ماذا يعني حكومة طوارئ في إسرائيل؟
حربٌ في إسرائيل أعادت إلى أجندتها السياسية مصطلح "حكومة طوارئ" وجدت نفسها مجبرة عليه في خامس أيام "الطوفان" وقسوة "السيوف"
ففي أعقاب هجمات حماس المفاجئة على البلدات الحدودية التي أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 1200 شخص وإصابة آلاف آخرين في الجانب الإسرائيلي، أعلنت تل أبيب، اليوم الأربعاء، حكومة طوارئ ومجلس وزراء مصغر لإدارة الحرب.
وجاء في بيان مشترك لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ، وزعيم حزب الوحدة الوطنية بيني غانتس، ووزير الدفاع يوآف غالانت: "بعد اجتماع عُقد اليوم، تم الاتفاق على تشكيل حكومة طوارئ وكابينت إدارة الحرب".
و"كابينيت إدارة الحرب" هو مجلس وزاري مصغر يحمل على كاهله مهمة إدارة العملية الحالية التي أطلقت عليها إسرائيل اسم "السيوف الحديدية".
وبموجب الاتفاق، سينضم غانتس، إلى رئيس الحكومة، ووزير الدفاع يوآف غالانت في المجلس الوزاري المصغر للحرب "كابينت إدارة الحرب".
وبحسب البيان، فإن غادي آيزنكوت، وهو أيضا قائد سابق للجيش من حزب غانتس، ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، سيكونان مراقبين في "كابينت إدارة الحرب".
وما يميز هذه التشكيلة هو أنها باستثناء ديرمر ستضم خبراء في الشؤون العسكرية باعتبار أن غالانت وغانتس وآيزنكوت سبق وأن ترأسوا هيئة أركان الجيش الإسرائيلي وتولوا وزارات الدفاع.
ولكنه أيضا يستثني باقي الأحزاب في الحكومة والتي تفتقر إلى أية خبرة عسكرية.
ومع ذلك فإن تلك الأحزاب ستبقى في الحكومة العادية وفي المجلس الوزاري الإسرائيلي للشؤون الأمنية والسياسية "الكابينت".
في حين، لم ينضم زعيم المعارضة يائير لابيد إلى حليفه السابق غانتس، لكن البيان قال إنه سيتم "حجز" مقعد له في "كابينت إدارة الحرب".
وبذلك، ستتشكل الحكومة الإسرائيلية من 3 مجالس وزارية هي: الحكومة العادية، والمجلس الوزاري للشؤون الأمنية والسياسية "الكابينت"، و"كابينت إدارة الحرب".
ولكن القرارات في قيادة الحرب ستكون من نصيب "كابينت إدارة الحرب". فيما ستظل القرارات بحاجة إلى موافقة مجلس الوزراء بكامل هيئته.
واستنادا الى الاتفاق، الذي وقعه نتنياهو وغانتس، مساء الأربعاء، وحصلت "العين الإخبارية على نصه، فإن مفعول هذا الاتفاق سينتهي بانتهاء الحرب.
ولم توضح إسرائيل متى ستنهي إسرائيل حربها على غزة، ولكن مصادر عسكرية إسرائيلية قالت لـ"العين الإخبارية" إن الحديث يدور عن عدة أسابيع على الأقل.
ووفق هذه المصادر، فإن "هذه حرب ولا يمكن لأحد أن يحدد سقفا زمنيا للحرب".
ومع عودة الكنيست إلى الاجتماع في دورة شتوية، غدا الخميس، فإنه بموجب الاتفاق المكتوب، لا يقوم نتنياهو أو غانتس وأي من أحزاب الحكومة بأية محاولة لتمرير أية قوانين ضمن "الإصلاح القانوني" طالما أن هذا الترتيب قائم.
فقد ذكر الإعلان المشترك أن الحكومة لن تمرر أية قوانين أو تتخذ أي قرارات لا تتعلق بسير الحرب.
