إسرائيل وانتخابات أمريكا.. ترامب المفضل والحرب الفيصل
لا شك في أن إسرائيل تفضل دونالد ترامب على منافسته كامالا هاريس، لكن على الميزان هناك حسابات أخرى تشكل الفيصل في الاختيار النهائي.
فبحساب المفاضلة، فإن إسرائيل تفضل المرشح الجمهوري دونالد ترامب على المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، ولكنها لا تزال -في الآن نفسه- تترقب موقفيهما من الحرب على غزة ولبنان وتبعات ذلك عليها سياسيا.
تاريخيا، عادة ما فضل الإسرائيليون المرشحين الجمهوريين بسبب مواقفهم الداعمة لها، علما بأن اليهود الأمريكيين يصوتون تاريخيا بنسب مرتفعة للمرشحين الديمقراطيين.
ولكن هذه الانتخابات الرئاسية الأمريكية ليست كسابقاتها حيث تأتي في ذروة حرب بات العالم يطالب بوقفها.
«إشكالية»
وكتب المعلق الإسرائيلي البارز في صحيفة "يديعوت أحرونوت" ناحوم بارنياع في مقال تابعته "العين الإخبارية"، يقول: "المرشحان إشكاليان لنا: هي لأسبابها، وهو لأسبابه".
وأضاف: "إذا فازت هاريس فستحتاج لدعم الكتلة الديمقراطية في مجلسي النواب، الديمقراطيون منقسمون في قضيتنا: الجناح اليساري نقدي وفي أقصاه معادٍ تماماً".
وتابع: "قد يتدهور العداء إلى ضرر إذا ما استمر تولي حكومة اليمين برئاسة (رئيس الوزراء بنيامين) نتنياهو. للخير والشر، نتنياهو أيقونة في السياسة الأمريكية. يذكره اليسار على نفس واحد وضغينة واحدة، مع ترامب".
"أما إذا انتخب ترامب"، يقول، "فسنعود لنلتقي غرائزه الانعزالية. قد لا نرى طائرات أمريكية في السماء، وكذلك منظومات مضادة للصواريخ على الأرض، وحاملات طائرات في البحر، وكلها كي تحمينا، في أثناء ولايته".
وبالنسبة له، فإنه "مشكوك أن يقر اتفاقات المساعدات التي أقرها (الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو) بايدن. إسرائيل تواقة لمحور عالمي بقيادة أمريكية يكون قوياً ومستقراً وملتزماً ومصمماً في اعتراضه على محور الشر. مشكوك أن تتلقى هذا تحت ترامب".
واستدرك: "رغم هذا، يعمل نتنياهو كأنه واثق أن بوسعه كسب تأييد ترامب بالمال والتزلف. ربما يكون محقاً، لكن إذا ما انتخب ترامب، فإن رئيس وزراء إسرائيل والمليارات التي سيجندها ليسوا الوحيدين الذين يقفون في الطابور. ترامب قصير النفس، منشغل بذاته، عبد لنزواته. في أفضل الأحوال، هو نكتة".
واقترح "ألا نولي أهمية كبيرة لما قاله الاثنان عن إسرائيل وغزة ولبنان وإيران في أثناء الحملة. فخطوات الرئيس/ة في الشرق الأوسط سيوليها الوضع في الميدان، والاضطرابات السياسية والحزبية، واقتراحات المستشارين وإحساسه أو إحساسها الداخلي".
وختم بالقول: "خيراً سيكون إذا ما وصل رئيس وزراء إسرائيل إلى ساكن البيت الأبيض الجديد مع رؤية واضحة، وسياسة يمكن تنفيذها، وصورة مصداقة. ترامب حساس جداً للمصداقية لدى الآخرين، وكذا هاريس".
«وهم خطير»
بدورها، اعتبرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في افتتاحيتها التي تابعتها "العين الإخبارية"، أن الانتخابات الأمريكية "ستقرر المسار الذي تسير فيه الولايات المتحدة في السنوات الأربع التالية، وستكون لها تداعيات هائلة أيضاً على الشرق الأوسط الذي يعيش الحرب".
وتساءلت: "كيف يحتمل أن ثلثين من الإسرائيليين يفضلون ترامب مقابل ثلثين من اليهود الأمريكيين الذين يؤيدون هاريس؟".
وقالت: "يهود أمريكا يعرفون أن ترامب يهدد إمكانيتهم للعيش بازدهار؛ وأن وجوده يشجع اللاسامية والتزمت؛ إنه يتصدر هجمة على حقوق النساء، وله التزام صريح لتخريب الديمقراطية الليبرالية".
