هزيمة إسطنبول.. 3 دلائل على نهاية نظام أردوغان
انتصار أكرم إمام أوغلو حمل العديد من الدلائل المهمة والمفاجآت بالنسبة لنظام الرئيس رجب طيب أردوغان، وحزبه الحاكم العدالة والتنمية.
حملت نتائج انتخابات بلدية إسطنبول التي جرت إعادتها، اليوم الأحد، وفاز بها مرشح المعارضة، أكرم إمام أوغلو، العديد من الدلائل المهمة والمفاجآت بالنسبة لنهاية انظام الرئيس رجب طيب أردوغان، وحزبه الحاكم العدالة والتنمية.
أولى هذه الدلائل، تراجع عدد الأصوات التي حصل عليها بن علي يلدريم لصالح مرشح المعارضة، أكرم إمام أوغلو الذي حصد المنصب مجددًا بعد فوزه به في الجولة الأولى التي ألغت اللجنة العليا للانتخابات نتائجها في 6 مايو/أيار الماضي، وقررت إعادتها اليوم.
تراجع.. ثم انهيار
الدلالة الثانية أيضاً تتمثل في اتساع الهوة بين المرشحين لما يقرب من 9% لصالح إمام أوغلو، إذ حصل مرشح المعارضة على 4 ملايين و698 ألفًا و782 صوتًا، ما يعادل 54.3% من الأصوات، مقابل 3 ملايين، و921 ألفًا و201 صوت حصل عليها يلدريم، وتقدر نسبتها بـ45.9% من إجمالي الأصوات، أي أن إجمالي فارق الأصوات بين المرشحين بجولة الإعادة، بلغ 777.581 صوتًا.
جاء هذا بعدما كان هذا الفارق 21.462 صوتًا ما يعادل 25.0% فقط خلال الجولة الأولى، إذ حصل مرشح المعارضة على 4 ملايين و171 ألفًا، و118 صوتًا، ما يعادل 48.80%، بينما حصل يلدريم على 4 ملايين و149 ألفًا، و656 صوتًا، ما يعادل 48.55%.
ويبلغ عدد الأقضية في إسطنبول، 39 قضاءً، حصل إمام أوغلو على المركز الأول في 27 منها، مقابل 12 تفوق فيها يلدريم.
الدلالة الثالثة التي حملتها النتائج الأولية، تحول بعض المناطق التي كانت تعتبر معقلًا لحزب العدالة والتنمية، لصالح إمام أوغلو، وخير مثال على ذلك حي "الفاتح" وكذلك "أيوب سلطان" المعروفان بصبغتهما الإسلامية.
وحصل إمام أوغلو في حي "الفاتح" على 49.18% من أصوات الناخبين، مقابل 49.6% لصالح بن علي يلدريم، وفي حي "أيوب سلطان" حصل مرشح المعارضة على 53.91%، مقابل 45.22% لمرشح الحزب الحاكم.
هذه النتائج تعتبر صدمة كبيرة للرئيس أردوغان وحزبه، إذ أن الانتخابات هذه المرة خرجت عن كونها اقتراعًا على منصب رئيس بلدية، إلى استفتاء على شخص أردوغان وسياساته وحزبه، ولقد راهن على تأييد سكان إسطنبول البالغ عددهم 16 مليون شخص، لمرشحه يلدريم، وكان دائما يصف حكم المدينة بقوله "من يفز بإسطنبول يفز بتركيا".
درس شعبي
لكن رغم مساعي أردوغان لالتقاط فرصة ثانية لاستعادة المدينة التي عبرت عن غضبها من سياسات الحزب الحاكم في صناديق الاقتراع، لقن الناخبون النظام التركي الدرس مرة أخرى، بعد حشدهم بشكل كبير واسع من قبل الأحزاب، وتحفيزهم للتصويت.
