النفوذ الإيراني في بغداد يحترق بنيران العراق الثائر
مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية دللت على أعنف أزمة يواجهها نفوذ طهران في بغداد بمقطع مصور لحرق علم إيران في ساحة التحرير
يلقي كثير من المحتجين العراقيين باللوم على إيران والقوات الموالية لها في أسوأ أعمال العنف التي شهدتها البلاد، وكان من بين مطالبهم الرئيسية التخلص من النفوذ الإيراني.
هكذا عبرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية في تقرير لها عما وصفته بـ"الغضب" الذي يشتعل في نفوس العراقيين تجاه إيران التي يرونها ضالعة في العنف الذي شهدته البلاد ودعمها لرئيس الوزراء عادل عبدالمهدي.
وتشير المجلة الأمريكية إلى أن هتاف "إيران بره، بره" أصبح شائعا بساحة التحرير في بغداد الذي يمثل موقع التظاهر الرئيسي العاصمة العراقية، لافتة إلى مقاطع مصورة يظهر فيها المحتجون يحرقون العلم الإيراني.
وقال علي قاسم أحد المحتجين "17 عاما": "إن إيران هي من دمرنا وهاجمنا. إيران وراء كل الناس الذين تسببوا في خلق هذا الوضع. إيران تدير البلاد".
قاسم، مثله مثل كثيرين غيره، يرى أن إيران هي القوة التي تبقي عبدالمهدي في منصبه، ويلوم المحتجون طهران على استغلال العراق في تحقيق مصالحها الخاصة.
أما محمد رضا "18 عاما" الذي يعمل بائعا متجولا وسائقا لتوكتوك، قال: لا توجد وظائف. الناس يتخرجون ويبقون بالمنزل. تركت المدرسة لمساعدة والدتي. لم يكن لدينا طعام. نحن فقراء. ليس لدينا أي شيء. لم يكن لدينا حتى ربع دينار، كيف يمكنني الذهاب للمدرسة؟
وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن الشائعات تناقلت، الخميس، بشأن قرب استقالة عبدالمهدي، إذ ألقى الرئيس العراقي برهم صالح خطابا في تلك الليلة أعلن فيه موافقة رئيس الوزراء على الاستقالة، لكن شرط تسمية البرلمان لبديل، غير أن اختيار رئيس وزراء جديد وسط مفاوضات مع شبكة الأحزاب السياسية المتنافسة هي عملية قد تستغرق شهورا.
ومع انقشاع الغبار، بات واضحا أن عبدالمهدي، الذي يريد الاستقالة، ليس له قول في الأمر، فقد جاء إلى السلطة من خلال تحالف تدعمه طهران، وتريد السلطات الإيرانية منه البقاء في المنصب، وفي المقابل، المحتجون عازمون على البقاء في الميدان حتى قطع دابر النفوذ الإيراني وتجديد النظام الحاكم تماما.
وأكدت المجلة الأمريكية في تقريرها أن المستقبل غير واضح، مشددة على أن إيران تواجه أحد أكبر التحديات أمام نفوذها في المنطقة.
من جانبه، رأى الكاتب الأمريكي توم روجان أن إيران بالغت في التدخل في العراق مجددا، مشيرا إلى المهمة الخاصة التي قام بها قائد فيلق القدس قاسم سليماني، الأربعاء، باجتماعه مع هادي العامري، أبرز وكيل لإيران في العراق، لينبهه بعدم التخلي عن عبدالمهدي.
وقال روجان خلال مقال له بصحيفة "واشنطن إكزامينر" الأمريكية إنه على الرغم من موافقة العامري، الذي يترأس تحالف الفتح الموالي لإيراني، على طلبات سليماني، لا زال يواجه المتشددون الإيرانيون مشكلة، وهي عدم وجود أي مؤشر على تراجع الاحتجاجات، وأن الساسة الأقوياء يغيرون وجهتهم لدعم أولئك المطالبين بالتغيير.
وأوضح الكاتب أن مقتدى الصدر، الحليف السابق لإيران، ليس سعيدا بإذعان العامري لطهران حتى أنه بعد رفض الأخير الانضمام له في دعم استقالة عبدالمهدي، حذره الصدر من أنه لن يدخل في تحالف معه أبدا، ما يعني أن إيران والعامري فقدا شريكا رئيسيا، والآن هم عالقون مع واحد أو اثنين من الخيارات الصعبة.
ومنذ أواخر أكتوبر/تشرين الأول اندلعت موجة جديدة من المظاهرات الحاشدة في العاصمة وعدد من محافظات الجنوب للمطالبة بإقالة الحكومة وتحسين الأوضاع المعيشية وإنهاء نفوذ إيران.