تصعيد إسرائيل وإيران يعيد شبح التضخم ويحفز سيناريو الركود.. صدمة اقتصادية عميقة

يمثل انعدام اليقين، السمة الأبرز للاقتصاد العالمي في عام 2025، في حين يضفي تصاعد الصراع بين إسرائيل وإيران المزيد من التعقيدات للمشهد.
- فقد بدأت الأسواق المالية، وأسعار الطاقة، وتكاليف المستهلكين في الاستعداد لصدمة محتملة.
ووفقا لتقرير موقع "نيوز ناشين"، فإنه بعد الضربات التي شنتها إسرائيل صباح الجمعة على منشآت عسكرية ونووية إيرانية، ارتفعت أسعار النفط بشكل حاد، في حين انخفضت مؤشرات الأسهم العالمية.
واتجه المستثمرون نحو الأصول الآمنة، مما أدى إلى ارتفاع ملحوظ في أسعار الذهب.
وعلى الرغم من أن الصدمات الجيوسياسية غالبًا ما تكون قصيرة الأجل في الأسواق، فإن هذا التصعيد قد يُحدث تأثيرات ملموسة على الحياة اليومية، خصوصًا على الأسر الأمريكية.
مضيق هرمز
أحد أبرز مصادر القلق يتمثل في مضيق هرمز، الممر البحري الحيوي الذي يربط منتجي النفط والغاز بالأسواق العالمية. ووفقًا لوكالة الطاقة الدولية، ويمر عبره نحو 30٪ من تجارة النفط العالمية. وأي تعطيل لحركة المرور عبر هذا المضيق يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات في سلاسل الإمداد وارتفاع أسعار الطاقة.
وفي الوقت الذي تظل فيه وول ستريت هادئة نسبيًا، فإن تصاعد التوترات قد يؤثر على السياسة النقدية الأمريكية. وكان من المتوقع أن يُبقي مجلس الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة دون تغيير خلال اجتماعه في يونيو/حزيران، ويبدو أن هذا التصعيد يعزز هذا التوجه.
فرغم أن ارتفاع أسعار الطاقة قد يغذي التضخم، فإن البنك المركزي قد يفضل الانتظار والترقب بدلاً من اتخاذ خطوات قد تُفاقم الأوضاع الاقتصادية.
وإيران، باعتبارها أحد أكبر منتجي النفط في العالم، لا تزال تصدر كميات كبيرة من النفط رغم العقوبات الغربية، حيث تُشحن معظم صادراتها إلى الصين، بحسب وكالة الطاقة الدولية. وأي تعطيل كبير لصادرات إيران قد يدفع الصين للبحث عن بدائل، مما يُقلص المعروض العالمي ويرفع الأسعار.
فاتورة المستهلك الأمريكي
وبالنسبة للمستهلكين الأمريكيين، فإن الأثر الأكثر مباشرة قد يظهر في أسعار الوقود. فبعد فترة من الانخفاضات التي وفرت بعض الراحة، سجل متوسط سعر الوقود في الولايات المتحدة يوم الجمعة 3.13 دولار للغالون، مقارنة بـ 3.46 دولار قبل عام، وأقل كثيرًا من الذروة التاريخية عند 5.02 دولار في يونيو/حزيران 2022. إلا أن هذا الاتجاه قد ينعكس قريبًا.
وقال باتريك دي هان، رئيس تحليل النفط في شركة GasBuddy، عبر منصة X: "لا تزال توقعاتي تشير إلى أن أسعار البنزين ستبقى دون مستويات الصيف الماضي، لكن من المرجح أن ترتفع بمقدار 5 إلى 15 سنتًا للغالون خلال الأسبوعين المقبلين". وأضاف أن أسعار الديزل قد تشهد زيادات أكبر، تتراوح بين 10 و30 سنتًا للغالون.
وغالبًا ما يؤدي ارتفاع أسعار الطاقة إلى زيادة تكاليف النقل والسلع الاستهلاكية، ما يُضيف ضغطًا تضخميًا واسعًا. ومع ذلك، يُجمع المحللون على أن الوضع الحالي لا يرقى بعد إلى صدمة عالمية مماثلة لما أعقب حرب روسيا وأوكرانيا في عام 2022.
ومن جهة أخرى، هناك عوامل قد تُخفف من حدة الأزمة. فمطلع الشهر الجاري، أعلنت دول تحالف أوبك+ نيتها زيادة إنتاج النفط، مما قد يُخفف من حدة ارتفاع الأسعار مؤقتًا—لكن تأثير هذه الخطوة يعتمد على مدى تصاعد النزاع في المنطقة.
السياسة التجارية
وتُعد السياسة التجارية أيضًا من العوامل التي قد تُفاقم التضخم. فقد حذّر خبراء الاقتصاد سابقًا من أن التوترات التجارية المستمرة في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب قد تؤدي إلى زيادات في الأسعار. وقد بدأت شركات مثل وولمارت بالفعل برفع أسعار بعض السلع نتيجة ارتفاع التكاليف الجمركية. وارتفاع أسعار الطاقة قد يزيد من تعقيد المشهد.
ورغم أن التضخم لم يظهر بعد بشكل كبير بسبب الحرب التجارية، فإن تصعيد النزاع قد يغير ذلك. وقال مارك جيانوني، كبير الاقتصاديين في بنك باركليز: "من المرجح أن يرتفع التضخم—إنها مسألة وقت، وليس احتمال فقط".
وفي ديسمبر الماضي/كانون الأول، رسم غريغوري داكو، كبير الاقتصاديين في شركة EY-Parthenon، ثلاثة سيناريوهات لتصعيد محتمل في الشرق الأوسط. وكان من بين أكثرها خطورة اندلاع مواجهة مباشرة بين إيران وإسرائيل، مشيرًا إلى أنها قد تؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط، وزيادة التضخم، واضطرابات في سلاسل الإمداد العالمية، وقد تعقبها ركود اقتصادي عالمي محتمل.
وفي ظل هذه التطورات، تبقى الأسواق والمستهلكون في حالة ترقب وقلق، إذ قد لا تكون التداعيات الاقتصادية فورية، لكنها قد تكون عميقة وطويلة الأمد.