وأضافت: "بالنسبة لإسرائيل أيضاً، لا يشتري يهود الولايات المتحدة الادعاءات الديماغوجية وغير المفهومة التي سيضع بموجبها حداً لكل النزاعات في الشرق الأوسط".
وتابعت: "هم يعرفون بأن انعزاليته والسحر الذي يفرضه عليه فلاديمير بوتين، سيمنعان التدخل الأمريكي في المنطقة وسيزيدان هشاشة إسرائيل استراتيجياً. فما بالك في ضوء التهديد الإيراني! هم يعرفون السوابق، وطابعه غير المستقر، وانفجارات غضبه، ويعرفون بأنها وصفة مؤكدة لترك حلفاء الولايات المتحدة بمن فيهم إسرائيل، لمصيرهم".
ودعت الصحيفة "الإسرائيليين إلى أن يستمعوا للأغلبية الساحقة من يهود أمريكا إن لم يكن انطلاقاً من التضامن فعلى الأقل من المصلحة. الادعاء القائل بأن عودة ترامب ستشكل مصدراً لإنجازات جغرافية سياسية لإسرائيل وليست تهديداً على أمنها وعلى أساساتها الديمقراطية، التي باتت محدودة على أي حال، هي فكرة لا أساس لها من الصحة، إن لم تكن وهماً خطيراً".
«لا أحد يؤيد هاريس»
تساءلت دومونيك هوفمان في مقال بصحيفة "جيروزاليم بوست" تابعته "العين الإخبارية": "ما هو موقف هاريس من إسرائيل؟
وردت: "من الصعب الجزم بذلك على وجه اليقين، وذلك على الرغم من أن يوم الانتخابات هو اليوم الذي تجرى فيه الانتخابات، ولكن موقع حملتها على الإنترنت لا يزال يفشل في تحديد مواقف سياسية واضحة".
واعتبرت أنه "لو كان مطلوباً من هاريس الفوز بترشيح الحزب من داخله، لكانت قد اضطرت إلى تحديد مواقف واضحة بشأن قضايا سياسية بارزة، بما في ذلك إسرائيل".
وقالت: "إن تعيينها في الترشيح يعفيها من التنافس مع أقرانها على أساس جدارة أفكارها. وللحصول على مظهر من مظاهر القضايا السياسية الرئيسية لإدارة هاريس-والز، يتعين علينا أن نجمع بين التصريحات التي أدلي بها في المقابلات، والتي لم يتم تقديم سوى القليل من الجوهر منها".
ومضت تقول: "دعونا نترك هاريس تتحدث عن نفسها، "لقد تم القيام بالكثير، ولكن هناك المزيد الذي يتعين القيام به، وأنا أشير إلى الأشياء التي يجب القيام بها والتي لم يتم القيام بها ولكن يجب القيام بها".
و"بصرف النظر عن عدم قول أي شيء عن أربع مرات في جملة واحدة، دعونا ننظر إلى ما تم وما لم يتم القيام به فيما يتعلق بالعلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل على مدى السنوات الأربع الماضية من إدارة بايدن-هاريس"، وفق هوفمان.
وتابعت: "الأصدقاء الذين أعرفهم منذ سنوات والذين لم يكونوا مؤيدين لترامب يدركون ضرورة وجود سياسة خارجية قوية في هذه اللحظة الجيوسياسية الهشة. وبينما نسأل الغرباء والأصدقاء في إسرائيل عن النتيجة المأمولة في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني (الثلاثاء)، لم يؤيد أي شخص هاريس، وهو ما يدل على ذلك".
وأردفت: "لا يسعنا إلا أن نأمل أنه إذا أصبحت هاريس رئيسة منتخبة، فإن سياساتها ستكون استمرارا لإدارة بايدن، التي كانت على جبهة السياسة الخارجية مخيبة للآمال، إن لم تكن كارثية في بعض الأحيان، مثل الانسحاب المروع من أفغانستان وتمكين النظام الإيراني".
واعتبرت أن "أي شيء أكثر تطرفا أو ضعفا في السياسة الخارجية والتخطيط الاستراتيجي الكبير من شأنه بلا شك أن يبشر بالانحدار الكبير للمكانة والهيمنة الأمريكية في النظام العالمي".
وختمت بالقول إن "عظمة القوة الأمريكية في الخارج هي العمود الفقري للردع الإسرائيلي، ويجب على كل إسرائيلي أن يستثمر في نتيجة الانتخابات الأمريكية".