تحدي "الجلابية".. انتفاضة سودانية تعيد الحياة للزي التقليدي
السودانيون تباروا بمختلف أعمارهم لقبول "تحدي الجلابية" على "فيسبوك" وأظهروا مهارات متناهية في لبس زيهم التقليدي
بعد أن حاصرته أمواج الحداثة لسنوات، عادت الحياة للزي القومي السوداني "الجلابية"، بفضل انتفاضة قادها نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، تحت ميزة "تحدي الصور" التي يتيحها التطبيق.
وتبارى السودانيون بمختلف أعمارهم لقبول "تحدي الجلابية" وأظهروا مهارات متناهية في لبس زيهم التقليدي الذي طالما تراجع بفضل توسع الأجيال الجديدة في ارتداء البنطال وجميع ضروب الأزياء الأجنبية.
وتخلل الحملة استلهام الجلابية كأبرز تراث ثقافي للسودانيين، جسد له المطرب الراحل محمد وردي بكلمات الشاعر العملاق سيد أحمد الحردلو: "يا بلدي يا حبوب جلابية وتوب، سروال ومركوب"، تلك هي مكونات الزي الوطني في البلاد.
ويروي محمد قاسم 40 عاما، أنه قبل التحدي مع أصدقائه، لأنه يسعى لإعادة الزخم للجلابية حتى لا تندثر، إضافة لرغبته في تنبيه الأجيال الجديدة إلى القيمة المعنوية للزي القومي.
ويقول قاسم لـ"العين الإخبارية": "انطلق تحدي الجلابية بشكل عفوي من خلال ميزة تحدي الصور، لكن كان هذه المرة الموضوع هادفا وحظي بتفاعل كبير من جميع الأطياف السودانية".
وشارك في تحدي الجلابية فنانون ونجوم بارزون في المجتمع السوداني، واجتهد الجميع في إبراز طريقتهم المحببة في لبس الزي القومي ببلادهم، وهو ما أضفى مزيدا من الزخم على هذا الحراك.
ولم تقتصر الانتفاضة على الرجال في السودان، حيث كانت النساء والفتيات جزءا منها، عندما تحدين بصور آبائهن وأزواجهن وهم يرتدون الجلابية والعمامة.
ويرى "عبدالله إسحاق" وهو خريج جامعي، أن التعاطي الإيجابي والتفاعل الكبير مع تحدي الجلابية كان نتاجا لاستشعار الخطر الذي يحدق بالجلابية بعد أن هجرها طيف واسع من السودانيين نحو الأزياء الأجنبية والغربية.
ويقول إسحاق خلال حديثه لـ"العين الإخبارية": "كانت فرصة طيبة للتذكير بالجلابية التي ألفنا عليها أجدادنا".
ولم يعرف تأريخ محدد للجلابية ولكن اشتهر بها السودانيون والمصريون منذ القدم، وهي أشهر تراث ثقافي يميز شعب وادي النيل في جنوبه وشماله.
ويشير حسن إبراهيم، 54 عاما، وهو ترزي مختص في خياطة الجلابيات، إلى تراجع ملحوظ في الطلب على الزي السوداني الذي أصبح مرتبطا بالأعياد الدينية أو مناسبات الأعراس.
ويقول لـ"العين الإخبارية": "لم تعد الجلابية تحظى بنفس الاهتمام كما كان الحال في عقدين للوراء، حتى الأغنيات التي كانت تمتدح الزي السوداني اختفت من المشهد، وهذا مؤشر خطير للغاية".
وتتنوع الجلابيات، وفق إبراهيم، وتأخذ مسميات مختلفة فمنها "السواكنية" والتي يرتديها أهل شرق السودان وتشابه الزي الخليجي، و"علي الله" التي تشابه اللبس الباكستاني، و"المرقوعة" والتي يرتديها أهل الطرق الصوفية، وتكون من القماش البوليستر أو الحرير، وفي الغالب تأخذ اللون الأبيض.