«الكل أو لا شيء».. أمريكا وإسرائيل نحو صفقة شاملة في غزة مصحوبة بإنذار

مع وصول مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة إلى طريق مسدود، شهد الموقف الأمريكي الإسرائيلي تغيرا واضحا.
على مدار أشهر، ركزت الحكومة الإسرائيلية على التفاوض على اتفاق من مرحلتين لوقف إطلاق النار لمدة 60 يومًا في غزة والإفراج عن بعض الرهائن مع ترك مناقشات إنهاء الحرب بشكل دائم لمرحلة لاحقة.
لكن مع وصول المحادثات إلى طريق مسدود، بدأ المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون تغيير لهجتهم بشكل حاد، فأشاروا إلى أنهم سيدفعون باتجاه اتفاق شامل لكن في ظل استمرار التباعد في المواقف بين إسرائيل وحماس يرى محللون أن هذا النهج الجديد سيواجه تحديات كبيرة وذلك وفقا لما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
وذكرت الصحيفة أن هذا التحول -على الأقل في الخطاب- يأتي في الوقت الذي تواجه فيه الحكومة الإسرائيلية ضغوطًا داخلية متزايدة لتأمين إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة حيث تعتقد إسرائيل أن حوالي 20 منهم ما زالوا على قيد الحياة، وأن جثث 30 آخرين لا تزال في القطاع.
وقبل أيام، أظهرت مقاطع فيديو أسيرين على قيد الحياة نحيلين وضعيفين، مما صدم العديد من الإسرائيليين وأثار الخوف بين عائلات الرهائن.
وفي الوقت نفسه، تعرضت الحكومة الإسرائيلية لانتقادات دولية متزايدة بسبب انتشار المجاعة بين سكان غزة البالغ عددهم حوالي مليوني نسمة وذلك بعدما فرضت إسرائيل قيودًا صارمة في الأشهر الأخيرة على دخول المساعدات.
وحتى مع تسهيلها دخول بعض المساعدات في الأيام الأخيرة، واصلت إسرائيل شن ضربات عسكرية على غزة.
من جانبه، التقى ستيف ويتكوف، المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط، والذي يزور المنطقة حاليًا، بعائلات الرهائن الإسرائيليين يوم السبت الماضي، وأبلغهم أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يريد الآن إطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء دفعةً واحدة.
ووفقا لتسجيل صوتي لجزء من الاجتماع نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، قال ويتكوف "لا صفقات جزئية، هذا لن ينجح" وأضاف "نعتقد الآن أنه يتعين علينا تحويل هذه المفاوضات إلى "لكل أو لا شيء.. ليعود الجميع إلى ديارهم".
وتابع ويتكوف "لدينا خطة لذلك" لكنه لم يقدم المزيد من التفاصيل وأكد أحد المشاركين في الاجتماع أن المبعوث الأمريكي أدلى بمثل هذه التصريحات.
ولا تجري إسرائيل وحماس مفاوضات مباشرة بل تتم مفاوضات وقف إطلاق النار بين الجانبين عبر وسطاء هم الولايات المتحدة ومصر وقطر.
ويتردد حاليا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعملان على اقتراح جديد يتضمن توجيه إنذار نهائي لحماس، وذلك وفقًا لما ذكرته تقارير إعلامية إسرائيلية وهو ما أكده مصدر مطلع أمس الأحد.
وبموجب شروط الإنذار، يتعين على حماس إطلاق سراح الرهائن المتبقين مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين والموافقة على شروط لإنهاء الحرب تتضمن نزع سلاح الحركة وإلا، سيواصل الجيش الإسرائيلي حملته.
لكن محمود مرداوي، المسؤول في حماس، قال إن الحركة لم تتلقَّ بعدُ اقتراحًا إسرائيليًا رسميًا لاتفاق شامل من الوسطاء العرب وأضاف أن حماس، تدعم مثل هذا الاتفاق من حيث المبدأ، إلا أنها لن تنزع سلاحها رغم أن ذلك شرط إسرائيلي أساسي منذ فترة طويلة.
وفي مقابلة هاتفية مع "نيويورك تايمز"، قال مرداوي "كان هذا مطلبنا منذ البداية.. إنهاء الحرب، والإفراج عن الأسرى، وترتيبات اليوم التالي في قطاع غزة.. اتفاق واضح وشامل".
لكن احتمالات أي تقدم سريع نحو مثل هذا الاتفاق ضئيلة حيث أعلنت حماس يوم السبت الماضي أنها لن تنزع سلاحها ما لم تُقام دولة فلسطينية وهو الأمر الذي تعارضه الحكومة الإسرائيلية.
ويؤيد العديد من الإسرائيليين اتفاقًا شاملًا لإعادة جميع الرهائن وإنهاء الحرب لكن الكثيرين يشككون في إمكانية تحقيق مثل هذا الاتفاق في ظل الشروط التي وضعتها الحكومة الإسرائيلية المتشددة، التي تعهدت بمواصلة القتال حتى استسلام حماس أو تدميرها كما يشكك الكثيرون في أن حماس ستتخلى في النهاية عن جميع الرهائن، خاصة وأنهم الورقة الوحيدة التي تملكها الحركة ضد إسرائيل.
ومساء أمس الأحد، زعم نتنياهو أن حماس "لا تريد اتفاقًا"، وتعهد بمواصلة مساعيه "لإطلاق سراح أبنائنا الأسرى، والقضاء على حماس، وضمان عدم تشكيل غزة تهديدًا لإسرائيل".
وفي ظل المواقف الثابتة لكلا الجانبين فإن الضغط الإسرائيلي والأمريكي للتوصل إلى اتفاق شامل قد لا يحقق هدفه وفقًا للمحللين.
وقال إيهود يعاري، الباحث المقيم في إسرائيل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، "حماس تقول لإسرائيل: إذا أردتم إطلاق سراح الرهائن العشرين الأحياء، فامنحونا نصرًا كاملًا" معتبرا أن شروط الحركة تتجاوز بكثير ما يقبله نتنياهو.
لكنه أضاف أنه يتعين على نتنياهو "أن يواصل إقناع الجمهور الإسرائيلي وناخبيه بأنه يبذل قصارى جهده، وعليه طمأنة عائلات الرهائن".
من جانبه، قال مرداوي، إن حماس لا ترى مبررًا يُذكر للتفاوض مع إسرائيل في ظل الوضع الإنساني المتردي في غزة وتساءل "ما جدوى المحادثات والناس يموتون جوعًا؟".
وتفاقمت أزمة الجوع بعدما فرضت الحكومة الإسرائيلية قيودًا صارمة على دخول المساعدات إلى القطاع واتهمت إسرائيل وكالات الإغاثة بسوء إدارة الإمدادات كما اتهمت حماس بتحويل مسار المساعدات لكن بعض المسؤولين العسكريين الإسرائيليين قالوا إن الجيش لم يعثر على دليل على أن حماس سرقت المساعدات بشكل ممنهج من الأمم المتحدة.