إعادة إعمار غزة أم ضرب إيران؟ هوة تسبق اجتماع نتنياهو وترامب
أيام قليلة بقيت على اللقاء المرتقب بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وتسبق اللقاء عدة تكهنات حول الملفات التي ستضمها أجندته، فترامب يريد تركيز اجتماعه مع بنيامين نتنياهو على إعادة إعمار غزة، ولكن الأخير يريد مهاجمة إيران.
وقبل أسبوع واحد من الاجتماع المقرر عقده يوم 29 من الشهر الجاري في فلوريدا، تبدو الخلافات واضحة بين واشنطن وتل أبيب.
وقد سرّب مسؤولون إسرائيليون لوسائل إعلام أجنبية أن نتنياهو يريد أن يبحث مع ترامب توجيه ضربة عسكرية ثانية لإيران.
ولربما ليس مصادفة أن المبعوث الأمريكي لعملية السلام ستيف ويتكوف نشر بيانًا على حسابه في منصة "إكس" للتواصل الاجتماعي يتحدث عن المرحلة الثانية من خطة ترامب لإنهاء الحرب على غزة.
وقال موقع "واللا" الإخباري الإسرائيلي إنه "قبل حوالي أسبوع من مغادرة رئيس الوزراء إلى الولايات المتحدة، أصبحت الفجوات في جدول الأعمال التي خطط لها مضيفوه أكثر وضوحًا".
وأضاف: "يستعد رئيس الوزراء لإقناع ترامب باحتمال شن هجوم على نظام الصواريخ الباليستية الإيراني، بينما تركز واشنطن جهودها على إعادة بناء قطاع غزة والترويج لبرنامج "مشروع شروق الشمس".
وأشار إلى أنه من المتوقع أن يغادر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة ليلة السبت المقبل، حوالي الساعة 11 مساءً، حيث سيلتقي بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب".
وقال: "وفقًا للجداول الزمنية الجديدة، من المتوقع أن يقلع نتنياهو ليلة السبت 27 ديسمبر/كانون الأول ويهبط يوم الأحد 28 ديسمبر/كانون الأول في فلوريدا. ومن المقرر أن يعقد اجتماعه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في اليوم التالي، 29 ديسمبر/كانون الأول، في مجمع مارالاغو، لكن الجدول الزمني الرسمي لم يُعلن بعد، ومن المرجح أن يتم الهبوط في مطار بالم بيتش".
ولفت إلى أنه "في هذه المرحلة، حتى قبل أن يبدأ الاجتماع، أصبحت الفجوة بين الأجندة المتوقعة التي تشغل مضيفيها في واشنطن والقضية التي يريد نتنياهو طرحها على الطاولة أوضح".
وفي إشارة إلى التقارير التي نشرها إعلام أمريكي نقلًا عن مسؤولين إسرائيليين، ولم تنفها مصادر سياسية إسرائيلية، فإن نتنياهو يعتزم طرح مخاوف إسرائيل بشأن التراكم السريع لإيران في مجال الصواريخ الباليستية، وتقديم خيارات جديدة للعمل لا تركز على المنشآت النووية.
وقال الموقع: "في الوقت نفسه، ترسل واشنطن رسالة مختلفة، فخلال عطلة نهاية الأسبوع، عزز فريق ترامب التزامه بدفع ترتيب في غزة، بقيادة ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس، الذي أصدر إعلانًا رسميًا على منصة "إكس" حول الاجتماع الشهير الذي عقده في ميامي مع ممثلي مصر وقطر وتركيا".
وأضاف: "شدد ويتكوف، في البيان، على التقدم في المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، والحاجة إلى إنشاء هيئة حكم مدنية في غزة، إلى جانب خطوات نحو التكامل الإقليمي وإعادة التأهيل الاقتصادي الواسع".
وتابع: "يتماشى هذا الخط مع ما قاله وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في نهاية الأسبوع الماضي، حيث يتضمن النظام الأمريكي للعمليات أولًا إعلان "مجلس سلام" دولي، ثم تقديم مجموعة من التقنيين الفلسطينيين لإدارة قطاع غزة، ثم فقط نشر قوة استقرار دولية".
