سوريا وإسرائيل و«الحدود الملتهبة».. مقاربة أمريكية جديدة للتهدئة

في إطار سياسة إدارة ترامب لإعادة تشكيل ديناميكيات الشرق الأوسط، كشف السفير الأمريكي في تركيا عن محادثات جارية بين سوريا وإسرائيل.
وذكر توماس باراك في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز، أن هذه المفاوضات تهدف إلى إنهاء التوترات الحدودية المزمنة، مع تحوّل ملحوظ في النهج الأمريكي يركز على التنمية الاقتصادية بدلاً من مشاريع "بناء الدول" التي طبقتها الإدارات السابقة.
وأكد باراك، أحد أبرز مبعوثي ترامب للمنطقة، أن المحادثات "ذات طابع جدي"، وتسعى لضم سوريا إلى "اتفاقات إبراهيم" التي أبرمتها إسرائيل مع أربع دول عربية خلال ولاية ترامب الأولى. لكنه أقر بأن الطريق طويل، خاصة مع تحديات القبول الشعبي في سوريا بقيادة الرئيس الجديد أحمد الشرع، الذي يجب ألا يُظهر لأبناء بلده أنه "أُجبر أو تم الضغط عليه" للانضمام.
رؤية ترامب: الاقتصاد بديلاً عن الهندسة السياسية
ترتكز فلسفة الإدارة الحالية على محورين: تقليص النزاعات المسلحة وخلق فرص الازدهار، وهو ما تجسد في زيارة ترامب الأخيرة للمنطقة التي ركزت على الصفقات التجارية في مجالات مثل الأسلحة والذهب والذكاء الاصطناعي.
يصف باراك هذا النهج بأنه قطيعة مع "المحاولات الأمريكية الفاشلة" لفرض نماذج حكم جاهزة، مؤكدًا أن ترامب أثبت أن "قوة أمريكا هي مقدمة ضرورية للسلام" في منطقة لا تحترم سوى لغة القوة.
سوريا: رفع العقوبات مقابل شروط مرحلية
تستفيد دمشق من هذا التحول عبر توقيع ترامب هذا الأسبوع على أمر تنفيذي ينهي عقوبات استمرت عقودًا. وأوضح باراك أن واشنطن لم تفرض شروطًا قاسية، بل حددت أهدافًا مرحلية.
أبرز هذه الأهداف: تحقيق تسوية سلمية مع إسرائيل. ودمج المليشيات الكردية المدعومة أمريكيًا في شمال شرق البلاد. والكشف عن مصير الأمريكيين المفقودين خلال الحرب. ومع الإقرار بأن التحول الديمقراطي "لن يحدث بين عشية وضحاها".
ملف لبنان: معضلة نزع سلاح حزب الله
بالتوازي مع الملف السوري، يعمل باراك (من أصل لبناني) على إيجاد حل لأزمة لبنان. وقد سلم الحكومة اللبنانية مقترحًا يطالب بنزع سلاح حزب الله ضمن جدول زمني محدد، مع تحذيره من أن وقف إطلاق النار الأخير كان "فشلاً تامًا" بسبب انتهاكات الطرفين.
تستعد واشنطن لمواجهة مقاومة شيعية متوقعة عبر خطة تجمع بين "الترغيب والترهيب"، تشمل عمليات تفتيش منزلية بقيادة الجيش اللبناني، مقابل حزمة إعمار للمناطق الجنوبية المدمرة.
التحديات الخفية: التطرف والحدود الملتهبة
ولا تخلو المساعي الدبلوماسية من عقبات كبرى، أبرزها وجود آلاف المسلحين الأجانب في سوريا الذين قد يشكلون تهديدًا إذا تم تهميشهم، بالإضافة إلى استمرار التوغلات الإسرائيلية في جنوب سوريا التي تهدد جهود تهدئة الحدود. يعترف باراك بأن نهج رفع العقوبات التدريجي "لم ينجح يومًا"، لكنه يرى فيه وسيلة أكثر ذكاءً من التشبث بالعقوبات الكاملة.
وفيما تسير المحادثات على حبل مشدود، يبقى نجاحها مرهونا بقدرة واشنطن على تحقيق المعادلة المستحيلة، المتمثلة في تحقيق مصالحة المصالح الإسرائيلية مع واقع الحكومة السورية الجديدة، وكسر الحلقة المفرغة للصراع في لبنان دون إشعال حرب أهلية جديدة.