عيد الأم 2022.. المرأة العراقية أتعبتها الحروب وظلمتها التشريعات
تستعد "رفل" لتجهيز الورد والشموع للاحتفال بعيد الأم عند مقبرة الغزالي وسط العاصمة العراقية بغداد، في عُرف اعتادت عليه منذ وفاة والدتها قبل 3 سنوات.
ترافقها في ذلك المشوار شقيقتها الصغرى، في رحلة تستغرق قرابة الساعتين تختلط فيها الدموع والتهاني معاً، وهما تجلسان عند قبر والدتهما وتمسحان عن قطعة رخام كُتب عليها الاسم وتاريخ الوفاة، الغبار والأتربة.
تقول رفل ذات الـ35 عاماً، إنها تقصد ذلك المكان لمشاطرة والدتها الفقيدة في عيدها وطمأنتها أنها ما زالت حاضرة في ذاكرة ووجدان بناتها الاثنتين.
احتفالات عيد الأم
ويحتفل العالم العربي، في 21 مارس/آذار من كل عام بـ"عيد الأم"، وتختلف مظاهر هذا الاحتفال من دولة إلى أخرى حسب عاداتها وتقاليدها.
وعادةً ما يتم الاحتفال بعيد الأم في العراق من خلال اجتماع العائلة وتحضير الأكلات وتناول الحلوى، فيما يذهب البعض إلى المتنزهات والحدائق العامة لاستكمال طقوس الاحتفاء بهذه المناسبة.
وتستبق مواقع التواصل الاجتماعي تلك المناسبة بسيل جارف من التهاني والتبريكات بعيد الأم، وإطلاق الدعوات للأمهات في عيدهن.
وفي هذه المناسبة، نخص بالذكر المرأة العراقية التي قاست ظروفاً طارئة نقلتها من الحروب إلى المجاعة واختلال الأمن، مما اضطرها إلى أن تؤدي أدواراً كبيرة واستثنائية في تربية الأولاد وإعانتهم وهي تكابد مرارة العيش وفقدان المعيل، وعلى وقع تلك المعاناة، يسجّل العراق منذ سنوات حالات عنف متصاعدة بحق المرأة.
وقالت عضو مفوضية حقوق الإنسان والناشطة النسوية، فاتن الحلفي إن "المرأة العراقية عانت وقاست تحديات وتحملت أعباء كبيرة ومازالت تتحمل، لذا نجدها أرملة ونازحة ومطلقة وهي تمارس دورها في صناعة الأجيال".
وأضافت "الحلفي" لـ"العين الإخبارية" أنه "من الإنصاف في عيدها أن نعيد قراءة المرأة في ضوء المعطيات الحالية بما يسهم في تمكينها ويوفر لها فرصاً متساوية مع الرجل بما يرفع الظلم الذي يطالها منذ قرون".
قانون الحماية من العنف الأسري
وأشارت إلى أن هناك الكثير من القوانين والأعراف الاجتماعية التي لا تزال تكبّل المرأة بالكثير من القيود"، موضحة أن "هناك محاولات بُذلت من قبل الناشطات والمعنيات بحقوق المرأة لتشريع نصوص ومواد تحميها من ذلك الظلم ولكن لم يبصر أغلبها النور حتى الآن".
وصوّت مجلس الوزراء العراقي في 4 أغسطس/آب عام 2020 على مسوَّدة مشروع قانون الحماية من العنف الأسري، إلا انها وجدت جدلاً واعتراضاً كبيراً داخل المجلس النواب بذريعة أنها تخالف التعاليم الإسلامية والقيم الاجتماعية.
ويعزو مختصون ومعنيون بالحقوق غياب التشريعات والقوانين المنصفة بحق المرأة انعكس على تصاعد عمليات العنف وشتى أنواع السلوكيات المسيئة بحقها.
وقالت سارة جاسم، عضو منظمة حقوق المرأة في كلمة لها بهذه المناسبة: "نحيي نضال كل الأمهات العراقيات اللاتي واجهن قسوة الحياة بدءاً من الحروب وفقدان الأزواج والأبناء وليس انتهاءً ممن قاسين ظروف الحياة الاقتصادية والاجتماعية التي تسوء كل يوم".
وأكدت "جاسم" لـ"العين الإخبارية"، أنه "لا تزال تضحيات الأمهات كبيرة مقارنة مع قرينها الرجل في تحدي كل هذه الصعوبات، فقد قدّمن العطاء بمختلف النواحي من تربية الأبناء ورعايتهم إلى سوق العمل".
وأضافت: "أتمنى بهذا اليوم من كل الأمهات أن يكن ثائرات على التغيير إلى الأفضل لتحقيق جيل واعي مدني يرفض العبودية ويؤمن بالمساواة المدنية بين الجنسين دون تمييز".
وتزامناً مع يوم المرأة في 8 مارس/آذار الجاري، قدمت مجموعة من الناشطات النسويات دعوى قضائية إلى المحكمة الاتحادية العليا، يطالبن من خلالها تعديل المادتين 409 و128 من قانون العقوبات المرقم 111 لسنة 1969.
وتنص المادة (409) من قانون العقوبات العراقي المرقم 111 لسنة 1969، أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات من فاجأ زوجته أو إحدى محارمه في حالة تلبسها بالزنى أو وجودها في فراش واحد مع شريكها فقتلهما في الحال أو قتل أحدهما أو اعتدى عليهما أو على أحدهما اعتداءً أفضى إلى الموت أو إلى عاهة مستديمة".
وتشير المادة 128/ أولاً من القانون ذاته، إلى أن: الأعذار إما أن تكون معفية من العقوبة أو مخففة لها ولا عذر إلا في الأحوال التي يعينها القانون وفيما عدا هذه الأحوال يعتبر عذراً مخففاً ارتكاب الجريمة لبواعث شريفة أو بناء على استفزاز خطير من المجنى عليه بغير حق.