غزة و"مخطط" إسرائيل.. ماذا وراء الدفع نحو مصر؟
هل تخطط إسرائيل فعلا لـ"تفريغ" غزة عبر الدفع بسكانها إلى مصر بما يقود لـ"تصفية القضية الفلسطينية"؟
استفهامات تفجرها تصريحات مثيرة للجدل أدلى بها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، اللفتنانت كولونيل ريتشارد هيشت، نصح فيها سكان قطاع غزة الفارين من الغارات الجوية، بالتوجه إلى مصر، على وقع حرب تفجرت بعد هجوم حماس، السبت.
لكن الجيش الإسرائيلي سرعان ما أصدر تعديلا لتصريح المتحدث باسمه، مشيرا في بيان التعديل إلى أن معبر رفح الحدودي بين غزة ومصر مغلق حاليا.
وخلال مؤتمر صحفي، قال كبير المتحدثين العسكريين بالجيش الإسرائيلي، ريتشارد هيشت: "أعلم أن معبر رفح لا يزال مفتوحا.. أنصح أي شخص يمكنه الخروج بالقيام بذلك".
إلا أن مكتبه سرعان ما أصدر بيانا جاء فيه "توضيح: معبر رفح كان مفتوحا بالأمس، لكنه الآن مغلق".
والثلاثاء، أعلنت الأمم المتحدة نزوح أكثر من 187 ألفا و500 شخص في قطاع غزة منذ السبت، تاريخ بدء الهجمات بين إسرائيل وحماس، والتي أسفرت حتى الساعة عن مقتل نحو ألف إسرائيلي وأكثر من 500 فلسطيني، فضلا عن وقوع مئات الإصابات في كلا الجانبين.
كما أسرت حركة حماس خلال هجومها، البري والجوي والبحري، قرابة 100 شخص، من بلدات إسرائيلية تقع في غلاف غزة.
هروب؟
عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، اللواء محمد الشهاوي، اعتبر أن "الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل تحاول الهروب من صدى الاختراق الأمني والبحري والجوي بسياسة الأرض المحروقة وتهجير أهالي غزة".
وقال الشهاوي، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، إن "إسرائيل تحاول إخلاء غزة كلها لتصبح مخيمات لتحقيق مؤامرة ٢٠٠٨ و٢٠١١ بأن يكون للفلسطينين وطن أو أراض في سيناء".
وأكد عضو مجلس النواب المصري أن "السيادة المصرية غير مستباحة، ولن تسمح بذلك"، مشددا على ضرورة فتح ممرات آمنة وعدم قطع الطاقة والمياه والغذاء على قطاع غزة.
وبحسب الشهاوي، فإن "ما يحدث يوصف بأنه جرائم حرب، ويجب على المجتمع الدولي التدخل لوقف تلك المجزرة"، حاثا "الفلسطينيين على التمسك بالوطن وعدم الخروج منه حتى لا تنجح إسرائيل في مخططها".
"تصفية" القضية؟
من جانبه، يرى نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية، مختار غباشي، أن تصريحات متحدث الجيش الإسرائيلي "غير مقبولة"، معتبرا أن الأولى هو فتح ممرات آمنه لسكان غزة.
وفي حديثه مع "العين الإخبارية"، أوضح غباشي أن "الهدف من تصريحات المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي هو إنهاء القضية الفلسطينية بشكل كبير "، لافتا إلى أن تل أبيب "تعمل على تفريغ غزة".
وشدد على أن "مصر لن تسمح بذلك رفضا لإنهاء القضية الفلسطينية وحقوق شعبها المقاوم"، مؤكدا أن "الإخوة الفلسطينيين مرحب بهم في أي وقت ببلدهم الثاني مصر".
ولفت إلى أن "إعادة تشكيل شرق أوسط جديد على حساب مصر وتحقيق رغبه إسرائيل غير مسموح به".
في إطار القانون
يتفق مع الخبيرين السابقين، الخبير الاستراتيجي المصري اللواء سمير فرج، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، بالقول إن "القاهرة ترفض التصريحات الإسرائيلية، وتؤكد أن حدودها مؤمنة تماما".
وشدد فرج على "عدم سماح الدولة المصرية بدخول أي شخص إلا في إطار الضوابط القانونية"، مستشهدا باستقبال مصر نحو 300 ألف سوداني بضوابط دقيقة وحاسمة وضعتها الدولة، بعد الحرب التي اندلعت بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل/نيسان الماضي.
ونبه الخبير الاستراتيجي إلى أن "إسرائيل تستهدف تفريغ غزة من المواطنين، ونقلهم لمصر للعيش في سيناء، وهذا لن يُقبل أبدا، ومن يدخل للبلاد يدخل وفقا لضوابط محددة".
وفي وقت سابق الثلاثاء، حذرت مصادر مصرية رفيعة المستوى من أن دعوات النزوح من قطاع غزة وتفريغ القطاع من سكانه كفيلة بتصفية القضية الفلسطينية.
واعتبرت أن "القضية الفلسطينية تشهد الآن منعطفًا هو الأخطر في تاريخها".
