كيف ابتلعت إسرائيل 80% من مساحة غزة؟

تزعم إسرائيل أن أوامر الإخلاء مصممة لإبعاد المدنيين في غزة عن الأذى، لكنها بالنسبة لسكان القطاع "نذير معاناة" في ظل الكارثة الإنسانية.
تأتي تحذيرات الفرار فجأةً، إما عبر منشورات تُرفرف من السماء، أو رسائل نصية تُرسل رنينًا إلى آلاف الهواتف، وخرائط مُربكة على وسائل التواصل الاجتماعي تُشير إلى مساراتٍ تؤدي إلى المزيد من الأنقاض واليأس.
لكن أوامر الإخلاء تعني لسكان غزة البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة، نزوحا متواصلا، واندفاعا يائسا لجميع الأطفال وكبار السن، ثمّ رحلة بطيئة ومُذلّة إلى الركن المُدمّر التالي من القطاع المُحاصر.
وحلّلت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية المئات من أوامر الإخلاء بما في ذلك حوالي 30 أمرًا صدرت منذ أن خرقت إسرائيل وقف إطلاق النار مع حماس في مارس/آذار الماضي.
وتُوضّح هذه الأوامر كيف غيّرت إسرائيل شكل غزة، لتترك مساحة أقل فأقل للفلسطينيين بعدما منحت الضوء الأخضر لجيشها لاحتلال القطاع بأكمله.
وقبل الحرب كانت غزة من بين أكثر مناطق العالم كثافة سكانية. وأصبح الآن أكثر من أربعة أخماس القطاع مشمولا بمناطق عسكرية إسرائيلية وأوامر إخلاء، وفقا لـ"فاينانشال تايمز".
لكن إسرائيل لم تنتهِ بعد، فقد أشارت حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى أنها تريد حصر جميع السكان في زاوية صغيرة من جنوب غزة على طول الحدود مع مصر، مع منعهم من دخول بقية القطاع.
وحذّر مراقبون دوليون، من أن إجبار سكان غزة على التوجه جنوبًا إلى أرض صحراوية قاحلة بلا مياه جارية أو كهرباء أو حتى مستشفيات يُعدّ تطهيرًا عرقيًا، في حين يخشى الفلسطينيون أن يكون ذلك مقدمة لطردهم من القطاع تمامًا.
٢٠%
وفي مايو/أيار الماضي، قال بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية اليميني المتطرف في حكومة نتنياهو "في غضون بضعة أشهر... ستُدمر غزة.. سيتم تركيز السكان في الجنوب".
ومنذ 18 مارس/آذار، أصدرت إسرائيل أوامر إخلاء ووسّعت المنطقة العازلة العسكرية من 300 متر إلى كيلومتر واحد والمناطق "الآمنة" المتبقية لا تمثل سوى 20% من مساحة غزة الأصلية.
والمنطقة المتبقية للفلسطينيين حاليا في رفح الحدودية، التي كانت مزدهرة في السابق لكنها أصبحت في معظمها أنقاضًا، كما أن الأرض الرملية المحيطة بها جرداء خالية من الأشجار ولا توجد بها مياه عذبة أو كهرباء.
ووفقا لـ"فايننشال تايمز"، فإن صور الأقمار الصناعية تشير إلى أن إسرائيل تُجهز الأرض الواقعة جنوب محور موراج في رفح لوجود طويل الأمد، ويبدو أن مساحات من الأرض قد تم تطهيرها وتجهيزها لما يبدو أنها مواقع عسكرية، محمية بسواتر ترابية مع مركبات متوقفة بالقرب منها.
وتُظهر خريطة نشرها الجيش الإسرائيلي أنه تم إنشاء 3 نقاط لتوزيع المساعدات على طول الممر كجزء من خطة مثيرة للجدل، تم طرحها في الأيام الأخيرة، حيث يُشرف مرتزقة أجانب وجنود إسرائيليون على توزيع الإمدادات.
من جانبها، حذّرت الأمم المتحدة من أن هذه الخطة تُنذر بنزوح جماعي، حيث سيجبر تمركز نقاط التوزيع على طول الممر، العائلات الجائعة على هجر أراضيها في الشمال والقيام برحلة محفوفة بالمخاطر جنوبًا، حيث سيكون في انتظارهم اكتظاظ خانق، بلا خدمات صرف صحي ولا مياه جارية.