ووافق نتنياهو على تجميد الإصلاح القضائي المثير للانقسام الذي أجرته الحكومة المتشددة، والذي أثار احتجاجات حاشدة في إسرائيل، وهي الأكبر في تاريخ البلاد.
وذكر البيان أنه "لن يتم خلال فترة الحرب، تقديم أية مشاريع قوانين أو اقتراحات ترعاها الحكومة لا علاقة لها بالصراع الحالي".
وعلى ذلك، ووسط انتقادات في اليسار والوسط في داخل إسرائيل للانضمام إلى حكومة نتنياهو، كتب غانتس على منصة "إكس" (تويتر ساباق)، بعد الاتفاق: "إسرائيل أولا".
وغانتس يحدد بذلك أنه يدخل للحكومة ليس من أجل إنقاذ نتنياهو، التي تشير التقديرات إلى أنه سيخضع للمحاسبة العسيرة بعد الحرب بسبب إخفاقه الأمني والسياسي، وإنما فقط من أجل المشاركة بالحرب.
وكان غانتس قد خدم آخر مرة في إدارة نتنياهو في الفترة 2020-2021 بموجب اتفاق التناوب الذي كان من المفترض أن يتولى فيه رئاسة الحكومة للنصف الثاني من فترة الحكومة، ولكن تمت الدعوة لإجراء انتخابات مبكرة قبل أن يصبح رئيسًا للوزراء.
فماذا تعني "حكومة طوارئ" في إسرائيل؟
الحكومة التي تم الإعلان عنها اليوم، هي نفسها تلك التي كانت عليها الحكومة في حرب 1967، والتي انضم خلالها زعيم المعارضة حينها مناحيم بيغن إلى رئيس الوزراء ليفي أشكول.
وهي تهدف إلى دفع الطمأنينة في نفوس الإسرائيليين بأن هناك أناس من أصحاب الخبرة العسكرية يخوضون الحرب.
أما من الناحية الثانية فهي ترسل رسالة وحدة يقول الخبراء في إسرائيل إن الشعب الإسرائيلي يحتاجها في هذه المرحلة.
كما ويعني تشكيل مثل هذه الحرب في إسرائيل، أن البلاد تمر بظروف استثنائية. حيث عادة ما يتم اللجوء إلى هذا الخيار في حلة الحرب أو الكوارث الطبيعية أو الأزمات الاقتصادية والطبية.
ويقول موقع "تايمز أوف إسرائيل" الإسرائيلي: "إن تشكيل الحكومة الجديدة – وهو احتمال لم يكن من الممكن تصوره قبل بضعة أيام فقط وسط أشهر طويلة من الانقسامات الوطنية المريرة حول خطط نتنياهو للإصلاح القضائي – سلط الضوء على مدى الصدمة التي عانت منها الأمة ومدى انزعاج السياسيين والبلاد بأكملها بسبب ذلك التهديد الشديد المفاجئ للأمن القومي".
وسيبلغ نتنياهو، غدا الخميس، الكنيست الإسرائيلي عن الاتفاق، وسيطلب مصادقته.
وفي ذات الوقت يعلن من على منصة الكنيست إن إسرائيل في حالة حرب كما يقتضيه القانون.
فإضافة وزراء جدد، حتى وإن كانوا بلا حقيبة، يتطلب موافقة الكنيست، وفق المادة 15 من القانون الأساسي.
وحكومةٌ من هذا النوع قد يتم تعريفها أو لا يتم تعريفها في الاتفاقات الائتلافية على أنها "حكومة طوارئ" يتم تشكيلها لفترة زمنية متفق عليها مسبقا، وهو ما ينطبق على الحكومة التي تم الإعلان عنها، والتي ستمتد حتى نهاية الحرب.
وفي مثل هذه الحالة فقد تم الاتفاق على أن هذه الحكومة تنتهي بانتهاء الحرب.
مزايا وعيوب
بيْد أن لهذا الخيار، عيوب ومزايا، وأبرز مزاياها أن لديها أغلبية كبيرة في الكنيست تمكنها من اتخاذ القرارات التي تريدها بأريحية.
