ضربات إسرائيل وحزب الله.. حفظٌ لماء الوجه أم إرضاء للعلاقات العامة؟
على مدى شهر تقريبا، استعدت إسرائيل والمنطقة لحريق محتمل، ردا على مقتل قيادي بحزب الله اللبناني، لكن الأمور سارت بشكل مختلف
وبعد أن علّقت شركات الطيران رحلاتها، وخزّن سكان تل أبيب وبيروت المياه، وتسابق الدبلوماسيون لتفادي حرب شاملة، يبدو أن قصص الانتقام والرد وصلت نقطة توازن تجنب المنطقة الحريق الكامل.
إذ تبادل الطرفان بشكل دراماتيكي، ولكن قصير الأمد، الصواريخ والقذائف والطائرات بدون طيار، في المنطقة الحدودية ، في وقت مبكر من يوم الأحد، ما دفع كثيرين للتجرؤ وطرح سؤال: هل كان ذلك كل شيء؟
ووفق صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، يجيب معظم المسؤولين والمحللين بـ"نعم"، معتقدين أن الهجمات التي كان من المحتمل أن تكون كارثية.
ولكن، تحول الأمر إلى "لحظة لحفظ ماء الوجه"، مما سمح للطرفين بالتراجع عن حافة صراع أوسع.
رضاء متبادل
وسمح التصعيد المحدود، وإن كان الأكبر منذ أن بدأ الطرفان في تبادل إطلاق النار في أكتوبر/تشرين الأول، لحزب الله للحديث عن "إتمام الانتقام" لمقتل القيادي بالحزب فؤاد شكر.
فيما سمح لإسرائيل "إظهار الثقة" في أجهزتها الأمنية.
وقال دبلوماسي شرق أوسطي رفيع المستوى مطلع على المناقشات الإقليمية للصحيفة الأمريكية: ”كلاهما (حزب الله وإسرائيل) راضٍ عن النتائج، مما يجعل الانزلاق إلى حرب شاملة أقل احتمالاً“.
وأضاف أن الرد المحسوب من كلا الجانبين لم يخلِ الساحة، بأي حال من الأحوال، من التهديدات الإقليمية؛ فالوضع الراهن الصعب لا يزال قائماً، مع عودة حزب الله وإسرائيل إلى المناوشات القديمة، وتبادل إطلاق النار عبر الحدود بوتيرة أقل حدة. فيما لا تزال الحرب مستمرة بغزة.
كما لا تزال جميع الأطراف تنتظر رد إيران المتوقع على عملية الاغتيال التي استهدفت الزعيم السياسي لحركة ”حماس“ إسماعيل هنية في طهران، نهاية يوليو/تموز.
لكن العمليات الضيقة التي جرت يوم الأحد، والتي التزم فيها الجانبان بالأهداف العسكرية واقتصرت الخسائر البشرية على ثلاثة عناصر من حزب الله، وجندي إسرائيلي واحد، كانت مصدر ارتياح ملموس في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
في هذا السياق، يقول هاريسون مان، وهو محلل سابق لشؤون الشرق الأوسط في وكالة الاستخبارات الأمريكية: ”إذا كان هذا هو مجمل رد حزب الله، فهو أحدث دليل على أن الحزب سيسعى إلى تجنب التصعيد مع إسرائيل بأي ثمن“.
ورأى مسؤول إسرائيلي في حديثه لـ"واشنطن بوست"، أن "هذا شيء يشترك فيه حزب الله وإسرائيل اليوم: كلاهما سعيد"، مضيفا ”يمكنهم القول إنهم هاجموا وأصابوا مواقع عسكرية رئيسية، ويمكن لإسرائيل أن تقول إنها منعت هجوماً أكبر وحمت المدنيين“.
وهو تقييم ردده الدبلوماسي الرفيع المستوى، إذ قال إن كلا الطرفين حصل على ما يكفي لإرضاء ”إدارة العلاقات العامة“، في إشارة للرأي العام.
وأشار الدبلوماسي إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان بحاجة إلى طمأنة الناخبين بأنه على دراية بالوضع في الشمال، في حين كان حزب الله بحاجة إلى رد علني على اغتيال فؤاد شكر.
أي مستقبل؟
وحول مستقبل المناوشات بين الطرفين، قال شخص لبناني مقرب من حزب الله، لـ"واشنطن بوست"، إن الحزب سيواصل تقييم نتائج الهجوم، لكنه مستعد للعودة إلى دوره كـ”جبهة مساندة“ ومواصلة الضغط على إسرائيل في الشمال طالما أنها تواصل حربها على حماس في غزة.
وتابع الشخص المقرب من حزب الله: ”لقد عدنا إلى العمليات الروتينية التي بدأت في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول“، في إشارة إلى أول وابل صواريخ أطلقته الجماعة المسلحة في اليوم التالي لهجوم حماس على إسرائيل.
لكن المحللين قالوا إن خطر نشوب حرب إقليمية أوسع نطاقاً قد تم تأجيله فقط، ولم يتم تجنبه، وسيبقى معتمداً بشكل كبير على التقدم في محادثات وقف إطلاق النار في غزة.
وفي إيران، وصف المسؤولون هجوم حزب الله بـ"الناجح"، وواصلوا التعهد بالرد على مقتل هنية في طهران، بينما ظلوا غامضين بشأن التوقيت.
وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في بيان يوم الأحد: ”نحن لا نخشى التصعيد، لكننا لا نسعى إليه - على عكس إسرائيل“.
وأضاف أن الرد الإيراني سيكون ”حاسما ومحسوبًا“.