وقام الرئيس التركي بمحاولات حثيثة لاحتفاظ حزبه بإسطنبول، والتي سبق أن تولى منصب رئيس بلديتها بين عامي 1994 و1998، حيث كانت المعبر له نحو استلام السلطة السياسية في تركيا، وذلك يرجع لمعرفة الرجل بأن موازنة البلدية هائلة وتتيح لحزبه الكثير من النفوذ.
لذلك لجأ نظام أردوغان إلى سلسلة من المراوغات والمماطلات والمزاعم، بعد فوز إمام أوغلو بالانتخابات في الجولة الأولى، وبالفعل تحقق له ما أراد، وقررت اللجنة العليا للانتخابات في 6 مايو الماضي إعادة الاقتراع على منصب رئيس بلدية إسطنبول، اليوم الأحد 23 يونيو/حزيران.
وأثار قرار إعادة الانتخابات انتقادات دولية واتهامات من المعارضة بتآكل سيادة القانون، وخرج سكان في عدد من المناطق إلى الشوارع وهم يقرعون الأواني احتجاجا على ذلك.
لكن بنتيجة الإعادة، خرج أردوغان خاوي الوفاض، لتشكل خسارته للمدينة للمرة ثانية جرحا غائرًا لديه، وقد تُضعف ما بدا حتى وقت قريب أنها قبضته الحديدية على السلطة.
النتائج جاءت أيضاً معبرة عن قوة المعارضة، وانهيار شعبية أردوغان وحزبه في قلب العاصمة الاقتصادية التركية، والتي بدأت منذ الانتخابات الأولى في مارس الماضي، وزعم أردوغان تزويرها.
وفي كملة له عقب إظهار النتائج الأولية لفوزه برئاسة بلدية إسطنبول، عبر إمام أوغلو عن شكره لكل من دعموه من سكان إسطنبول، مؤكدًا أن الانتخابات التي جرت اليوم سيكون لها وقع إيجابي على الديمقراطية في تركيا.
وتابع: "لدي الكثير من المشاعر التي تحتاج إلى صفحات للتعبير عنها، لكن ما يمكنني قوله الآن، شكرا للجميع، لا سيما من تحملوا عناء الوقوف على صناديق الاقتراع".
ووعد إمام أوغلو بنشر التسامح والعدالة في بلدية إسطنبول والقضاء على الغطرسة، معلنا بداية عهد جديد في إسطنبول وانتهاء عصر الانحياز والتفرقة، في إشارة للسيطرة السابقة لحزب أردوغان على مقدرات بلدية إسطنبول.
ومن أبرز المتنافسين الذين خاضوا جولة الإعادة، بن علي يلدريم، مرشحا عن "تحالف الشعب" الذي يضم حزبي "العدالة والتنمية" الحاكم و"الحركة القومية"، وأكرم إمام أوغلو، مرشحا عن "تحالف الأمة"، الذي يضم حزبي "الشعب الجمهوري" و"إيي" المعارضين، ومرشح حزب السعادة نجدت غوكتشينار، ومرشح حزب الوطن مصطفى إيلكر.
من جانبه، أقر دولت باهجه لي، زعيم حزب الحركة القومية التركي المعارض، حليف أردوغان، بهزيمة بن علي يلدريم، مرشح تحالفهما لرئاسة بلدية إسطنبول في الجولة المعادة من الانتخابات التي جرت اليوم الأحد.
وبحسب الموقع الإلكتروني لصحيفة "يني جاغ" المعارضة، قال باهجة لي تعليقًا على هذه النتائج "على الجميع احترام النتائج، وها هي جولة الإعادة التي شغلت تركيا لفترة طويلة قد انتهت، بعد أن تجلت الإرادة الوطنية التي عبر من خلالها الناخبون عن رغبتهم".
وتابع قائلا "صناديق الاقتراع شرف الديمقراطية، ومما يبعث على الفرح والسرور هو نسب المشاركة المرتفعة في تلك الجولة التي شهدناها اليوم".
وجرت العملية الانتخابية في 31 ألفًا و342 صندوق اقتراع في 39 قضاء في إسطنبول، ومن المنتظر أن يشارك فيها 10 ملايين و561 ألفًا و963 ناخبًا.