الغرب وروسيا على ميزان حرب إسرائيل.. قلقٌ يتجاوز مدار أوكرانيا
قلقٌ غربي من روسيا ليس بسبب أوكرانيا أو الصين هذه المرة، فالهاجس قادمٌ من الشرق، حيث التصعيد الفلسطيني الإسرائيلي.
هذا ما كشفت عنه مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، التي قالت إن المسؤولين والخبراء الأوروبيين يشعرون بالقلق من أن روسيا قد تستغل الفوضى المحيطة بهجوم حماس على إسرائيل، مما يدفع الكرملين إلى الاقتراب أكثر من إيران، المتحالفة مع الحركة.
وفيما لا يوجد مؤشر على دعم روسي لحركة حماس، تتلقى الأخيرة دعما كبيرا من إيران، الحليف الوثيق على نحو متزايد من الكرملين.
ويُشكل الهجوم على إسرائيل، وهي واحدة من أقرب حلفاء الولايات المتحدة، لم يخلق احتمال نشوب حرب على جبهتين في الشرق الأوسط فحسب، بل أدى أيضا إلى استنزاف ترسانة الأسلحة الأمريكية والأوروبية وقوة الإرادة السياسية.
وتأتي الحرب الإسرائيلية في وقت كان الغرب يواجه بالفعل صعوبة في جمع المزيد من الذخيرة والأموال لدعم الهجوم المضاد الذي تشنه أوكرانيا.
وقال وزير الدفاع اللاتفي السابق أرتيس بابريكس إن “الروس سيكونون مهتمين بتفتيت الغرب وخلق مشاكل إضافية”.
ومن المرجح، بحسب المجلة الأمريكية، أن تتحرك روسيا بخفة على خط الأزمة الحاصلة، نظرا لعلاقاتها التاريخية والدبلوماسية الطويلة مع إسرائيل.
إذ أقام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين علاقات وثيقة على مر السنين، حيث دعم الكرملين مخاوف إسرائيل بشأن أنفاق حزب الله التي تم حفرها من لبنان تحت الحدود الإسرائيلية، بل وشكّل فريق عمل مشترك لمناقشة سحب جميع القوات الأجنبية من سوريا.
ولم يدن الكرملين هجوم حماس، كما امتنعت إسرائيل عن الإدانة الكاملة للحرب الروسية على أوكرانيا واتخذت موقفا محايدا بشأن ضم موسكو لشبه جزيرة القرم في عام 2014، قبل أن تدين هذه الخطوة بعد أربع سنوات.
موقفٌ روسي رأت فيه صحيفة "واشنطن بوست" أنه يعكس عقودا من الدبلوماسية الدقيقة، والمتناقضة في بعض الأحيان، والتي سعى الكرملين من خلالها إلى إقامة علاقات قوية مع إسرائيل في حين دعم أيضا القضية الفلسطينية ومغازلة جماعات مثل حماس.
ويقيم في إسرائيل عدد كبير من المواطنين الروس، ويتحدث نحو 1.5 مليون إسرائيلي اللغة الروسية.
في المقابل، دعمت إسرائيل أوكرانيا دبلوماسيا لكنها لم تقدم أسلحة على الرغم من صناعة الأسلحة التي تبلغ قيمتها 12 مليار دولار.
وقال جوناثان لورد، وهو زميل بارز ومدير برنامج أمن الشرق الأوسط في مركز الأمن الأمريكي الجديد، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، إن روسيا تأمل أن تستمر إسرائيل في الابتعاد عن الصراع في حرب أوكرانيا.
ومع ذلك، يضيف لورد "قد تطلب إيران من روسيا أنظمة دفاع جوي لنفسها أو لوكلائها؛ أو حتى للمساعدة في سد الثغرات في برنامجها النووي".
ولفت لورد إلى أن " هذا سيكون له تداعيات مباشرة على الأمن الإسرائيلي وأمن المنطقة”.
أوكرانيا ابتلعت الذخيرة
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة وأربع دول أوروبية أعلنت دعم إسرائيل في جهودها للدفع عن نفسها، إلا أن القلق مازال يساور المعسكر الأوروبي.
