كورونا يقلص "أعداد وخيارات" معتصمي العراق
رغم انخفاض أعداد المتظاهرين فإنهم يتمسكون بمطالبهم ويتوعدون الحكومة وأحزاب السلطة بنشاطات سلمية كبيرة
لم تعد ساحات الاعتصام في بغداد وجنوبي العراق تحتضن آلاف المتظاهرين، كما كانت خلال الأشهر التي سبقت انتشار فيروس كورونا المستجد، فاللجان المنظمة للمظاهرات خفضت أعداد المعتصمين وحجرت على ساحات الاعتصام ضمن إجراءات الوقاية من انتشاره.
وتشهد خيام المعتصمين تفاوتا ملحوظا في عدد الموجودين فيها ما بين 3 و5 متظاهرين، فيما تتواصل عمليات التوعية الصحية وعمليات تعقيم الخيم والساحات وتنفيذ إجراءات السلامة.
ورغم هذا الانخفاض في أعداد المتظاهرين فإن التمسك بالأهداف التي خرجت من أجلها المظاهرات ما زالت سيدة الموقف في هذه الساحات، فالمعتصمون ينتظرون تحقيق مطالبهم ويتوعدون الحكومة العراقية وأحزاب السلطة بنشاطات سلمية كبيرة ما لم يستجيبوا للمطالب.
وأكد عدي الزيدي، عضو اللجنة المنظمة لمظاهرات ثورة تشرين من ساحة التحرير وسط بغداد، لـ"العين الإخبارية"، أن "ساحات الاعتصام لم تفرغ، وما زال هناك متظاهرون في كل الساحات وفي ساحة التحرير يوجد حاليا أكثر من ٥٠٠ متظاهر".
ولفت إلى أن "بقية المتظاهرين عادوا إلى بيوتهم في إطار عمليات الوقاية من فيروس كورونا".
ويستعد المتظاهرون في ساحات الاعتصام إلى سلك خيارات سياسية سلمية جديدة فيما إذا لم تتحقق أهدافهم.
وتابع الزيدي: "إذا لم تتحقق أهداف الثورة في عودة المتظاهرين لن تكون عصيانا أو اعتصاما، بل هذه المرة ستكون اقتحاما للمنطقة الخضراء (المنطقة المحصنة وسط بغداد التي تحتضن المقار الرئيسية للحكومة) وطرد الفاسدين منها".
ويواصل الناشطون واللجان المنظمة للمظاهرات حملاتهم على الإنترنت من خلال نشر البيانات والهاشتاقات التي تؤكد أن الثورة ستعود وبقوة ورفض جميع محاولات الأطراف السياسية لتشكيل الحكومة الانتقالية، مع المطالبة بحل البرلمان وتكليف شخصية مستقلة غير جدلية لتشكيل الحكومة الانتقالية وإجراء انتخابات مبكرة نزيهة في البلاد.
وأوقفت اللجان المنظمة للمظاهرات جميع المسيرات الحاشدة والنشاطات التي تشهد تجمع أعداد كبيرة من المتظاهرين استجابة لنصائح الكوادر الطبية للحفاظ على حياة المتظاهرين وحمايتهم من الوباء.
وقال جهاد علي، عضو اللجنة المنظمة للمظاهرات في محافظة بابل جنوب بغداد لـ"العين الإخبارية": "نحن في ساحة اعتصامات بابل حجرنا الساحة وطلبنا من المتظاهرين عدم الإقبال حاليا عليها لحين انتهاء هذا الوباء، وخفضنا أعداد المعتصمين في الخيم إلى ٣ معتصمين وأقل، وباشرنا بتعقيم الساحة".
ولفت إلى أن "المتظاهرين يحاولون حاليا حماية أنفسهم من فيروس كورونا ومن مليشيات الحشد الشعبي والقوات الأمنية العراقية فيما إذا حاولت التقدم باتجاه إنهاء الاعتصامات مستغلة الأوضاع الصحية التي يمر بها العراق".
