على خطى التكنولوجيا.. السياحة الإسرائيلية تترقب مِنّح باريس سان جيرمان
زيارة المكاسب التنافسية للاقتصاد الإسرائيلي؛ هكذا يمكن وصف رحلة نادي باريس سان جيرمان إلى تل أبيب للعب مباراة كأس السوبر الفرنسي.
والمباراة التي ستقام مساء اليوم الأحد في مدينة تل أبيب مع نادي نانت، تضم أحد أبرز الاستثمارات القطرية في القطاع الرياضي، وتتمثل بفريق باريس سان جيرمان الذي يرأس مجلس إدارته ناصر الخليفي.
ويملك الخليفي علاقات إيجابية مع إسرائيل وقطاعها الرياضي، إذ سبق أن حط باريس سان جيرمان في إسرائيل قبل زيارته الحالية، وذلك في صيف عام 2021 للعب مباراة السوبر الفرنسي ضد ليل.
والعام الماضي، قدم ناصر الخليفي جزيل الشكر والامتنان لنادي مكابي تل أبيب الإسرائيلي ولرئيس مجلس إدارته لاستضافتهم فريقه خلال معسكره في تل أبيب على ملعب بلومفيلد الخاص بمكابي تل أبيب.
ويطمح نادي باريس سان جيرمان إلى تسويق نفسه في المناطق التي تشهد توترات، بما فيها الشرق الأوسط، ليظهر النادي ورئيس مجلس إدارته أن مهمة الفريق تتجاوز الرياضة لتشمل أيضا قيم التسامح والإنسانية.
لكن في المقابل، تحولت إسرائيل إلى مركز جذب سياحي بسبب زيارات ينفذها نجوم كرة القدم في باريس سان جيرمان، بقيادة الأرجنتيني ليونيل ميسي، والبرازيلي نيمار دا سيلفا، والفرنسي كيليان مبابي.
وتفتح زيارة باريس سان جيرمان إلى إسرائيل، الباب واسعا أمام تل أبيب لتعزيز قطاع السياحة الرياضية، وبالتالي تحسن إيرادات السياحة في إسرائيل.
بذلك، يكون رجل الأعمال ورئيس مجلس إدارة نادي باريس سان جيرمان، ناصر الخليفي، قد حقق -عن قصد أو بعفوية- هدف إسرائيل المتمثل في خلق قالب سياحي جديد وهو السياحة الرياضية على أراضيها.
ولا تملك إسرائيل تاريخًا رياضيًا، ولا تملك بنية تحتية متطورة على صعيد الملاعب، إلا أن الجانب التسويقي بين النادي وتل أبيب، قد يخلق استثمارات للنادي الباريسي في إسرائيل من خلال أكاديمية أو منتجع رياضي على مستوى عالمي.
كذلك، نجحت إسرائيل في تسويق بعض معالمها ومؤسساتها، من خلال زيارة نجوم باريس سان جيرمان إليها، إذ نفذ بعض النجوم زيارة لمؤسسة إسرائيلية غير ربحية.
وأمس السبت التقى فريق باريس سان جيرمان مع منظمة Save A Child’s Heart الإسرائيلية غير الربحية، وهي مجموعة إنسانية تجري عمليات قلب للأطفال في جميع أنحاء العالم؛ إذ التقى أعضاء الفريق بالأطفال المشاركين في المجموعة، وقاموا بالتوقيع على التوقيعات والتقاط الصور.
وفي ذات السياق، انتشرت الكاميرات داخل ملعب التدريب الخاص بفريق باريس سان جيرمان قبل مباراته المرتقبة اليوم، إذ تدرب ليونيل ميسي ونيمار، وهما من أكبر نجوم الرياضة في العالم في ملعب بلومفيلد في تل أبيب.
وأظهرت اللقطات التي نشرها باريس سان جيرمان الفرنسي مجموعة من المشجعين وهم يهتفون للفريق خلال جلسة التدريب، فيما كثفت وسائل الإعلام الإسرائيلية من تقاريرها الرياضية حول زيارة النادي الباريسي للبلاد.