وفي بيان مشترك أمس، قالت أمريكا وإيطاليا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا "ندين على نحو لا لبس فيه حركة حماس والأفعال الإرهابية الشنيعة التي ارتكبتها، وسندعم إسرائيل في جهودها للدفاع عن نفسها ".
وأضافت الدول الخمس: "سنظل متحدين في الأيام المقبلة وسنواصل التنسيق معا كحلفاء وأصدقاء مشتركين لإسرائيل لضمان قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها".
لكن مسؤولا ألمانيا قال للمجلة الأمريكية، طالبا عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتحدث إلى وسائل الإعلام: "إننا نواجه نقصا كبيرا في الذخيرة بسبب أوكرانيا".
وأمس الأحد. نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال"، عن دور إيراني في الهجوم المتواصل لليوم الرابع على التوالي.
ونقلت الصحيفة عن أعضاء كبار في حماس وحزب الله اللبناني، أن ضباط الحرس الثوري الإيراني "عملوا مع حماس منذ أغسطس (آب الماضي) لتخطيط التوغلات الجوية والبرية والبحرية" التي حدثت في الهجوم.
وذكرت أن مسؤولي الأمن الإيرانيين “أعطوا الضوء الأخضر للهجوم في اجتماع في بيروت يوم الإثنين الماضي”.
وعلى الرغم من أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، ليس لديها أي دليل في هذه المرحلة على أن إيران متورطة بشكل مباشر في هجوم حماس الأخير، إلا أن وزير خارجيتها أنتوني بلينكن أشار إلى أن “طهران وحماس لديهما علاقة طويلة".
وهو ما تطرق له المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، يوم أمس.
وقال كيربي، إن "إيران متواطئة رغم أن الولايات المتحدة ليس لديها معلومات مخابرات أو أدلة تشير إلى مشاركتها المباشرة في هجمات تشنها حركة حماس في إسرائيل".
وفي تصريح لشبكة MSNBC الأمريكية أضاف كيربي: "لقد دعمت إيران منذ فترة طويلة حماس والشبكات الإرهابية الأخرى في جميع أنحاء المنطقة من خلال التدريب على قدرات الموارد".
وتابع "بالتالي في هذا الصدد، من الواضح أن إيران متواطئة هنا، لكن فيما يتعلق بالأدلة المحددة على هذا النوع من الهجمات، ليس لدينا أي شيء".
ويرى مايكل دوران، الخبير في معهد هدسون، لمجلة "فورين بوليسي" أن فيلق القدس الإيراني وهي وحدة خاصة تابعة للحرس الثوري "ساعدت في بناء وكلاء جاهزين للمعركة لطهران في جميع أنحاء الشرق الأوسط".
كما " ساعدت حماس في تحسين فطنتها التكتيكية، ولذلك تمكنت الحركة من اختراق السياج واجتياح البلدات الإسرائيلية، باستخدام الطائرات الشراعية والصواريخ محلية الصنع ضد أحد أكثر الجيوش تقدما من الناحية التكنولوجية في العالم" وفق دوران.
ونفت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة يوم الإثنين، تورط طهران في هجوم حماس، وأصرت على أن “الرد” “اتخذته فلسطين نفسها فقط”.
لكنها قالت أيضا إن الهجوم “يتماشى بشكل ثابت مع المصالح المشروعة للشعب الفلسطيني”.
تصعيد يتواصل
ولليوم الرابع على التوالي، يتواصل التصعيد بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بعد الهجوم الذي شنته حركة حماس، صباح السبت، على بلدات إسرائيلية.
وقُتل في الهجوم، نحو 900 إسرائيلي، فيما أصيب أكثر من ألفي شخص، بحسب ما أعلنه الجيش الإسرائيلي.
كما تم أسر "أكثر من 100 شخص" خلال الهجوم، وفق ما صرح به وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين.
في المقابل، ردت إسرائيل بسلسلة غارات على مواقع متفرقة في قطاع غزة، أسفرت عن مقتل أكثر من 500 شخص.
وهددت حماس على لسان أبو عبيدة المتحدث باسم ذراعها العسكرية كتائب القسام، بالبدء بقتل الأسرى مقابل أي قصف إسرائيلي جديد على غزة دون سابق إنذار.