«شروق الشمس» و«ريفييرا الشرق الأوسط»
وقال الموقع إنه "في ظل هذا السياق، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال خلال عطلة نهاية الأسبوع أن إدارة ترامب تروج لخطة طموحة تسمى "مشروع شروق الشمس"، تهدف إلى تحويل قطاع غزة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، مع بنية تحتية ذكية، ونقل سريع، ومنتجعات فاخرة".
وأضاف: "تُقدَّر الخطة، التي صاغها جاريد كوشنر وستيف ويتكوف، بحوالي 112 مليار دولار خلال عقد من الزمن، على أن تكون الولايات المتحدة "مرساة" وتمول حوالي 20% من التكاليف من خلال المنح وضمانات الديون".
وتابع قائلًا: "لكن إسرائيل متشككة في الفجوة بين الرؤية الأمريكية لإعادة الإعمار والمطالب الإسرائيلية بتفكيك حماس ونزع السلاح من قطاع غزة. وتعترف واشنطن أيضًا في محادثات خاصة بأن القضايا السياسية والأمنية للمرحلة (ب) لا تزال عالقة، وأن التصريحات تهدف، من بين أمور أخرى، إلى الحفاظ على الزخم الدولي".
أصوات أمريكية ترفض مواجهة جديدة مع إيران
وأشار الموقع إلى قضية قد تمنع ترامب من قبول مواجهة جديدة مع إيران، وهي دخول الولايات المتحدة انتخابات التجديد النصفي العام المقبل.
وتبرز أصوات قوية في الحزب الجمهوري نفسه، وأيضًا في الحزب الديمقراطي، ترفض الاستجابة لكل طلبات نتنياهو.
وفي هذا الصدد قال موقع "واللا": "فوق كل ذلك، هناك عامل آخر يلاحق اجتماع مارالاغو القادم – السياسة الداخلية الأمريكية. قاعدة ترامب، قبل انتخابات منتصف المدة العام المقبل، تظهر ترددًا في الدخول في مواجهة عسكرية أخرى في الشرق الأوسط، خاصة في ظل تدهور الوضع مع إيران. في الأوساط المحافظة، هناك أصوات تحذر من مزيد من التدخل الأمريكي العميق، مفضلة العقوبات والضغط السياسي على العمل العسكري".
وأضاف: "بينما يقدم ترامب وفريقه رؤية لمستقبل غزة ويروجون للعمليات التدريجية، من المتوقع أن يصل نتنياهو إلى الاجتماع مصممًا على إعادة الأضواء إلى إيران واختبار مدى استعداد الرئيس الأمريكي للذهاب معه هذه المرة أيضًا".
ربط المزيد من الانسحابات من غزة بنزع سلاح حماس
ومن جهتها قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إنه "ينتظر القادة السياسيون الإسرائيليون اجتماعًا بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، المقرر عقده في فلوريدا، لتحديد كيفية الاستعداد للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ووضع الخطوط العريضة لإعادة إعمار القطاع".
وأضافت: "قالت مصادر إنه من المتوقع أن يعرض ترامب نهج الإدارة الأمريكية في دفع الخطة، ويشرح آلية اتخاذ القرارات بشأنها. ويشعر المسؤولون الإسرائيليون بقلق بالغ حيال كيفية ربط نزع سلاح حماس بمزيد من الانسحاب الإسرائيلي من غزة، وكيفية التعامل مع مطلب إسرائيل بالكشف عن أنفاق حماس المتبقية وتدميرها".
وذكرت أنه "عقد نتنياهو الأسبوع الماضي اجتماعًا خاصًا لمناقشة مجموعة من السيناريوهات المحتملة لغزة، وكيفية استعداد الجيش الإسرائيلي وتحركه وفقًا لذلك. وخلال الأشهر الأخيرة، صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي مرارًا، بما في ذلك علنًا، بأن الجيش الإسرائيلي مستعد لتوسيع عملياته العسكرية في غزة لاستكمال نزع سلاحها وتفكيك حركة حماس، في حال فشلت الجهود الدولية أو لم تسر كما هو مخطط لها".