ولكن مشكلتها الرئيسية هي أنها حكومة مؤقتة.
ومن الممكن أيضاً أن يطالب أعضاء الحكومة الجديدة بإدخال تعديلات مختلفة على لائحة عمل الحكومة لضمان أن يكون لصوتهم ثقل في عمليات صنع القرار ورسم السياسات، مثل منحهم حق النقض على القرارات المختلفة أو منحهم مكانة خاصة في مجلس الوزراء.
غير أنها قد تحمل مفاجآت، إذ قد يلجأ نتنياهو مع انتهاء الحرب إلى استبدال حزب "القوة اليهودية" برئاسة إيتمار بن غفير وحزب "الصهيونية الدينية" برئاسة بتسلئيل سموتريتش بحزب "الوحدة الوطنية" برئاسة غانتس.
وبالتالي، يستطيع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، على سبيل المثال، إقالة الوزراء ونواب الوزراء من أحزاب معينة في الائتلاف الحالي (يحق لهم أيضا الاستقالة بمبادرة منهم)، وتوقيع اتفاقيات ائتلافية مع أحزاب أخرى (حاليا في المعارضة)، وتعيين وزراء من هذه الأحزاب (بموافقة الكنيست) ليحلوا محل الذين تمت إقالتهم.
من الناحية النظرية، يمكن تشكيل حكومة جديدة بالكامل، بناءً على اتفاقيات ومبادئ توجيهية ائتلافية جديدة تمامًا.
ويمكن لمثل هذه الحكومة أن تشمل (كما في الخيار الأول) جميع الأحزاب الحكومية الحالية والجديدة، أو (كما في الخيار الثاني) فقط بعض الأحزاب الحكومية الحالية إلى جانب الجديدة. ويمكن تحقيق ذلك بإحدى الطريقتين:
أولا: التصويت بحجب الثقة. إذ تنص المادة 28 من القانون الأساسي الإسرائيلي، على أن تتضمن الحكومة أحكاما للتصويت البنّاء الكامل لحجب الثقة.
ويتضمن التصويت بحجب الثقة أيضًا اقتراحا لتشكيل حكومة جديدة تماما، والتي تتولى السلطة في أقرب وقت ممكن.
وعلى هذا النحو يتم تمرير التصويت من قبل الكنيست. وبالتالي، فمن الناحية الدستورية، إذا تمكن نتنياهو من تأمين دعم 61 عضواً في الكنيست لتشكيل حكومة بديلة، فيمكنه القيام بذلك بسرعة من خلال التصويت على حجب الثقة.
ثانيا: الاستقالة. إذ بموجب المادة 19 من القانون الأساسي، فإنه يحق لرئيس الوزراء الاستقالة، وفي هذه الحالة تعتبر الحكومة بأكملها مستقيلة، وتبدأ إجراءات تشكيل حكومة جديدة (التشاور مع رئيس البلاد، وإعطاء عضو كنيست واحد بتفويض تشكيل الحكومة)
ولا يتمتع أي من هذين الخيارين بميزة واضحة على تغيير تركيبة الحكومة الحالية بدلاً من تشكيل حكومة جديدة.
هناك أيضًا عيب واضح للاستقالة وتشكيل حكومة جديدة، حيث يمكن أن تستمر إجراءات تشكيل حكومة جديدة عدة أسابيع، خلالها تحكم البلاد حكومة انتقالية (الحكومة المنتهية ولايتها، وفقًا للقانون) والتي لديها قيود مختلفة مفروضة عليها فيما يتعلق بالتعيينات العليا، والنفقات المالية، وربما حتى الإجراءات المتعلقة بالأمن والشؤون الخارجية.
علاوة على ذلك، إذا فشلت عملية تشكيل حكومة جديدة - على سبيل المثال، بسبب الفشل في التوقيع على اتفاقيات بين أحزاب الائتلاف المزمع - فسيتم إجراء انتخابات جديدة للكنيست تلقائيًا.