
من جانبه يلفت المحلل الاقتصادي، كريم الحلو، إلى أن ما يحدث في الأسواق العراقية من غلاء مفاجئ، ما هو إلا لعبة سياسية تديرها حيتان كبيرة لها ارتباطات بالأحزاب".
ويشدد الحلو خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، على ان "الحلول تكمن في فرض اجراءات صارمة واحكام قضائية مشددة على المتاجرين بقوت الشعب العراقي".
وكان النائب الأول لرئيس البرلمان العراقي، حاكم الزاملي، قد أكد أمس خلال مؤتمر صحفي، أن الارتفاع الحاصل في أسعار المواد الغذائية يأتي في جانب كبير منه لقيام بعض التجار باحتكار وتخزين بعض المواد الغذائية بغرض رفع أسعارها في السوق.
ويعاني العراق من نسب بطالة تقترب من الـ30%، تتقارب معها معدلات الفقر رغم أن البلاد تمتلك كبرى الاحتياطات النفطية في العالم وتحتكم على الكثير من الثروات الطبيعية.
aXA6IDE4LjE4OC43Ni4yMDkg
جزيرة ام اند امز