عرب إسرائيل و"حجة المعقولية".. بأي "ذنب" يمر؟
وسط استيائهم من "غياب" الحماية التي يوفرها لهم القضاء الإسرائيلي، جاء تعديل بند "حجة المعقولية"، ليصب الزيت على النار بين عرب إسرائيل.
استياء جاء ممزوجا بمخاوف من أن ينجم عن تعديل الكنيست بند "حجة المعقولية" الذي يحدّ من صلاحيات المحكمة العليا في إلغاء قرارات حكومية، خطوات وتشريعات تستهدفهم.
ويشكل تعديل بند "حجة المعقولية" أحد أبرز الإصلاحات القضائية المطروحة، بحسب أستاذ القانون وعضو الكنيست السابق الدكتور يوسف جبارين، الذي يقول إنه ستكون له إسقاطات واضحة على المواطن العربي الإسرائيلي بعد إضعاف المحكمة العليا في ظل الحكومة اليمينية الحالية.
ورغم أن خطة الإصلاح القضائي تثير معارضة واسعة داخل إسرائيل ومظاهرات احتجاجية متواصلة منذ أن اقترحها في الائتلاف الحكومي الذي شكّله بنيامين نتانياهو مع اليمين المتطرف والأحزاب الدينية المتشددة، في يناير/كانون الثاني الماضي، إلا أن عرب إسرائيل شاركوا في احتجاجات أخرى اشتركت مع الأولى في رفض الإصلاحات القضائية المطروحة، واختلفت معها في المطالبة بالمساواة.
كيف ستؤثر على عرب إسرائيل؟
يقول أستاذ القانون يوسف جبارين إن "صلاحيات استبدادية" للائتلاف الحكومي سيكون لها تأثير على الفلسطينيين داخل إسرائيل و"ستشدّ الخناق على قياداتهم السياسية".
تلك الإجراءات من بينها وصم قيادات عربية بأنها خارج القانون، وتجريم العمل السياسي للعرب، وفرض الاعتقال الإداري، وتقييد حرية الحركة وغيرها، بحسب جبارين.
ويقول جبارين: "من خلال عدم الرقابة الإسرائيلية ستكون لليمين صلاحيات أكثر وأوسع من ناحية اختصار الوقت لتنفيذ المشاريع".
لكنه يستدرك: "هذا لا يعني أن القضاء الإسرائيلي يوفّر أي حماية تُذكر للفلسطينيين. فعلى العكس شرّع النظام القضائي الاستيطان، لكن حتى القليل الذي قدّمته المحكمة العليا ضد المشاريع الاستيطانية يريد اليمين المتطرّف التخلص منه".
ويشكّل عرب إسرائيل، أحفاد الفلسطينيين الذين بقوا في أراضيهم بعد قيام الدولة العبرية عام 1948، حوالي 20% من سكان البلد. ويشكون من تمييز وتقاعس الشرطة عن معالجة العنف والجريمة في مجتمعهم.
وعن "حجة المعقولية" تقول سميرة كنعان خلايلة (57 عاما) القاطنة في مدينة مجد الكروم في الجليل الأعلى: "العرب موجودون على الهامش قبل قانون الحدّ من حجة المعقولية، لكن الآن.. أي قرار سيلجأ العرب فيه إلى المحكمة العليا لن يعود له أي وزن يذكر"، معربة عن تشاؤمها من هذه الحكومة "الأسوأ على الإطلاق.. التي سيكون سيئا جدا علينا".
مركز "مساواة" الذي يدافع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية للمجتمع العربي الإسرائيلي، اعتبر أن بند "حجة المعقولية سيعمّق المسّ بحقوق الأقلية العربية، وسيمسّ بحقوق الإنسان".
وقالت مدير المركز جعفر فرح: "رغم انتقادنا للجهاز القضائي الإسرائيلي إلا أن هناك أملا في المجتمع الفلسطيني في أن تتدخّل المحاكم في القرارات غير المعقولة للحكومة"، محذرة من أن "التآكل المتواصل لقدرة المحاكم في الدفاع عن حقوق الإنسان الفردية والجماعية في مواجهة السياسة الحكومية سيعمّق الفساد المؤسساتي".
هل من تحركات؟
قدمت نقابة المحامين وغيرها من المؤسسات بالتماسات للطعن في بند "حجة المعقولية" الذي أصبح قانونا، بينما أجّلت المحكمة العليا النظر في القانون إلى ما بعد العطلة القضائية في سبتمبر/أيلول المقبل.
وتقول المحامية ليئا تسيمل لـ"فرانس برس": "من المؤكد أن هذا التشريع سيؤثّر على المجتمع العربي في إسرائيل لكنه سيؤثر أيضا على المجتمع الإسرائيلي اليهودي بصورة أخرى من ناحية الوزارات والمؤسسات".
وأشارت إلى أنه عندما كان يمكن للمحكمة العليا أن تستخدم حجة المعقولية، وقفت أحيانا كثيرة إلى جانب الحكومة وقراراتها، بينها رفضها في الماضي التماس الطعن بقانون القومية الذي لا يوجد فيه بند مساواة للعرب.
كذلك لم ترفض المحكمة "قانون أملاك الغائبين" الذي ينصّ على أنه بمجرّد أن يكون المواطن العربي غائبا عن منزله لدى وصول قوات الهاجاناه إلى بيته، يصبح المنزل ملكا للدولة، ولا يعاد إلى صاحبه.