من جهته، اعتبر المختص بالشأن العراقي عبدالقادر النايل الخطوات التي اتخذها المتظاهرون للوقاية من فيروس كورونا خطوات فاعلة في الالتزام الكامل بقوانين السلامة العامة والوقاية من فيروس كورونا من خلال الاعتصام داخل الخيم في جميع الساحات وبأعداد جيدة وترك التجمعات والمسيرات حتى لا يُصابوا بالفيروس.
وكشف النايل، لـ"العين الإخبارية"، أن "اللجان المنظمة لمظاهرات ثورة تشرين حصلت على معلومات تفيد بأن الحرس الثوري الإيراني أراد نشر كورونا في العراق من خلال المظاهرات، فقررت تجميد التجمعات لحين الخروج من الأزمة وعدم نشر الفيروس بين أبناء الشعب العراقي".
وبيّن أن "إيران نشرت الفيروس بين قاصدي المزارات الدينية والآن بدأ الفيروس ينتشر في العراق".
ولعل من أبرز الخطوات التي وصفها النايل بالمهمة هي التبادل اليومي للمعتصمين حيث يوجد مئات المعتصمين ليوم وليلة ويأتي غيرهم في اليوم الثاني في دلالة على التنسيق الفعال والجاد واستمرار المظاهرات بطريقة تحميهم وتحمي بلدهم من كورونا وفي الوقت ذاته يستمرون في مطالبتهم بإسقاط الحكومة وحل البرلمان وتجميد الدستور وتشكيل حكومة انتقالية برعاية الأمم المتحدة لإجراء انتخابات نزيهة بقانون انتخابي عادل.
وسلّط النايل الضوء على أن المرحلة المقبلة ستشهد نشاطات سلمية من قبل المتظاهرين تتناسب مع الإجراءات الخاصة بانتشار فيروس كورونا.
وأوضح أن "التصعيد السلمي الذي سنراه في المرحلة المقبلة سيكون الاعتصام داخل بنايات الدولة من الوزارات وغيرها، وفي المحافظات ستنتقل الساحات إلى مباني المحافظات والمجالس المحلية، وتطويق البنك المركزي العراقي وإجبار السلطات على إغلاقه".
وأشار النايل إلى أن المتظاهرين حذروا السلطات الحكومية من محاولة اقتحام ساحات الاعتصامات لأن الآلاف من الشباب جاهزون للخروج إذا اقتضى الأمر وهناك تنسيق بينهم على مستوى جميع الساحات واتخذوا جميع التدابير.
ووصف النايل الموقف الصحي في العراق بالصعب جدا بسبب "الانتشار الكبير للفيروس إثر استمرار الحكومة في فتح الحدود مع إيران وتدفق الزوار إلى كربلاء والنجف، واستمرار دعوات المعممين وفي مقدمتهم مقتدى الصدر للتجمعات أمام المراقد الدينية".
وأردف النايل بالقول: "الحكومة والأطراف السياسية العراقية تمر بضعف كبير وانهيار اقتصادي مزلزل عبر انخفاض برميل النفط وارتفاع ديون العراق الخارجية التي وصلت إلى ١٤٠ مليار دولار واستمرار مزاد العملة الصعبة في البنك العراقي المركزي التي تُهرب نحو إيران، ما سبب ارتفاعا كبيرا لخط الفقر بين الشعب العراقي، وسيزيد سخط الناس على الأطراف السياسية والحكومة".
وحصلت "العين الإخبارية" على معلومات دقيقة من مصادرها في وزارة الداخلية العراقية عن نية مليشيات الحشد الشعبي اقتحام ساحات الاعتصام في بغداد ومدن الجنوب وإنهاءها بالقوة مستغلة انتشار الوباء وانشغال المجتمع الدولي والعالم بمكافحة كورونا.
فيما أعلنت اللجنة المنظمة لمظاهرات ثورة تشرين في العراق، في بيان، أنها ستوجه نداء للشعب العراقي ومن عاد من المتظاهرين إلى منازلهم بالعودة إلى ساحات الاعتصام، فيما إذا حاولت المليشيات والأجهزة الأمنية العراقية الخاضعة لها فض الاعتصامات واقتحام الساحات بالقوة.