وقالت إنه "سيتم اتخاذ القرارات بشأن هذه المسألة في إسرائيل خلال الأيام القادمة بناءً على موقف الإدارة الأمريكية، وبعد الاجتماع المرتقب بين الزعيمين في فلوريدا الأسبوع المقبل".
مشروع «شروق الشمس»
وأفادت مصادر أمريكية لصحيفة "وول ستريت جورنال" خلال عطلة نهاية الأسبوع بأن ويتكوف وجاريد كوشنر، بالتعاون مع مسؤولين كبار آخرين في البيت الأبيض، قد وضعوا مسودة خطة لإعادة إعمار قطاع غزة، وعرضوها على مستثمرين محتملين. ووفقًا للمسودة، فإن الخطة، التي أُطلق عليها اسم "مشروع شروق الشمس"، ستُكلّف حوالي 112 مليار دولار، مع تخصيص جزء كبير من التمويل في سنواتها الأولى لتلبية الاحتياجات الإنسانية لسكان غزة.
وستتولى الولايات المتحدة دور الممول الرئيسي، حيث ستغطي نحو 20% من تمويل المشروع – أي ما يقارب 60 مليار دولار على مدى 10 سنوات – من خلال المنح وضمانات الديون، وفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال.
وكما يوضح مشروع الخطة، فإنه بمجرد تعافي اقتصاد غزة، سيتمكن القطاع من تمويل جزء كبير من المشاريع المخطط لها ذاتيًا وسداد ديونه، إذ يُتوقع أن تُعزز الخطة الصناعة المحلية.
وستتم إعادة الإعمار على أربع مراحل، تبدأ في مدينتي رفح وخان يونس الجنوبيتين، حيث ستركز المراحل الأولى على إزالة الأنقاض والذخائر غير المنفجرة وبنية أنفاق حماس التحتية، بينما يتم إيواء السكان في ملاجئ مؤقتة.
وبموجب الخطة، المتوقع أن تمتد لأكثر من عشرين عامًا، سيتم بناء نحو 100 ألف وحدة سكنية في غزة. كما يُخطط لبناء مئات المباني العامة في رفح، التي ستُتخذ مقرًا لإدارة غزة المستقبلية.
وينص مشروع الخطة على أنه بعد عشر سنوات، سيشهد ساحل غزة تنمية اقتصادية ويُفتح أمام الاستثمار الخاص، ليصبح مصدرًا مُدرًّا للدخل للفلسطينيين.
وتدعو الخطة إلى استثمار نحو 70% من ساحل غزة بدءًا من العقد الثاني، بعوائد طويلة الأجل متوقعة تتجاوز 55 مليار دولار، وفقًا لما ذكرته صحيفة وول ستريت جورنال.
وأفاد مصدر للصحيفة بأن مشروع الخطة عُرض على عدة دول إقليمية ومستثمرين محتملين آخرين. وبحسب التقرير، فقد وُضعت الخطة بناءً على آراء رجال أعمال ومقاولين إسرائيليين.
وقالت مصادر في إدارة ترامب إن إعادة الإعمار قد تبدأ في غضون أشهر قليلة، حالما تسمح الظروف الأمنية بذلك.
ومع ذلك، أعرب مسؤولون أمريكيون اطلعوا على المقترح سرًا عن شكوكهم في جدواه، متسائلين عما إذا كانت حماس ستوافق على نزع سلاحها بالكامل، وما إذا كانت الدول المانحة ستلتزم بتقديم التمويل دون ضمانات أمنية طويلة الأمد.
ويصرّ مؤيدو المشروع على أن تحويل غزة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، كما يتصور ترامب، أفضل من تفاقم الأزمة الإنسانية، إلا أن تنفيذ الخطة مشروط بنزع سلاح حماس وتدمير شبكة أنفاقها.
وقال وزير الخارجية ماركو روبيو خلال عطلة نهاية الأسبوع ردًا على سؤال حول هذا الموضوع: "لن تتمكن من إقناع أي جهة باستثمار أموالها في غزة إذا اعتقدت أن حربًا أخرى ستندلع خلال سنتين أو ثلاث".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA== جزيرة ام اند امز