توبيخ ساسة في إسرائيل.. «شيء سيئ» يحدث داخل الجيش
في مشهد غير مألوف، خرج قائد عسكري إسرائيلي بمؤتمر صحفي على حدود غزة لينتقد السياسيين الإسرائيليين ويوبخهم، في واقعة وصفها كاتب شهير لصحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية بـ«شيء سيئ يحدث بالجيش».
قائد الفرقة 98 بالجيش الإسرائيلي دان جولدفوس وبخ كل القادة السياسيين في إسرائيل معتبرا أنهم «ليسوا على قدر ما يستحقه الجنود الإسرائيليون».
- إسرائيل.. الجيش والشاباك يشرعان بالتحقيق في «إخفاقات 7 أكتوبر»
- مكالمة الجيش المسربة.. ألمانيا تكشف تفاصيل جديدة
فهو أشار إلى أن ما حدث في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي حينما فاجأت "حماس" إسرائيل بهجوم على بلدات وقواعد غلاف قطاع غزة بأنه "يدفع السياسيين لطأطأة رؤوسهم".
وقال في الخطاب، الذي تبين أن مكتب الناطق العسكري لم يقره كله: "لن نتهرب من المسؤولية، نحني رؤوسنا في مواجهة فشلنا الذريع، لكن يجب أن تكونوا جديرين بنا".
ومع ذلك فقد وجد من يدافع عنه بدءا من وزير المالية بتسلئيل سموتريتش وصولا إلى وزير الداخلية موشيه أربيل وغيرهما من النواب في الأحزاب المشكلة للحكومة.
تحركات بلا أوامر
ما قاله جولدفوس جاء بعد كشف النقاب عن أن قائد وحدة آخر يدعى باراك حيرام أصدر أمرا بتفجير جامعة الإسراء، جنوب مدينة غزة، دون مبرر ودون الحصول على موافقة قائد المنطقة بالجيش الإسرائيلي.
ومع ذلك فقد قرر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي عدم معاقبة حيرام الذي اعترف في السابق أيضا بأنه أمر بقصف منزل إسرائيلي في غلاف غزة بالدبابة رغم علمه بوجود رهائن إسرائيليين فيه يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
«شيء سيئ بالجيش»
ولاحظ الكاتب الصحفي الإسرائيلي الشهير ناحوم بارنياع، أن "شيئا سيئا يحدث في الجيش الإسرائيلي"، مع تكرار أخطاء قادة الجيش في غزة".
بارنياع، كان يعلق في صحيفة «يديعوت أحرونوت» على خطاب جولدفوس بعد أن انتقد في الماضي قيام الجيش الإسرائيلي بأعمال نهب وتدمير وسرقة وقتل في قطاع غزة.
وقال بارنياع: "مع كل احترامي لتذمر هذا الضابط، فإن القتال في غزة لم يمنحه الحق ولا السلطة للتعبير عن موقفه من القضايا السياسية".
وأضاف: "المقدم دان جولدفوس لا يختلف كثيراً عن المقدم باراك حيرام الذي دمر جامعة في غزة لأنه أراد تدمير جامعة، أو عن الضابط الذي أمر بتدمير مبنى البرلمان في غزة بعد احتلال المبنى وتطهيره وتوثيق الاحتفال فيه".
وأشار إلى أنه " جميع المعجبين سيسامحونني: الخطاب الذي ألقاه قائد الفرقة 98 أمس ليس أقل من فضيحة. وهو يتحدث عن فقدان السيطرة، وهي المشكلة التي تصاحب الجيش الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول".
وقال: "من الممكن العودة إلى التصميم الذي دفع به دافيد بن غوريون (رئيس وزراء إسرائيل الأسبق)، في خضم حرب (1948)، إلى إخراج السياسة من الجيش الإسرائيلي، لقد كانت عملية مؤلمة وقاسية وحيوية، وبلغت ذروتها بتفكيك مقر (البلماخ) وبدونها لن يكون لدينا جيش".
واستطرد بارنياع: "يمكنك العودة إلى خطاب المحرقة الفاضح الذي ألقاه الجنرال يائير جولان في عام 2016، وكان جولان، الذي كان آنذاك نائباً لرئيس الأركان، يلقي خطباً مناهضة للعمليات السائدة في المجتمع الإسرائيلي والتي تذكره بألمانيا وأوروبا في الثلاثينيات".
وتابع: "رغم أنني اتفقت مع مضمون كلامه، إلا أنني اعتقدت أنه كان من الواجب عزله من الجيش الإسرائيلي في اليوم التالي للخطاب. فلم يأذن له أحد بالتبشير بالأخلاق وتعليم التاريخ".
وأضاف: "في 7 أكتوبر/تشرين الأول، ارتدى يائير جولان زيه الرسمي وانطلق لإنقاذ المدنيين المنكوبين، إنه رجل شجاع ومحارب جيد، وفي وقت لاحق من اليوم أجرى مقابلات سياسية وهو لا يزال يرتدي الزي العسكري".
واستدرك: "اتضح أنه لم يتعلم شيئًا ولم ينس شيئًا: نفس الغطرسة، ونفس الطنانة، ونفس عدم احترام الواجبات التي تأتي مع الزي والرتبة".
وقال: "من المؤسف أن الجيش لم ير من المناسب الانسحاب من خطوة الجولان والتحركات المماثلة التي قام بها مسؤولون كبار آخرون، فتشكلت حفرة سقط فيها جولدفوس".
واعتبر بارنياع أن "الضباط الذين يدخلون السياسة يدعون السياسيين لدخول الجيش".
وقال: "لقد وصل مشروع التدمير الذي تنفذه الحكومة الحالية إلى الجيش الإسرائيلي".
وأضاف: "كل حرب تجلب معها فترة من العشق لأولئك الذين يرتدون الزي العسكري، وهذا ما حدث لنا في نهاية حرب الأيام الستة (1967)، وكان أحد العوامل التي أدت إلى العمى والغطرسة وفشل حرب يوم الغفران (1973)، واتضح أننا لم نتعلم درسا".
وتابع بارنياع: "هذه المرة تبدو عبادة الشخصية محيرة بشكل خاص، على خلفية أنها تأتي بعد أخطر فشل عسكري عرفته البلاد على الإطلاق، جميل أن يتحمل غولدفوس المسؤولية كغيره من الضباط، لكن أين التواضع أين التواضع".