وكثفت إسرائيل نفقاتها التسويقية في الخارج لجذب السياح، وبلغت في عام 2021 نحو 126 مليون دولار.
في وقت تسجل فيه إسرائيل تقدما متسارعا في مؤشراتها الاقتصادي، وتملك اليوم أحدى أقوى العملات في 2022 بحسب بيانات بنك إسرائيل، فإن الاستثمارات عززت من تدفقها للأسواق المحلية.
وسجلت إسرائيل استثمارات أجنبية مباشرة تجاوزت 6 مليارات دولار خلال العام الماضي، وسط تركيز على قطاعات التكنولوجيا والتكنولوجيا الفائقة، بحسب بيانات وزارة الصناعة الإسرائيلية.
ويأتي الاقتصاد الإسرائيلي ضمن أفضل الدول من حيث نسبة النمو على مدار العشرين عاما الماضية، بمتوسط سنوي 3.33% وضعته في المرتبة السابعة عشر على مستوى العالم.
ومن حيث المهارات المعرفية، تأتي إسرائيل في المرتبة الرابعة، ما يفسر طبيعة الإقبال عليها في قطاعات التكنولوجيا الفائقة والصناعة الدفاعية والتكنولوجيا الزراعية، إذا إنها تأتي كذلك بالمرتبة الثانية عالميا في المهارات التكنولوجية.
أمام هذا التطور في الاقتصاد الإسرائيلي، ما تزال صناعة السياحة متأخرة في السوق، بمتوسط 4.5 ملايين سائح سنويا، معظم يقدمون لأجل السياحة الدينية، خاصة المسيحيين القادمين للحج في مدينة بيت لحم بالضفة الغربية.
وتعتبر إسرائيل اقتصادا بكرا في صناعة السياحة الوافدة، بسبب توافرها على مختلف أسباب النجاح، إذ تسيطر على منطقة البحر الميت في الضفة الغربي وهي أخفض بقعة في العالم.
وهناك بدأت تتوسع استثمارات سياحية، تحت مفهوم السياحة الترفيهية والعلاجية، لما للطين في منطقة البحر الميت من فوائد صحيفة لاحتوائه على مجموعة من المعادن والأملاح التي تستخدم في العلاج.
وبحسب بيانات قديمة تعود لعام 2016 صادرة عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد"، فإن عائدات إسرائيل من منطقة البحر الميت لوحدها "سياحة علاجية" تتجاوز 800 مليون دولار سنويًا.
وخلال السنوات الثلاث الماضية، بدأ توجه إسرائيل إلى السياحة الرياضية، عبر استضافة فعاليات في رياضات فردية وجماعية، والأبرز استضافتها لأندية أوروبية معروفة.
قبل عدة سنوات، استقبلت إسرائيل نادي برشلونة الإسباني، واستغلت الزيارة لتصوير أبرز معالمها السياحية، في محاولة لتعزيز هذا الشكل من الترويج بهدف تنويع قوالب صناعة السياحة لديها.
ولا تملك إسرائيل أية مرافق خاصة (منتجعات ومعسكرات تدريب) في القطاع الرياضي على مستوى عالمي، سواء لكرة القدم، أو أي من الرياضات الجماعية، ما يمثل فرصة واعدة لأية استثمارات أجنبية لضخ سيولة في القطاع.
وقد تفتح زيارات أندية باريس سان جيرمان وروما وتوتنهام الذين زاروا إسرائيل هذا الباب، الباب أمام الإعلان عن استثمارات جديدة في القطاع الرياضي.
وقد تطال هذه الاستثمارات، تحالفات بين مستثمرين أجانب وقطاعات رياضية إسرائيلية، بهدف تطويرها ومنحها بعدا عالميا قادرا على الحضور على المستوى العالمي.
هذا الاستثمار في القطاع الرياضي، قد يكون نسخة عن التطور الذي شهدته الاستثمارات الأجنبية في قطاع التكنولوجيا والتكنولوجيا الفائقة مع توفر البنى التحتية الملائمة والظروف المواتية.