في الذكرى الثانية.. كيف نفذت «حماس» هجوم 7 أكتوبر؟

في 7 أكتوبر 2023، لم تكن رسالة حماس "اذهب لصلاة الفجر" مجرد دعوة للعبادة، بل كانت شيفرة سرية لهجوم غير متوقع سيهز غزة والشرق الأوسط
ففي الساعة الرابعة من فجر يوم 7 أكتوبر/ تشرين أول 2023، صدر أمر غريب من قادة حركة حماس في غزة: «كل من كان حاضرا في الدورات التدريبية ولم ينو الذهاب لصلاة الفجر في المسجد الذي تعوّد ارتياده، فعليه بالذهاب للصلاة».
كانت هذه أولى رسائل انطلاق «ساعة الصفر» لعملية «طوفان الأقصى»، حسب ما طالعته "العين الإخبارية" في صحيفة «الغارديان» البريطانية، وكان من الواضح أنها رسالة مشفرة، وأن مفتاح حلها كان عند القادة قبل أن ينتقل تدريجيا عبر تراتبية الحركة.
بعد ساعة من ذلك، بدأت مجموعات من مسلحي حماس بالتفرق في اتجاهات مختلفة، وفي الأثناء صدرت أوامر جديدة نُقلت أيضا شفهيا، بإحضار السلاح والذخيرة والتجمع في أماكن محدودة.
بدا واضحا أن أساس الخطة يعتمد على عدم استخدام أي وسيلة تواصل مهما كان نوعها، والاكتفاء حصرا بنقل الرسائل بشكل شفهي لتفادي أي اختراق محتمل قد يجهضها
وحتى تلك للحظة، لم يكن بالفعل أحد يعرف بما يحدث حتى داخل حماس نفسها، وكانت تلك النقطة المفصلية التي ساعدتها على استكمال التنفيذ.بحسب الصحيفة.
وبشكل سريع ومنسق، تسلح مقاتلو حماس بأسلحة وذخائر إضافية. وحملوا الرشاشات اليدوية والصاروخية والمتفجرات وبنادق القنص وتحركوا بانتظار ورود تعليمات جديدة.
وبحسب «الغارديان» فإن المقاتلين لم يجدوا صعوبة في تذكر كيفية التعامل مع تلك الأسلحة، لأنهم خلال الفترة السابقة كانوا يتدربون عليها، ولم يكن يدر بخلدهم أنهم يتدربون على تنفيذ خطة مرسومة سلفا.
ساعة الصفر
وفي تمام السادسة والنصف صباحا، صدرت الأوامر النهائية، وهذه المرة جاءت مكتوبة، وطلبت من المقاتلين التحرك عبر فتحات في السياج المحيط بقطاع غزة، وهذه الفتحات سيتم إحداثها عبر التفجير أو تحطيم الأسلاك، قبل الهجوم على إسرائيل بالجانب الآخر.
وفي نفس الوقت، أطلقت حماس وابلا من الصواريخ لتدوي صافرات الإنذار في مناطق بعيدة مثل تل أبيب وبئر السبع، وحينها قالت الحركة إنها أطلقت 5 آلاف صاروخ في أول دفعة، فيما ذكر الجيش الإسرائيلي أن العدد لم يتجاوز النصف (2500).
وللحظة، تصاعد الدخان فوق المناطق السكنية الإسرائيلية وعمت الضوضاء وهرع الناس في كل الاتجاهات يبحثون عن الاحتماء خلف المباني مع انطلاق صفارات الإنذار في سماء المنطقة.
وشكّل إطلاق القذائف الصاروخية غطاء لتسلل غير مسبوق نفذه المسلحون عبر محاور متعددة، في عملية مباغتة ومتزامنة جرت، بينما كانت الشمس تشرف على الشروق، وذلك بحسب مقاطع مصورة نشرتها الحركة لاحقا.
كيف انتقلت الأوامر؟
قالت «الغارديان» إنها حصلت على روايات بشأن الهجوم من مصادر مختلفة بينها مسؤولون في الاستخبارات الإسرائيلية، ومصادر مطلعة على محاضر استجواب من الذين تم أسرهم من مقاتلي حماس، علاوة على بيانات الحركة والجيش الإسرائيلي وتحليلات الخبراء.
وبناء على تلك المصادر، توقفت الصحيفة عند تفاصيل ما قبل ساعة الصفر، وتحديدا عند جزئية التعليمات الشفهية، معتبرة أن "هذا التكتيك مكّنها من خداع أحد أقوى أنظمة المراقبة في العالم، وإخفاء أي كلمة عما قد يحدث عن شبكة من الجواسيس".
وتشير إلى أن المخططين الرئيسيين للهجوم هما يحيى السنوار، قائد الحركة حينها في قطاع غزة، ومحمد الضيف، قائد ذراعها العسكري "كتائب القسام" ووحدة "النخبة" التابعة للحركة، واللذين قتلا لاحقا في قصف إسرائيلي.
والرجلان وضعا خطة دقيقة تقوم أساسا على السرية التامة، ولذلك جاء انتشار الأوامر بشكل تدريجي في أنحاء قطاع غزة، حيث وصلت في البداية إلى قادة الكتائب في الحركة، ثم إلى قادة الفصائل، وبعدها إلى قادة الفرق.
وبالمرحلة الأخيرة، انتقلت التعليمات إلى الجيران والأقارب والأصدقاء وإلى كل من شارك في تدريبات كانت تجري مرتين بالأسبوع، بحسب الصحيفة.
وعند اقتحام السياج الفاصل مع إسرائيل، لم يكن مسلحو حماس فقط هم الموجودون بالمكان، فقد انضم إليهم عناصر من حركة الجهاد الإسلامي، الفصيل الذي تقول مصادر كثيرة إنه لم يكن على علم بالهجوم لكنه انضم إليها فور علمه بها.
كذلك، تدفق المدنيون من غزة وسط حالة فوضى عارمة، فيما تأخرت استجابة الأمن الإسرائيلي في مشهد مرتبك وغريب لم يكن أحد حينها ليعتقد ولو مازحا أنه سيشعل أتون حرب ستحول القطاع لكومة من الأنقاض والرماد، وتشرّد سكانه في بقاع المجهول، وتخطف حياة أكثر من 65 ألفا من أبنائه.
ومع اقتراب الذكرى الثانية للهجوم الذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص، وخطف أكثر من 250 رهينة، بحسب أرقام إسرائيلية، يأمل سكان قطاع غزة أن تضع الحرب أوزارها، ليعودوا إلى ديار حتى وإن كانت أنقاضا، ويبحثوا بين الركام عن أثر أحبائهم وما تبقى من حياتهم الممزقة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuOTYg جزيرة ام اند امز