وقالت المصادر الأمنية لـ"القاهرة الإخبارية": "هناك مخطط واضح لخدمة أهداف إسرائيل القائمة على تصفية الأراضي الفلسطينية من سكانها"، مشيرة إلى أن "حكومة إسرائيل تجبر الفلسطينيين على الاختيار بين الموت تحت القصف أو النزوح خارج أراضيهم".
مخطط إخواني
ووفق محللين فإن جماعة الإخوان الإرهابية تستغل التوترات في فلسطين بصفة عامة، وفي قطاع غزة بشكل خاص؛ لإعادة مشروعها الإخواني لتوطين الفلسطينيين في سيناء للواجهة بهدف ضرب استقرار القاهرة، بالتزامن مع مطالبة قادة عسكريين لسكان غزة بالهروب إلى مصر.
منير أديب الكاتب والباحث في الإسلام السياسي والإرهاب الدولي، أكد أن مخطط توطين الفلسطينيين مشروع إسرائيلي- إخواني التقت فيه رغبة تل أبيب من تصدير المشكلة الفلسطينية للخارج، بالتوافق مع أيديولويجة الإخوان التي لا تمانع من تصفية القضية بأي صورة وكذلك تهديد الأمن في مصر.
وأضاف أديب، في حديث للعين الإخبارية، أنه "من المؤكد أن مخطط إسرائيل بترحيل الفلسطينين وتصدير المشكلة لمصر، توفرت له الظروف باستيلاء الإخوان على الحكم، فالمخطط يحتاج إلى موافقة شعبية، ويمكن التأثير لآلة الدعاية الإخوانية أن تقوم بدورها في التأثير على العقل الجمعي المصري، كما يحتاج إلى موافقة تشريعية وهنا يبرز دور البرلمان الإخواني، ويحتاج موافقة أعلى سلطة تنفيذية، وهذا توفر في عهد الرئيس المعزول الإخواني محمد مرسي".
30 يونيو أفشلت المشروع
قبل أن يستدرك: "لكن الدولة المصرية أفشلت المخطط الإخواني بثورة 30 يونيو/حزيران 2013، واليوم بعد العمليات العسكرية لحماس، ومع الضربات العسكرية والتصعيد العالمي والأمريكي عاد المخطط للواجهة من جديد، رغم عدم وجود الإخوان في الحكم لكن مازالت آلته الإعلامية قادرة على التأثير في وجدان الشارع المصري".
وحذر أديب من خطورة تلك الدعاوى كونها تنهي القضية الفلسطينية وتصيبها في مقتل، كما ثمن تصريحات المسؤولين المصريين على قناة "القاهرة الإخبارية" التي تحذر من خطوة التصريحات الإسرائيلية بهذا الشأن.
الإخوان والمتاجرة بالقضية الفلسطينية
بدوره، قال الكاتب والباحث في الإسلام السياسي والقيادي الإخواني السابق، طارق البشبيشي، إن متاجرة الإخوان بالقضية الفلسطينية مكشوفة، ورغبتهم في توريط الدولة المصرية في مغامرات عسكرية لا تقف عند حد.
وأضاف، في حديث للعين الإخبارية، أن "الإخوان هم أول من مهّد لفكرة توطين الفلسطينيين في سيناء، وهم من سمحوا للجماعات المتطرفة بالتوطين في سيناء إبان عهد مرسي ليكون تجهيزًا للرأي العام لاستقبال فكرة توطين الفلسطينين في سيناء".
السيسي وسر القرار رقم 203
وأشار إلى أنه "عقب استيلاء الجماعة على الحكم وبعد استيلائهم على السلطة التشريعة، قدموا مشروعا خبيثا تحت شعار إعمار سيناء وقناة السويس، رفضه كل الصفوة المثقفة وكذا الوجدان الشعبي، وفطنت له العقلية العسكرية المتمثلة في وزير الدفاع وقتها الفريق أول عبد الفتاح السيسي بإصدار القرار رقم 203 لسنة 2012 بحظر تملك أو حق انتفاع أو إيجار أو إجراء أى نوع من التصرفات في الأراضي والعقارات الموجودة بالمناطق الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية، والمناطق المتاخمة للحدود الشرقية لجمهورية مصر العربية، بمسافة 5 كيلومترات غربًا، ما عدا مدينة رفح والمبانى المقامة داخل الزمام وكردونات المدن فقط، والمقامة على الطبيعة قبل صدور القرار الجمهورى رقم 204 لسنة 2010".
عباس فضح مشروع الإخوان
وفي 2013، كشف الرئيس الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمام صحفيين مصريين عن حقيقة المؤامرة الإخوانية فقال إنه رفض عرضًا من الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي بزيادة مساحة أرض غزة من أراض مصرية ويمكن إقامة دولة فلسطينة هناك"، كما كشف د.نبيل أبو ردينة، وزير الإعلام الفلسطينى السابق، تفاصيل العرض الإخواني، إذ قال فى تصريحات صحفية إن محمد مرسى، كان ينوى توطين الفلسطينيين فى سيناء، وأبلغ موافقته على ذلك للرئيس الفلسطينى، بل موافقته على توطينهم فى شبرا فى قلب القاهرة لو أرادوا.
aXA6IDMuMTYuNDcuODkg جزيرة ام اند امز